علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على التوغل التركي في الأراضي السورية، الذي بدأ يوم الأربعاء، بدعم من الطيران الأمريكي، بأنه تلخيص جيد للتعقيد المثير للغضب للسياسة الخارجية التي تمارسها واشنطن.
وتقول الصحيفة إن "الهدف الرئيسي المعلن للعملية هو إخراج
تنظيم الدولة من آخر معاقله القوية، وقطع طرق الإمداد قرب الحدود السورية التركية، ودفع هذا الهدف
تركيا لأن تكون منخرطة أكثر في الحرب ضد تنظيم الدولة، وهو ما يصب في مصلحة الولايات المتحدة، إلا أن هذا الأمر يضيف تعقيدا كبيرا على الوضع".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "الأولوية التركية الرئيسية طوال الحرب السورية، هي منع
الأكراد السوريين من الاقتراب إلى حدودها؛ خشية قيامهم بتقوية المتمردين الأكراد في جنوب تركيا، ومن هنا، فإن هدف تركيا من تطهير مدينة جرابلس من مقاتلي تنظيم الدولة كان منع المقاتلين الأكراد، وهم حلفاء أمريكا في
سوريا، من الدخول إلى البلدة".
وترى الصحيفة أن الأهداف المتنافسة في سوريا كانت وراء توتر العلاقات التركية الأمريكية، وانخفاضها إلى مستوى متدن.
ويلفت التقرير إلى أن "الميول الديكتاتورية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحملة القمع المبالغ فيها التي تبعت محاولة الانقلاب الفاشلة، أدت إلى حالة من عدم الارتياح في واشنطن والعواصم الغربية، وكان رد الولايات المتحدة البطيء على المطالب التركية بتسليم رجل الدين فتح الله غولن، الذي يعيش في بنسلفانيا، والمتهم بتدبير المحاولة الانقلابية، مصدرا لزيادة المشاعر المعادية للولايات المتحدة".
وتعتقد الصحيفة أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما محقة في ضوء هذه المصالح المتناقضة، بالتركيز على تنظيم الدولة ومحاولة هزيمته، بالإضافة إلى منع تدهور العلاقات مع تركيا أكثر، لافتة إلى أن هذه السياسة مهمة، خاصة أن تركيا هي مقر قاعدة إنجرليك المهمة للعمليات الأمريكية ضد الجهاديين، بالإضافة إلى أن تركيا، إلى جانب روسيا وإيران، يجب أن تكون جزءا من أي حل لوقف الحرب الأهلية السورية.
وينوه التقرير إلى أن زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأربعاء، التي تزامنت مع بدء الحملة العسكرية، كانت تهدف إلى تلطيف العلاقة المضطربة بين البلدين، مشيرا إلى أن بايدن عبر عن لهجة تصالحية، واعتذر لأردوغان؛ لعدم زيارته أنقرة مباشرة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، ولم يقل أي شيء علنا حول حملة الاعتقالات التي شنتها الحكومة التركية عقب الانقلاب الفاشل، وأكد أن الولايات المتحدة تتعامل بجدية مع مطالب تركيا بترحيل غولن، مؤيدا إصرار تركيا على بقاء الأكراد في منطقة شرق الفرات.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "هناك كثيرين كانوا يفضلون لو تحدث بايدن بطريقة مختلفة، وعبر عما يعتقده معظم المسؤولين الأمريكيين، وهو أن حملة القمع التي يقوم بها أردوغان تبدو محاولة لإسكات المعارضة، وأن تركيا تصرفت بطريقة صارخة، ولم تتحرك لوقف الحديث عن نظريات المؤامرة التي تربط الولايات المتحدة بالمتآمرين، وأنها لم تقدم أدلة قوية تدين غولن بالمحاولة الفاشلة، فتصرفات أردوغان هذه تجعله حليفا لا يمكن الوثوق به".
ويجد التقرير أنه "رغم ذلك، فإن إدارة أوباما محقة ببذل الجهود للحفاظ على العلاقات مع تركيا، ومنعها من التدهور، فهي حليف مهم في الناتو في منطقة من أكثر مناطق العالم التهابا، وفيها مخازن نووية للحلف".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالقول إن "إدارة أوباما كانت واضحة في التعبير عن موقفها من التحالف مع تركيا، لكن يجب ألا يكون هذا تفويضا مطلقا لأردوغان لينتهك حقوق الإنسان، ويضطهد أعداءه السياسيين".