السادس والعشرون من تموز/ يوليو من عام 2016 كانت أولى الخطوات التي رسمتها
الحكومة العراقية برئاسة حيدر
العبادي لمستقبل
الحشد الشعبي، حيث قررت في وقتها أن تتحول "فصائل الحشد الشعبي المسحلة"، إلى تشكيل عسكري مستقل مرتبط بالقائد العام للقوات المسلّحة، تلك الخطوة لاقت تأييدا أكيدا من فصائل الحشد الشعبي نفسها فيما اعترضت قوى سياسية عراقية أبرزها تحالف القوى والتحالف الكردستاني على هذا القرار، ليذهب سياسيون من كتل مختلفة بإنهاء وجود الحشد الشعبي فباعتقادهم أن بقاءه سيتسبب بنزاع كبير داخل الأراضي العراقية.
الخبير في الشؤون الأمنية واثق الهاشمي يقول لـ"
عربي21"، إنه في الوقت الحاضر ممكن التكهن بمستقبل الحشد لشعبي ما بعد التخلص من تنظيم
داعش فهو واضع في باله أن يدخل معترك العملية السياسية بسبب أن لديه قوى كبيرة ولها قاعدة جماهيرية لكنه سيواجه على الصعيد السياسي عدة تحديات تبدأ بتحالف القوى السني والتحالف الكردستاني الكردي بسبب تخوفهم من تحكمهم في السلطة وانتهاء بالتحالف الوطني الشيعي فهو يتخوف من الحشد لأنه يخشى من أن تسحب قياداته البساط منه في الانتخابات المقبلة بسبب ما قدمه من تضحيات وهذا ممكن أن يؤثر في الشارع العراقي ويكسب وده خاصة الشارع الشيعي.
وللمحلل السياسي كاظم المقدادي رأي آخر، فهو يخشى أن يكون هنالك صراع حقيقي ما بعد التخلص من "داعش" بين الحشد الشعبي وقوات أمنية أخرى كجهاز مكافحة الإرهاب فبعد أن نظم الحشد الشعبي بقانون بقرار من مجلس الوزراء أصبح قوة عسكرية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسحلة والجميع يعلم أن أغلب فصائل الحشد لديها ميول إلى إيران، فيما نجد أن جهاز مكافحة الإرهاب الذي هو الآخر مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة هو بإشراف ودعم حقيقي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فكيف يمكن أن يعملا وسط هذا التشظي في التوجه والإدارة؟
النائب عن تحالف القوى كاظم الشمري قال لـ"
عربي21"، إن بقاء واستمرار عمل الحشد الشعبي سيكون محط قلق عند الأحزاب التقليدية التي جاءت بعد العام 2003 وألزمت زمام الأمور في السلطتين التشريعية والتنفيذية وبالتالي نتوقع أن يكون هنالك صدام سياسي كبير بين هذه الأحزاب الكلاسيكية وبين من يحاول أن يقدم شيئا جديدا وبصورة وهوية جديدة.
وتابع الشمري: "إذا بقي الحشد على غرار الامتداد الإيراني بالتأكيد سيواجه معارضة ونقدا من الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية وحتى الإقليمية لأنها تضع في حسابها أن جزءا من الشارع الشيعي سيندفع إلى هذه الفصائل ويتعامل معها بواقعية".
أما "الحشد الشعبي" فمن جانبه لم ينف طموحه السياسي في العراق، خاصة بعد التخلص من داعش إلا أنه بدا حذراً في خطواته نحو هذا الهدف، ويقول المتحدث باسم الحشد الشعبي أحمد الاسدي في حديث لـ"
عربي21"، إن الحشد لم ينف نيته استلام جزء من السلطة في العملية السياسيّة، لا سيما بعد تهالك مشروعية الأحزاب والقوى الحاكمة بعد عام 2003 بسبب الفساد والفشل الحكومي وزيادة غضب الشارع.
وأشار الأسدي إلى أن الحشد ليس بالقوة العسكرية التي تقاتل وتتراجع إلى الثكنات، فهي مشروع استراتيجي وتعمل على استقرار العراق وتحريره من الإرهاب الفكري والمسلح، وبالنسبة إلى مستقبله فالعراق وحده من يحدد مستقبله لذا فإن العمل العسكري للحشد لا يمنع الطموح في السياسة.
إلى ذلك يؤكد المستشار السياسي لحكومة إقليم كردستان فرهاد بهجت في حديث لـ"
عربي21"، أن الجميع يعلم أن الجرائم التي ارتكبها مسلحو الحشد الشعبي في المدن السنية عند دخولهم كبيرة جدا، ولا ننسى الأحداث الأخيرة في الفلوجة عندما قام الحشد الشعبي باعتقال 7 آلاف من أهالي الفلوجة وحجزهم، ومات كثير من هؤلاء بسبب الحر الشديد والتعذيب والظروف القاسية.
ويلفت بهجت إلى أن لدى العراق قوات كافية من الجيش والشرطة الاتحادية، بالإضافة إلى 65 ألف من قوات البيشمركة التي حققت في الفترة الأخيرة الكثير من الانتصارات، لذا لا نحتاج للحشد الشعبي في المستقبل ويجب أن يحدد ويعاد التفكير في قرار ربطه بالقائد العام للقوات المسلحة.
والفصائل البارزة والمعروفة اليوم في الحشد الشعبي هي "سرايا السلام" التي يقودها "التيار الصدري"، و"سرايا عاشوراء" الخاضعة لأوامر المجلس الأعلى الإسلامي، و"عصائب أهل الحق" وزعيمها الشيخ قيس الخزعلي المنشق عن جيش المهدي و"كتائب حزب الله" المقرّبة من "حزب الله" اللبناني، و"منظمة بدر" ويقودها النائب هادي العامري وهو رئيس هيئة الحشد الشعبي، وتلك الفصائل اليوم تقاتل في مناطق مختلفة من الأراضي العراقي.