لولا تخاذل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في قضية استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيميائي بحق الشعب السوري قبل أعوام، لكان الأسد اليوم خلف قضبان سجن العدالة الدولية. وحتى هذه اللحظة لا يزال هذا النظام متورطا في جرائم موصوفة، كان آخرها قبل أيام عندما دعت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على دمشق، بعدما أكد التحقيق أن جيش الأسد شنّ هجومين كيميائيين في عاميّ 2014 و2015 على بلدتين في محافظة إدلب هما تلمنس وسرمين. وكالعادة برز الفيتو الروسي في مجلس الأمن ليحمي القاتل.
في الساعات الماضية، أصدر القاضي آلاء الخطيب القرار الاتهامي في قضية تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، وقد تضمن القرار تسمية ضابطين في المخابرات السورية مخططين ومشرفين على عملية التفجير، وهما النقيب في فرع فلسطين في المخابرات السورية محمد علي علي والمسؤول في فرع الأمن السياسي في المخابرات السورية ناصر جوبان. وليس هناك من حاجة للتفتيش عمن يجب أن يوجه إليه الاتهام لإصداره الأمر بتنفيذ الجريمة المزدوجة، التي أدت إلى ستشهاد أكثر من 45 وجرح 500 آخرين في 23 آب 2013، على رغم ان القرار الاتهامي للقاضي الخطيب يقول، "إن الامر قد صدر عن منظومة أمنية رفيعة المستوى والموقع في المخابرات السورية".
في السجن يقبع الوزير السابق ميشال سماحة في قضية نقل متفجرات لتنفيذ مخطط إرهابي في الشمال أيضا، أما البطل الحقيقي للمخطط فهو اللواء السوري علي المملوك الذي يداوم خلف مكتبه في دمشق. لكن في كلتا قضيتيّ المسجدين وسماحة، نحن أمام الأسد الذي يتحمّل المسؤولية مباشرة.
في تغريدته أمس عبر حسابه على تويتر قال الرئيس سعد الحريري: "... سنتابع جهود إلقاء القبض على المتهمين من أدنى قتلتهم إلى رأس نظامهم المجرم". والطريق إلى هذا القصاص العادل معروف في كل الشرائع الدولية. ولنا شاهد هنا، هو المطالبة المستمرة بالاقتصاص من الرئيس الليبي معمّر القذافي؛ جراء ارتكاب أجهزته إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه قبل 38 عاما، على رغم ان القذافي أصبح تحت التراب.
قبل أيام كشف النائب مروان حمادة أن وزير الأشغال السوري حسين عرنوس، بعث إليه ببطاقة دعوة لحضور معرض إعادة إعمار سوريا في 7 أيلول الحالي بدمشق، في حين كان حمادة يتلقى سابقا مذكرات جلب بحقه من النظام السوري. لا ضير في أن يخطو القضاء اللبناني خطوة في اتجاه إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحق الأسد. وإذا كان هناك من وسيلة لتنفيذ المذكرة، فلتكن على شاكلة بطاقة دعوة إلى حضور جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على أن يكون القضاء اللبناني في انتظار الأسد لتوقيفه. قد يكون هذا الكلام ضربا من الخيال، لكن الواقع هو أن الطغاة يتساقطون، والأسد لن يكون استثناء وهو من دمّر سوريا.
النهار اللبنانية