قالت الكاتبة البريطانية نتالي نوغايريد إنه "في الوقت الذي تعاني فيه
أوروبا من الهجمات الإرهابية، فإن
حلب تواجه كابوسها الخاص"، مشيرة إلى وجود ترابط بينهما.
وقالت نوغايريد، في مقال لها نشرته صحيفة "الغارديان"، الاثنين، إن الصلات بين هذين الحادثين ليست مجرد مصادفة، "فبينما استخدمت القنابل والأسلحة والسكاكين في فرنسا وألمانيا، فقد وقعت عملية عسكرية كبيرة لحصار حلب، وربما تجويع، الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الثوار"، بحسب تعبيرها.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الحالة مفهومة، "فعندما تحل المخاوف الأمنية والمصاعب السياسية، فإن من الصعب النظر عن قرب"، مؤكدة أن تبعات حلب لن تكون إيجابية لكل من سكانها وسكان أوروبا.
وأوضحت الكاتبة أن سبب ذلك هو أن تنظيم الدولة لا يمكن هزيمته عسكريا فقط في
سوريا والعراق، أو أمنيا في أوروبا، بل عبر إلغاء سبب الجذب الذي يعتمد عليه التنظيم لتجنيد الشباب المهزوزين المسلمين السنة في الشرق الأوسط وكل مكان في العالم، مشيرة إلى أن مجازر نظام الأسد خلال السنوات الخمس الماضية، وفشل المجتمع الدولي لإنهائها أو وضعها تحت المحاسبة، "كان سببا كبيرا للتطرف الذي يدمي أوروبا اليوم"، بحسب تعبيرها.
وتابعت نوغايريد بقولها إن أي أوروبي يتذكر التسعينيات عليه أن يفكر بالارتباط بين حصار سراييفو ومجزرة سربرنيتشا قبل 21 عاما، حيث قال مسؤول أممي: "في التسعينيات قلنا إن هذا لن يتكرر، لكن حلب اليوم هي سربرنيتشا الجديدة"، داعية أولئك المتعاطفين مع اللاجئين إلى إيقاف المجازر الجماعية التي تسبب معاناتهم، ومساءلة الاستراتيجيات الغربية الفاشلة التي تركز على قتال تنظيم الدولة، بدل حماية السوريين.
"أكبر تهديد لأوروبا"
ودعت الكاتبة البريطانية إلى مساءلة روسيا حول تحركاتها في سوريا لأن تبعات دعمها للأسد تمثل "أكبر تهديد لنظام أوروبا الليبرالي الديمقراطي"، إذ إن احتلال حلب سيتسبب بمزيد من التطرف، وسيزيد الغياب السياسي في سوريا غضب السنة الذي تعتمد عليه تنظيم الدولة، ما يعني مزيدا من الإرهاب في أوروبا، وتوفير أرض خصبة للحركات اليمينية التي تريد تقويض المبادئ الديمقراطية الأساسية.
وقالت الكاتبة إن تجاهلنا في التركيز على معاناة السوريين سيطاردنا يوما، "فبدل القلق حول صور الإرهابيين الجهاديين المنشورة في صحفنا، فإن علينا أن ننتبه للصورة الأعرض في الشرق الأوسط التي تؤدي إلى اضطراب مجتمعاتنا في أوروبا، ومحاولة تجاوز الصعوبة في تغطية سوريا ومعاناة سكانها"، بحسب قولها.
"لا يوجد أجوبة بسيطة"
وقالت نوغايريد إنه لا يوجد أجوبة بسيطة للفوضى في الشرق الأوسط، لكنّ بناء الوعي بأن أمن أوروبا لا يمكن فصله عن مسألة حماية المدنيين في سوريا لا يجب فصلهما.
وأشارت الكاتبة إلى أنه في العقود الأخيرة، عندما حصلت حروب رواندا والبلقان والعراق، فقد عانت أوروبا مثلما تعاني اليوم من حرب سوريا، مؤكدة أن استمرار قصص حلب، ستنقل حلم سوريا البعيد ببلد ديمقراطي مسالم يخرج من الركام إلى سوريي المهجر في أوروبا.
واختتمت الكاتبة بالقول إن القوى التي تحاصر حلب تعتمد على اختلافاتنا كما تعتمد على قوتها العسكرية، مستدلة بـ"الممرات الإنسانية الآمنة"، التي تسعى إلى تضييق الخناق من أجل تحويل الدولة إلى أداة قمع (مثلما جرى في حرب الشيشان)، كما أنها تسعى لتشتيتنا، بالاعتقاد، غير الموجود، بأن مدى انتباهنا وتعاطفنا مع الضحايا البعيدين محدود.