أخيرا أسدل الكونغرس الأمريكي الستار على مشروع قانون يقضي بمقاضاة
السعودية في ضحايا هجمات
أحداث 11 سبتمبر، والذي جاء تحت عنوان "جاستا" أو "العدالة ضد رعاة الإرهاب".
ورغم التحذيرات السعودية المتكررة بسحب استثماراتها وبيع أصول تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، من الولايات المتحدة حال إقرار القانون، لكن فشلت جهود الرئيس الأمريكي في إثناء الكونغرس عن موقفه وتم التصويت برفض "فيتو" الرئيس أوباما على مشروع قانون "جاستا".
لكن عمليا هل تعتزم السعودية اللجوء إلى هذا الإجراء الذي سبق وأن هددت به قبل ذلك حينما عرض مشروع القانون لأول مرة أمام الكونغرس الأمريكي؟
حصر الاستثمارات
عمليا لا يمكن أن تقدم السعودية على هذه الخطوة في الوقت الحالي الذي تشهد فيه جميع القطاعات الاقتصادية تراجعات كبيرة على المستوى العالمي، خاصة وأن حجم أصولها يقدر بعشرات المليارات فإن إقدام المملكة على هذه الخطوة في الوقت الحالي يكبدها خسائر فادحة، وذلك وفقا للخبير الاقتصادي المصري خالد الشافعي.
"الشافعي" أكد في حديثه لـ "عربي 21"، أن المملكة لا يمكن أن ترد على تصويت الكونغرس الأمريكي بهذه السرعة، خاصة وأن حصر الاستثمارات السعودية في أمريكا يحتاج إلى وقت طويل، إضافة إلى البحث عن مكاتب استشارات متخصصة في تصفية هذه الأصول.
أوضح أن الاقتصاد الأمريكي ربما يخسر كثيراً على المدى المتوسط والقريب، ولكن خسائر المملكة من عملية البيع ستكون أكبر على المدى الطويل، خاصة في ظل المشاكل التي تواجهها في الوقت الحالي بسبب تدني أسعار النفط وحرب اليمن التي كبدتها مبالغ طائلة ولم تنته حتى الآن.
تعويضات ضخمة
التشريع الجديد يوفر استثناء من قاعدة قانونية للحصانة السيادية في قضايا الإرهاب الواقع على أراض أمريكية مما يفسح الطريق أمام محاولات للحصول على تعويضات ضخمة من الحكومة السعودية.
حيث صوّت مجلس النواب الأمريكي على إبطال فيتو الرئيس باراك أوباما تجاه القانون بأغلبية 348 صوتا مقابل 77 صوتاً. كما صوت مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية ساحقة اليوم بتجاوز حق النقض "فيتو" الذي قدمه الرئيس "باراك أوباما" بخصوص مشروع قانون يسمح برفع دعاوى قضائية ضد ما وصفوه بدول راعية للإرهاب والحصول على تعويضات لصالح أسر الضحايا، وهو ما يعد بمثابة هزيمة تاريخية للبيت الأبيض.
كان "أوباما" قد نقض يوم الجمعة الماضي مشروع قانون يعرف باسم "العدالة ضد رعاة الإرهاب" أو "جاستا" الذي يتيح مقاضاة السعودية بزعم تورطها في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ردود أفعال سريعة
وفي أول رد فعل على التوصيت الأمريكي، هبط الريال السعودي بشكل متوسط مقابل الدولار الأمريكي في سوق المعاملات الآجلة اليوم الخميس.
وسجلت عقود الدولار أمام الريال لأجل عام - وهي تداولات مجدولة للتنفيذ بعد 12 شهرا من الآن - 550 نقطة في التداولات المبكرة ارتفاعا من إغلاق يوم الأربعاء عند 330 نقطة. وارتفعت حتى أعلى مستوى في ثمانية أسابيع عند 625 نقطة.
والريال السعودي مرتبط بالعملة الأمريكية عند 3.75 ريال للدولار في السوق الفورية ومن ثم تلجأ البنوك لسوق العقود الآجلة للتحوط من المخاطر.
وارتفعت تكلفة التأمين على الدين السعودي لخمس سنوات من مخاطر العجز عن السداد بشكل طفيف إلى 157 نقطة من 152. ولم يطرأ تغير يذكر على سعر الصكوك الدولارية الصادرة عن الشركة السعودية للكهرباء المملوكة للدولة وهو واحد من عدد قليل من إصدارات السندات الدولية القائمة للمملكة.
تهديدات سعودية
وفي وقت سابق كشف مسؤولون أمريكيون أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، هدد بأن بلاده ربما تبيع أصولا تقدر بمليارات الدولارات في أمريكا، إذا تم تمرير مشروع القانون الجديد.
وسعت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الضغط بقوة على الكونغرس لمنع تمرير مشروع القانون، وحذر مسؤولون كبار في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، الشهر الماضي، أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، من أن تمرير مشروع القانون، قد يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر.
غموض الأرقام
ورغم عدم وجود أرقام رسمية محددة لحجم وقيمة الأصول التي هددت المملكة ببيعها حال إقرار القانون، إلا أن التقرير السنوي الأخير لوزارة الخزانة الأمريكية يشير إلى أن حجم أصول السعودية في أمريكا تقدر بنحو 612.371 مليار دولار إلى جانب امتلاكها لسيولة حجمها 285.238 مليار دولار تضاف إلى امتلاكها لسندات دين آجلة بقيمة 264.768 مليار دولار وسندات دين عاجلة بقيمة 62.370 مليار دولار.
وتستثمر أرامكو السعودية بقطاع التكنولوجيا الأمريكي، بما في ذلك أسهم بشركة مانوميك بأركنساس. وتملك حصصاً أخرى في 8 شركات أمريكية أخرى. ورغم أن الرقم القريب للاستثمارات السعودية هو 750 مليار دولار، إلا أن الجزء الأكبر منها في الأصول المالية.
السعودية سوف تتضرر
وفي تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" حول إمكانية قيام المملكة ببيع أصولها، أوضح أن هذه الخطوة وإن تركت تأثيرا في الاقتصاد الأمريكي، إلا أن المتضرر الأكبر ستكون السعودية.
وقال التقرير إن المملكة العربية السعودية ضخت بعض أرباحها النفطية إلى الولايات المتحدة واشترت أصولا مالية واستثمارات تضم مصفاة نفط في بورت آرثر في تكساس، وأسهما قيمتها 10 ملايين دولار في شركة بأرنكساس لمواد التشحيم.
مشاكل مالية
لكن وفقاً للصحيفة فإن بيعا بالجملة سيؤدي إلى مشاكل مالية أو للشركات التي خسرت تمويلها. إلا أن الخبراء لا يعتقدون بأن تترك عملية البيع آثارا دائمة على الاقتصاد الأمريكي، خاصة وأن المستثمرين العالميين لا يزالون يحولون أموالهم إلى الولايات المتحدة، وإذا ما خرج السعوديون فسيحلَ محلهم آخرون.
وقللت الصحيفة من أثر بيع السعودية لأصولها المالية، والتي لا تشكل سوى نسبة قليلة من الأصول المالية المودعة في الولايات المتحدة، وقيمتها 14 تريليون دولار.
ويقول خبراء إن السعودية حال قررت بيع أصولها فمن المتوقع أن تبيعها بشكل تدريجي من دون إحداث اهتزازات في السوق.