عرفت
الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي، الأحد، تبادل العديد من الاتهامات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الوضع المتردي للمدنيين في مدينة
حلب السورية التي تتعرض لتصعيد عسكري منذ فشل الهدنة الأخيرة.
وقال مندوب موسكو لدى الأمم المتحدة، السفير فيتالي تشوركين، إن بلاده لم يعد بوسعها التعامل مع الجانب الأمريكي بشأن الأزمة السورية؛ "لأنهم يغيرون كلامهم"، فيما قالت المندوبة الأمريكية، سامنثا بارو، إن "روسيا لم ولن تقول الحقيقة مطلقا بشأن ما يحدث في
سوريا".
ووصفت باور العمليات العسكرية التي تشنها الطائرات الروسية وقوات النظام السوري علي حلب بأنها "البربرية بعينها"، مضيفة أن "ادعاء النظام السوري محاربة الإرهاب مجرد هراء".
وأردفت قائلة: "روسيا لم ولن تقول الحقيقة مطلقا بشأن سوريا، وإن ما تقوم به حاليا في حلب هو البربرية بعينها فالقنابل الحارقة التي تستخدمها روسيا وقوات النظام ترقى إلى جرائم حرب".
واعتبرت المندوبة الأمريكية في إفادتها إلى أعضاء
مجلس الأمن أن "(رئيس النظام السوري بشار) الأسد غير مكترث بما بقي من بلاده من أجل تحقيق حل للأزمة".
وشددت على ضرورة "تحرك مجلس الأمن الدولي بصوت موحد من أجل وضع حد للكارثة الإنسانية التي تشهدها حلب حاليا".
في المقابل، اعترض السفير الروسي، فيتالي تشوركين، على إفادة نظيرته الأمريكية، وقال لأعضاء المجلس إن "روسيا لا يمكنها التعامل مع الجانب الأمريكي بشأن الوضع في سوريا لأنهم يغيرون دائما كلامهم".
ودافع تشوركين بشدة عن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري في حلب، قائلا إن "هناك حملة دعائية يطلقها الإرهابيون من أجل تشويه سمعة الحكومة (نظام بشار الأسد)".
وأضاف: "القوات الروسية والسورية يسعيان إلى فتح ممرات آمنة في حلب منذ آب/ أغسطس الماضي، والطيران السوري يسعى فقط لإبعاد المدنيين عن الجماعات الإرهابية (..) إن المتمردين يعرقلون وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة والمدنيون الذين يستخدمون الممرات للخروج يروون فظائع يرتكبها عناصر الجماعات الإرهابية"، حسب إدعائه.
واتهم تشوركين واشنطن بدعم الجماعات الإرهابية في حلب وتزويدها بالسلاح، قائلا إن "أكثر من 200 ألف نسمة في حلب هم أسري لجبهة النصرة والجماعات الإرهابية، في حين تقوم واشنطن بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا وتزويدها بالسلاح"، على حد قوله.
واختتم تشوريكن مداخلته أمام أعضاء مجلس الأمن بالدعوة إلى "نهج جديد لبث الحياة في العملية السياسية"، متوجها بالسؤال إلى مبعوث الأمم المتحدة إلي سوريا ستيفان دي ميستورا: "أريد أن أسأل وأريد أن يجيب السيد دي ميستورا على سؤالي: من الذي لا يريد استئناف المفاوضات المباشرة بشأن الحل في سوريا؟".
خارطة طريق
من جانبه، طالب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الأحد، مجلس الأمن الدولي بإعداد "خارطة طريق" لتنفيذ بنود اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي توصل إليه وزيرا الخارجية الأمريكي والروسي بشأن سوريا في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، وإعلان هدنة لمدة 48 ساعة حتى تتمكن وكالات الأمم المتحدة الإنسانية من الوصول إلى شرق حلب.
وقال دي ميستورا في جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في حلب "إن الناس تموت بأعداد غفيرة في حلب وإن أوهام الحكومة السورية بتحقيق نصر عسكري وشيك هي أوهام محال تحقيقها في سوريا كلها بما في ذلك حلب".
