استأنفت الحكومة
المصرية، برئاسة شريف إسماعيل، أعمالها، السبت، بعد إجازة عيد الأضحى، التي استمرت أكثر من أسبوع، بلقاءات فردية بينه وبين أربعة وزراء تعاني وزارتهم من أزمات طاحنة، أبرزها
غلاء الأسعار، فيما تقدم محام ببلاغ للنائب العام، يتهمها فيه بـ"طحن الفقراء"، وهو ما تبرأ منه إسماعيل، مؤكدا أن غلاء الأسعار موسمي، الأمر الذي سخر منه كتاب بالقول: "أصبحنا أضحية الغلاء".
بلاغ ضد حكومة "طحن الفقراء"
تلقى النائب العام، نبيل صادق، السبت، بلاغا من المحامي تامر سيف، ضد رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل وأعضاء حكومته، يتهمهم جميعا بـ"طحن الفقراء"، واتخاذ سياسات خاطئة أدت لتدهور الأوضاع الاقتصادية، وفق وصفه.
وذكر البلاغ أن "حكومة شريف إسماعيل اتخذت سياسات تشكل ضغطا شديدا على فقراء مصر، من أجل النهوض بالاقتصاد، وتخطي الأزمة التي تشهدها البلاد على حساب محدودي الدخل"، بحسب البلاغ.
وأضاف مقدمه أن "حكومة إسماعيل شهدت فضائح ووقائع فساد كبرى، بداية من الارتفاع الجنوني في الأسعار، وتسريب امتحانات الثانوية العامة، وظهور مافيا القمح، وبرغم ذلك لم تعلن عن أي جهود لمكافحة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة".
والأمر هكذا، طالب المحامي تامر سيف، النائب العام، بإصدار قراره باستدعاء شريف إسماعيل، وسؤاله بصفته رئيس الحكومة عن جهود مكافحة الفساد داخل المؤسسات، والمسؤول عن الارتفاع الجنوني للأسعار، بحسب البلاغ.
إسماعيل يبرئ حكومته من الغلاء
وفي المقابل، برأ "إسماعيل" حكومته من المسؤولية عن ارتفاع الأسعار.
وصرح بأن الحكومة لا تألو جهدا من أجل استقرار الأسعار في الوقت الراهن، بعد الارتفاعات التي شهدتها مؤخرا.
وأكد، في تصريحات نقلتها صحيفة "الأهرام" الحكومية، السبت، أن الارتفاعات تحدث في أسعار بعض المحاصيل الموسمية، ولا تستمر في الأغلب.
وزعم أن هناك أكثر من خمسين سلعة معفاة من تطبيق
ضريبة القيمة المضافة، مشيرا إلى أنها سلع غذائية وأدوية، وأن الضريبة ليست على الغذاء، ولا الدواء، بحسب زعمه.
كتاب يسخرون: أصبحنا أضحية الغلاء
لكن ارتفاع أسعار السلع المختلفة، بما فيها أسعار الأضحية، التي سجلت أرقاما قياسية، دفع الكاتب الصحفي الموالي للانقلاب، سليمان الحكيم، إلى السخرية من الحكومة بالقول، عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "كنا نذبح الأضحية، ولكن بعد غلاء الأسعار أصبحت الأضحية هي التي تذبحنا.. أصبحنا أضحية الغلاء".
ومن جهته، كشف الرئيس السابق لتقرير "التنمية العربي"، أستاذ العلوم السياسية، نادر فرجاني، في تدوينة عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، عن الأساليب الملتوية للتجار في رفع الأسعار، في ظل انعدام القرابة الحكومية.
وقال فرجاني: "الغلاء الزاحف مستترا، مجتمع التجار الجشعين تفننوا في ستر الغلاء الداهم بأساليب ملتوية كثيرة".
وتابع: "كلكم الآن لاحظتم الطرق التي صارت معتادة.. عدم الإعلان عن السعر بداية إلا عند الدفع، والإبقاء على السعر مع تصغير العبوة، وتقليل كمية السلعة عن المعلن على العبوة، وتقليل جودة السلعة المباعة".
وأضاف: "وحتى بالنسبة للأسعار يلجأ بعضهم إلى رفع السعر بجرعات صغيرة متتالية"، مشيرا إلى أن سلعة مرتفعة الثمن يُرفع سعرها بمعدل 5% تقريبا كل أسبوعين قد يبدو معدلا قليلا لارتفاع السعر كل مرة، ولكن استمراره يعني مضاعفة السعر بالكامل في أقل من ستة شهور".
مواجهة الأزمات بالاجتماعات والتصريحات
وكانت الحكومة بدأت عملها السبت، وسط أزمات عدة تلاحقها، في مقدمتها أزمة الغلاء، وضبط الأسعار، خاصة بعد تطبيق قانون القيمة المضافة.
وبحسب موقع "انفراد" الإلكتروني"، بدأ مجلس الوزراء في رصد الآثار السلبية لتطبيق القانون، وجميع الزيادات المبررة وغير المبررة في السلع بعد تطبيقه، علاوة على ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الذي يقف على أبواب ثلاثة عشرة جنيها، وذلك عبر مركز معلومات مجلس الوزراء.
