أثارت الأنباء الواردة عن طلب قائد عملية الكرامة في
ليبيا، اللواء خليفة
حفتر، من
روسيا تزويد قواته بالأسلحة والذخائر؛ ردود فعل محلية ودولية، كون المجتمع الدولي حظر تسليح ليبيا منذ ثورة شباط/ فبراير 2011.
وذكرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، في وقت سابق، أن حفتر بعث برسالة إلى القيادة الروسية، يطلب فيها البدء توريد أسلحة ومعدات لقواته، وذلك عبر المبعوث الخاص لحفتر، عبد الباسط البدري، الذي التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، خلال زيارة إلى موسكو في 27 أيلول/ سبتمبر.
في حين نفت وزارة الخارجية الروسية الأمر، مؤكدة على لسان المتحدثة باسمها، ماريا زاخاروفا، ضرورة إعادة تقييم سلبيات وإيجابيات حظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا، إلا أن الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، رفض نفي أو تأكيد استلام طلب من حفتر بهذا الخصوص.
ونفت مصادر ليبية مقربة من حفتر لوكالة "سبوتنيك"؛ الأنباء التي تم تداولها حول الأمر، مؤكدة أن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن ومن المستحيل أن تخترق قوانينه بتوريد أسلحة إلى ليبيا، وفق ما نقلته الوكالة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتردد مثل هذه الأنباء، حول طلب حفتر تسليح قواته من روسيا، فقد قام الأخير بزيارة إلى موسكو في حزيران/ يونيو الماضي، والتقى خلالها بوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، وسكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، وشهد اللقاء بحث مسألة توريدات الأسلحة الروسية إلى ليبيا، حسبما أعلن السفير الروسي في ليبيا، إيفان مولوتكوف.
إعادة إنتاج
من جانبه، قال عضو المؤتمر الوطني السابق، محمد خليل الزروق، إن "هناك اتفاقا دوليا على إعادة إنتاج الأنظمة السابقة بعد إسقاطها في الثورة العربية، والوضع الملائم لليبيا لتحقيق هذا الهدف هو العسكرة، وقد وجدوا في حفتر ضالتهم".
وأضاف الزروق لـ"
عربي21": "اعتدنا من المجتمع الدولي التغاضي عن الانتهاكات، ولم نعد نسمع حديثا عن المعرقلين وتوقيع العقوبات عليهم، وحفتر كما هو معلوم رافض للاتفاق، وقد قابل الغرب هذا الرفض وهذه العرقلة بالتصريح بأنه يجب أن يكون له دور مهم في الحكومة المزمع تشكيلها".
وعبر الزروق عن اعتقاده بأن "هذا كله سيمكن من فتح الباب للروس ليكون لهم إسهام في تثبيت وضع يكون لحفتر فيه الدور الأبرز"، مستدركا بالقول: "لكن لا أظن أن ذلك سيصل إلى حد التدخل المباشر، فلا الروس قادرون عليه بعد تورطهم في الحرب على الشعب السوري، ولا المعسكر الأمريكي سيسمح لهم بذلك، فأغلب الظن أن الأمر سيقتصر على إسهام محدود ربما يتمثل في بيع السلاح والدعم الفني، وهناك تجارب تاريخية سابقة في مثل النوع من مناطق النفوذ الغربي التي يسمح فيها بإسهام روسي"، وفق تقديره.
ورقة سوريا
من جهته، رأى عضو المجلس الأعلي للدولة في ليبيا، موسى فرج، أن "روسيا كدولة كبرى تسعى دائما إلى توسيع نفوذها، وأثناء حكم القذافي كانت تحظى بعلاقات مميزة مع النظام الذي كان يستورد أغلب أسلحته منها مقابل دعم سياسي له في المحافل الدولية".
وأضاف لـ"
عربي21": "الآن روسيا تسعى للظفر بمكاسب في المنطقة، ولا تريد أن تترك المنطقة للنفوذ الأمريكي، واهتمامها بليبيا يأتي في هذا السياق، وفي إطار ما قد تتوصل إليه من تقاسم النفوذ مع أمريكا والغرب عموما، وقد تستعمل الورقة الليبية في تعزيز دورها في تسوية الأوضاع في سوريا بما يخدم مصالحها، وهي توظف الخلافات الليبية لصالحها كما أنها تستغل فترة الانتخابات الرئاسية في أمريكا".
وأوضح فرج أن "التجارب السابقة توضح بجلاء أنه كلما تم تدويل قضايانا وزجها في أتون الصراع الدولي على النفوذ، فإن ذلك يأتي على حساب مصالحنا"، كما قال.
وأضاف: "روسيا والغرب.. كل منهما يسعى لمصالحه السياسية والأمنية والاقتصادية، ويجدر بنا نحن الليبيين أن نستعيد زمام المبادرة فيما يخص قضايانا، والعمل على التوصل لصياغة حل سياسي من خلال الحوار بين أبناء الوطن، والبعد قدر الإمكان عن تدويل قضايانا".
دور مصر
وقال أمين عام المنظمة العربية لحقوق الأنسان - فرع ليبيا، عبد المنعم الحر، إن "روسيا لها علاقة وثيقة بالبرلمان الليبي في
طبرق، وقد سبق لحفتر زيارة روسيا، ومع ذلك نجد أن روسيا أيضا دولة عضو بمجلس الأمن الدولي الداعم للمجلس الرئاسي الموجود بالعاصمة طرابلس، لهذا إمكانية التنسيق بين الأطراف الليبية بشرق البلاد وغربها أمر من الممكن أن تلعب فيه الدبلوماسية الروسية دورا مهما"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"
عربي21": "كون العلاقات بين موسكو والقاهرة جيدة، فمن الممكن أن يكون لمصر دور ودعم ونفوذ أيضا بالمنطقة الشرقية من خلال تقريب وجهات النظر وإيجاد الحلول للأزمات العالقة بين البرلمان الليبي والأمم المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالملف العسكري الليبي".
لكن الناشط الحقوقي الليبي، عصام التاجوري، رأى من جانبه؛ أن ليبيا حاليا ليست ذات أهمية بالنسبة للروس، وأنها لا تعد ضمن مناطق النفوذ الروسية لا سابقا ولا مستقلا.
وأضاف لـ"
عربي21": "بخصوص السلاح الروسي، فهو كغيره من الدول المصنعة يقدم لمن يدفع أكثر، والموقف الروسي بخصوص ليبيا خجول بالمقارنة بموقفها من الملف السوري"، وفق تعبيره.