شكل
انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من
مستوطنات قطاع غزة في 15 من أيلول/ سبتمبر 2005؛ نقطة تحول هامة في تاريخ هذه المناطق التي باتت تعرف بـ"المحررات"، حيث أصبحت بيئة خصبة لإنشاء المشاريع التنموية في المجال الزراعي والصناعي، وإنشاء المدن الإسكانية، والمرافق الأساسية، والمتنزهات العامة التي يحتاجها القطاع.
وبحسب الإحصائيات المنشورة عن سلطة الأراضي الفلسطينية، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن إدارة هذه المناطق؛ فقد بلغت مساحة "المحررات" 15 ألف دونم، موزعة على 21 مستوطنة كانت تتركز بشكل أساسي في الشريط الساحلي لقطاع غزة منذ عام 1967.
ولكن مواطنين من قطاع غزة؛ اشتكوا لـ"
عربي21" من سوء إدارة الحكومة لمناطق المحررات، متهمين إياها بالتركيز على المشاريع الزراعية، التي يرون أنها تساهم بأقل من غيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى، كالصناعة والإنشاءات، في دفع عجلة الاقتصاد الراكد منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع في العام 2006.
مشاريع إسكانية
من جانبه؛ أكد مدير عام الإدارة العامة للمحررات في سلطة الأراضي الفلسطينية، محمد الشاعر، أهمية المشاريع التي أقيمت في المناطق التي انسحب منها الاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى أنها "أحدثت حراكا في اقتصاد القطاع الراكد، وخاصة في المجال الزراعي، وليس إنعاشا" نظرا لعقبات الحصار وإغلاق المعابر، اللذين أثرا على عملية تصدير المنتجات التي تزرع في تلك الأراضي، بحسب قوله.
وقال لـ"
عربي21" إنه "تم تخصيص مساحات كبيرة لإقامة
مشاريع إسكانية، كما حدث في مدينة الشيخ حمد القطرية في خانيونس، والحي السعودي الأول والثاني في مدينة رفح؛ بتمويل من وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومشاريع إسكانية أخرى بتمويل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية".
وتابع الشاعر: "أضف إلى ما سبق؛ تخصيص مئات الدونمات للمواطنين الذين يرغبون في استثمارها بنظام الاستئجار، وحتى التمليك لمن يملك سببا يدعوه لذلك".
من جهته؛ اتفق مدير عام التخطيط في وزارة الحكم المحلي، بلال الخطيب، مع آراء المواطنين حول تركيز الحكومة على الاستثمار الزراعي، حيث أكد أن "المشاريع الزراعية كانت الأكثر انتشارا وبروزا في أراضي المحررات"، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك "محاولة الوصول للاكتفاء الذاتي، ووقف الاستيراد من الاحتلال الإسرائيلي".
وقال لـ"
عربي21" إن "هناك استثمارا زراعيا يقدر بسبعة آلاف دونم، لزراعة محاصيل مكشوفة متنوعة، وألفين و500 دونم أقيمت عليها دفيئات زراعية لمحصول المانغا والتفاح واللوزيات وغيرها" في المناطق التي انسحب منها الاحتلال الإسرائيلي.
وتبلغ مساحة قطاع غزة 365 كلم مربع، ويقطن فيه قرابة 1.9 مليون نسمة حتى النصف الأول من العام الحالي، بحسب إحصائيات دائرة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية.
أزمات متراكمة
ويعاني القطاع من أزمة واضحة في الوحدات السكنية، حيث عبّرت وزارة الأشغال الفلسطينية عن ذلك بقولها، إن قطاع غزة يحتاج الى 100 ألف وحدة سكنية في الخمس السنوات القادمة.
ويضاف إلى هذه الأزمات التي يعاني منها القطاع؛ أزمة البطالة والفقر التي وصلت إلى مستويات قياسية، وبحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني؛ فقد وصل معدل البطالة للعام الحالي إلى 64 بالمئة، أما معدل الفقر فقد وصل إلى 54 بالمئة.
وتساهم برامج التشغيل في "المحررات" بتوظيف 350 عاملا فقط، وقد يصل العدد إلى 500 في حالة وجود وفرة في المحصول، بحسب تصريحات صحفية لمدير عام التخطيط في وزارة الحكم المحلي.
الأهمية الاقتصادية
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، إن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة "إنجاز فلسطيني ذو أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، حيث أتاح ذلك الانسحاب تمكين المواطنين والتجار من التحرك بيسر وسهولة داخل المدن؛ دون وجود الحواجز التي كانت عائقا رئيسا في عملية التنمية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "مناطق المحررات كانت بمثابة ثروة لقطاع غزة، نظرا لخصوبتها، ووفرة المياه العذبة فيها، وقربها من الساحل"، دون أن "يكون هنالك استغلال أمثل لها".
وأشار رجب الى أنه "كان من المفروض أن تتم إدارة هذه المناطق من قبل المسؤولين عنها؛ من خلال دراسات علمية، وتخطيط مركزي من قبل جهات الاختصاص، للوصول إلى أقصى منفعة لها، وضمان مستقبل الأجيال القادمة".