وتراوحت الزيادة في أسعار الغذاء بين 15% و20%، بعد تطبيق القانون، فيما رفع التجار أسعار الهاتف المحمول بنسبة 3% والتلفزيون والشاشات بنسبة 15%، فيما أسعار كروت شحن الهاتف المحمول بنسب مختلفة بعد تطبيق الضريبة المضافة.
والأمر هكذا، نقلت صحيفة "المصري اليوم"، السبت، عن مصادر حكومية مطلعة قولها إن رئيس الوزراء أجرى لقاءات عدة، نهار السبت، مع عدد من وزراء الحقائب الخدمية التي تشهد قطاعاتهم أزمات ترتبط بالمواطنين واقتصادات الدولة بشكل عام، لمتابعة هذه الأزمات، ووضع الحلول لها، وفق قولها.
وشملت الاجتماعات وزراء الزراعة والصحة والتجارة والصناعة والتموين، لبحث توافر السلع الغذائية الاستراتيجية في السوق المحلية، ومراجعة موقف الصادرات الزراعية.
توقعات قوية بارتفاعات جديدة في الأسعار بعد العيد
إلى ذلك، سادت توقعات قوية برفع أسعار الوقود وعدد من الخدمات بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى.
وذكرت تقارير إعلامية أنه سيتم رفع رسوم 14 خدمة كانت الحكومة طالبت البرلمان برفعها بالفعل، لتوفير 6.5 مليار جنيه.
ويشمل رفع الرسوم كلا من: استخراج شهادات الميلاد والرقم القومي وجوازات السفر وشهادات الوفاة والتسجيل العقاري ورخص القيادة ورخص تشغيل المشروعات ورسوم النظافة المدرجة ضمن فواتير الكهرباء ورسوم التوثيق بالشهر العقاري ووزارة الخارجية، فضلا عن رفع رسوم التسجيل بالجامعات ومصاريف الكتب المدرسية قبل بداية العام الدراسي، وزيادة أسعار توصيل المياه بنسبة 15%، ورفع مزيد من الدعم عن أسعار البنزين والسولار بنسبة 20%، للوصول إلى نسبة 65% ارتفاع في الأسعار شاملة الزيادة.
كما سيتم رفع أسعار المواصلات العامة والسكك الحديد، التي سيطبق عليها قانون "ضريبة القيمة المضافة" الذي رفع أسعار آلاف السلع.
6 قرارات حكومية مؤلمة للمصريين
وتعزيزا لتلك التوقعات، أكد رئيس تحرير صحيفة "الشروق"، عماد الدين حسين في مقاله بالصحيفة، الخميس، إقبال الحكومة على اتخاذ إجراءات وصفها بأنها صعبة لإنقاذ الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن ذلك بمثابة خمس أو ست ضربات في وقت واحد للحكومة لعدم تقبل الشعب هذه القرارات.
وأضاف حسين أنه من سوء حظ هذه الحكومة أنها مضطرة إلى اتخاذ أكثر من قرار مؤلم وغير شعبي، خلال فترة زمنية قصيرة جدا، موضحا أنها بدأتها بالفعل قبل أسابيع قليلة، حينما قررت زيادة أسعار الكهرباء بنسب تتراوح بين 15 إلى 30% لكل الشرائح بلا استثناء.
وزعم أن نظام حسني مبارك ظل سنوات طويلة يتقاعس عن الإصلاح، ويشتري صمت الناس، ويرحل الأزمة إلى الأمام.. والنتيجة أننا وصلنا إلى حالة شبه كارثية، لا يعلم إلا الله كيف سنخرج منها وبأي ثمن، وفق قوله.
وأوضح أنه في يوم الإثنين 29 آب/ أغسطس الماضي، أقر البرلمان قانون القيمة المضافة بنسبة 13%، وتم البدء في تطبيقها الأسبوع الماضي، لجمع 20 مليار جنيه في الشهور التسعة المتبقية في السنة المالية الجارية، التي بدأت في تموز/ يوليو الماضي.
وأردف أنه من المتوقع أن يؤدي تطبيق هذه الضريبة إلى زيادة في أسعار بعض السلع، وثبات سلع أخرى، وإلى انخفاض أسعار سلع ثالثة، إذا كانت إجراءات وآليات السوق تعمل بالفعل في مصر.
وتابع أنه في خلال أيام أيضا، وربما أسابيع، قد نشهد زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق والسكة الحديد.
وأشار إلى أن الحكومة قد تجد نفسها في الفترة المقبلة مضطرة إلى رفع أسعار بعض الخدمات أيضا، مثل الغاز والمياه.
وتابع بأن القرار الأصعب ربما يكون زيادة أسعار مختلف أو غالبية أنواع الوقود، خصوصا السولار، وإذا تم ذلك فإن سلعا كثيرة ستشهد زيادات متباينة.
واختتم حسين مقاله بالقول: "القرار الأصعب الآخر هو توحيد سعر الصرف أو تعويم الجنيه جزئيا أو كليا. ويعني عمليا تخفيض قيمة الجنيه المصري، وبالتالي فإن رواتب ومداخيل المصريين ومدخراتهم ستنخفض فورا بنسبة انخفاض الجنيه ذاتها أمام الدولار وسائر العملات الأجنبية".