وشدد المبعوث الأممي في الجلسة التي دعت إليها كل من الولايات المتحدة وبريطاني وفرنسا، أن "جميع الأطراف مسؤولة عن تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا"، محذرا من أن "الأسرة الدولية بما في ذلك مجلس الأمن، تفقد مصداقيتها لدى أطراف النزاع".
وأردف قائلا "أطالب مجلس الأمن بأن يحث أطراف النزاع على وقف العنف وفرض هدنة لمدة 48 ساعة للوصول الإنساني إلى شرق حلب (...) إن القصف الجوي الذي تشهده حلب يستهدف المرافق الطبية والمستشفيات كما أن محطة المياه في المدينة تم استهدافها".
وناشد دي ميستورا مجلس الأمن سرعة التحرك، مؤكدا أنه في حال تقديم استقالته من منصبه كمبعوث أممي فإن ذلك سيعد إشارة على إخفاق المنظمة الدولية والمجتمع الدولي في التوصل إلى حل.
نظام الأسد وإيران شريكان في جرائم حرب
فيما قال وزير خارجية فرنسا، جان مارك أيرو، الأحد، إن سوريا (نظام الأسد) وإيران قد تصبحان شريكتين في جرائم حرب إذا واصلتا إطالة أمد الحرب في سوريا.
وطالب أيرو البلدين اللذين وصفهما بأنهما داعمان للرئيس السوري بشار الأسد "بالاضطلاع بمسؤولياتهما من خلال التخلي عن هذه الاستراتيجية التي تقود إلى طريق مسدود".
وقال الوزير في بيان مكتوب "وإلا فسوف تصبح روسيا وإيران شريكتين في جرائم الحرب التي ترتكب في حلب"، في إشارة إلى القصف الذي تتعرض له المدينة السورية والذي أودى بحياة عشرات الأشخاص.
بدوره، قال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، ماثيو ريكروفت، الأحد، إن محاولات الولايات المتحدة وروسيا لإحلال السلام في سوريا "تقترب كثيرا جدا من نهايتها وعلى مجلس الأمن أن يكون مستعدا للوفاء بمسؤولياته".
القنابل الخارقة للتحصينات تدفع إلى العنف الوحشي بسوريا
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الأحد، إن "قصف حلب بالقنابل الخارقة للتحصينات يدفع العنف في سوريا إلى مستويات جديدة من الوحشية".
وأضاف "كي مون" في تصريحات للصحفيين بمقر المنظمة الدولية بنيويورك أن "التصعيد العسكري في حلب التي تشهد قصفا متواصلا ومكثفا منذ بدء الصراع السوري أصابني بالفزع. إن استخدام القنابل الحارقة يدفع العنف إلى مستويات جديدة من الوحشية".
وأردف قائلا "القتال أجبر المستشفيات والمدارس على العمل في الطوابق السفلية. هذه القنابل الخارقة للتحصينات تودي بحياة الناس العاديين الباحثين عن أي ملاذ أخير للسلامة. إن الاستخدام المنتظم للأسلحة العشوائية في المناطق المكتظة بالسكان هو جريمة حرب".
ولم يتطرق "كي مون" في كلامه إلى الجهة التي تستخدم القنابل التي ذكرها، إلا أن قوات النظام السوري والقوات الجوية الروسية تشن حملة جوية عنيفة متواصلة على أحياء مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة تسببت بمقتل وإصابة عشرات المدنيين منذ انتهاء الهدنة في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري (أبرمتها واشنطن وموسكو)، بعد وقف هش لإطلاق النار لم يصمد لأكثر من 7 أيام.
يذكر أنه سبق أن اجتمع مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، في إطار مباحثات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه لم يصدر أي قرار ملموس بسبب تبادل الاتهامات بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة.
كما عقدت "مجموعة الدعم الدولية لسوريا" اجتماعين خلال الأسبوع الحالي، وفشلت أيضًا في إصدار قرار بخصوص مواصلة وقف اتفاق إطلاق النار.
وتعاني أحياء مدينة حلب الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة حصاراً برياً من قبل قوات النظام السوري ومليشياته بدعم جوي روسي منذ أكثر من 20 يوماً وسط شح حاد في المواد الغذائية والمعدات الطبية يهدد حياة حوالي 300 ألف مدني موجودين فيها.