ذكرت صحيفة "ميل أون صاندي" أن والدة الشاب الإنجليزي جاك ليتس، سالي لين (54 عاما)، قالت إن ابنها، الذي ذهب إلى
سوريا، وإن لم يقدم أدلة عن الوقت الذي قضاه هناك، إلا أنه تحدث عن عمله بصفته مدرسا للغة الإنجليزية، بالإضافة إلى عمله في المدارس والمستشفيات.
وينقل التقرير عن سالي قولها: "حاولنا قدر الإمكان ألا ينزلق إلى
الإرهاب أمام ناظرينا، لكن حقيقة أنني طلبت تأكيدات بأنه ليس إرهابيا، استخدمت ضدنا، وقالوا إن الأموال التي حاولنا إرسالها له قد تستخدم لأغراض إرهابية".
وتشير الصحيفة إلى أن جاك سافر إلى سوريا العام الماضي، بعد سفره إلى الأردن، ومنه إلى الكويت؛ بذريعة تحسين لغته العربية، حيث دعمت العائلة خططه، بعد معاناته من مرض نفسي، لافتة إلى أنه أثناء مرحلة مرضه النفسي تعرف، كما تقول والدته، على أصدقاء مسلمين في المدرسة، وتأثر بهم، واعتنق في سن السادسة عشرة الإسلام، وتقول: "قابلتهم وبدوا شبابا طيبين، وأعتقد أنهم أعجبوا بشاب أبيض يريد اعتناق الإسلام"، وتضيف: "انقلبت حياته رأسا على عقب؛ بسبب مرضه النفسي، وفي اعتناقه الإسلام لقي دعما".
ويكشف التقرير عن أن أحد أصدقاء جاك المسلمين أخبر والده، بعد سفره إلى سوريا، بأنه تعرض للتشدد على يد صومالي اسمه عبدالله، كان يتردد على مسجد أوكسفورد، حيث بحث جون، والد جاك، عن عبدالله، وواجهه بالتهمة، فأنكر أن تكون له علاقة بالإرهاب أو بتشدد جاك، لافتا إلى أن جون بلغ الشرطة عن عبدالله، التي قالت إنها تعرفه.
وتلفت الصحيفة إلى أن جاك درس اللغة العربية وتعلمها في ستة أشهر، معتمدا على ذاكرة حفظه القوية، حيث تقول والدته: "كان يتعلم الصلاوات والشعائر الدينية بطريقة مكثفة، وكان يريد أن يصبح مسلما بالكامل"، مشيرة إلى أن الحرب السورية أثرت في جاك؛ نظرا لتأثره بالتربية السياسية في بيته، حيث يتذكر جون عندما أخذ جاك وعمره سبعة أعوام، للمشاركة في التظاهرة المليونية ضد خطط توني بلير للمشاركة في غزو العراق، ويعلق جون قائلا إن جاك "هو ضحية أخرى لسياسة بلير الخارجية"، ويضيف أن جاك "أراد مساعدة اللاجئين أولا، وشعر بالقرف من ممارسات النظام السوري، وفشل الغرب في التدخل، حيث قضى أسابيع يعمل مع منظمة (أوكسفام)، لكنه تحدث عن العيش والعمل في الشرق الأوسط".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن سالي قولها: "قال إنه يريد السفر إلى الأردن، والإقامة مع صديق له من أوكسفورد، عانقناه، وودعناه، وقلنا له سنلتقي بعد 10 أيام"، مشيرا إلى أن اليوم كان 14 أيار/ مايو 2014، حيث لم ير جون وزوجته ابنهما منذئذ، فبعد أيام في الأردن سافر إلى الكويت لدراسة اللغة العربية، وأرسلت له العائلة بعض المال؛ لدفع اقساط الدراسة.
وتفيد الصحيفة بأنه بعد ذلك، ودون أي مقدمات أو إشارات، تلقت والدته مكالمة منه، وكان يتحدث عبر خط اتصال سيئ، وقال: "أمي أنا الآن في سوريا"، و"بعدها انقطع الخط"، حيث أصبحت المكالمات متقطعة منذ ذلك الحين؛ لأنه لم يعد يملك هاتفا، ويقوم باستعارة واحد من زملائه هناك.
وينوه التقرير إلى أن سالي تقول إن بعض التقارير الصحافية غير صحيحة، من مثل أنه تزوج وأنجب ولدا، وأنه يدعى الآن بأبي محمد، حيث تعتقد العائلة أنه تزوج فتاة عراقية، وتضيف سالي: "لقد غضبت لأنه لم يخبرنا بولادة ابنه، وعندما سألته إن أصبحت جدة، ضحك ونفى، وقال إن الخبر من فبركة الإعلام"، مشيرا إلى أن جاك يقول إن القصص التي تم تداولها عنه كلها جاءت بسبب تعرض حسابه للقرصنة.
وتذكر الصحيفة أن من بين المزاعم التي ظهرت على حسابه سخريته من ضحايا هجوم باريس، وثناءه على قتلة الجندي البريطاني لي ريغبي، لافتة إلى أن جاك لا يزال في وضع خطير في سوريا، حيث إنه قال لأهله في آخر رسالة له: "لو قتلت الليلة، فإن هذه ستكون آخر كلماتي للعالم"، وأكد فيها إيمانه وحبه لأمه وأبيه، وبعد يومين من الخوف، تلقى والداه رساله تؤكد أنه لا يزال حيا، حيث يقول جون: "طلب منا اعتناق الإسلام، وقال إنه عندما كان صغيرا كان يتساءل عن إمكانية اللقاء في الجنة، وهو يأمل الآن أن نلتقي يوما في الجنة".
وبحسب التقرير، فإن جاك ينتمي إلى عائلة متوسطة، حيث إن والده جون خبير تغذية، حظيت منتجاته بثناء من ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، أما والدته سالي فتعمل محررة في دار نشر، منوها إلى أن الوالدين اعتقلا؛ بتهمة محاولة إرسال مساعدة مالية لابنهما الذي سافر إلى سوريا، وسجنا قبل أن توافق المحكمة على إطلاق سراحهما بكفالة الشهر الماضي، وينتظران الظهور أمام المحكمة العام المقبل.
وفي المقابلة مع الصحيفة، كشف جون وسالي عن معاناة عام ونصف من مضايقات الشرطة، حيث تعيش العائلة في غراندبونت جنوب أوكسفورد، وهي المنطقة التي يقال إن فيها حملة شهادات دكتوراة أكثر من أي مكان في إنجلترا، مشيرة إلى أن سالي كانت توزع عملها ما بين دار نشر "هاينمان" ودار جامعة أوكسفورد للنشر من جهة، ومنظمة "أوكسفام" من جهة أخرى، أما زوجها جون فقد استخدم خبرته الأكاديمية في مجال الزراعة العضوية.
ويستدرك التقرير بأن حياة والدي جاك الهادئة قلبت رأسا على عقب، عندما قامت وحدة مكافحة الإرهاب بمداهمة بيتهما في 31 آذار/ مارس 2015، حيث كانا يعرفان أنه في سوريا، وتلقيا مكالمة قبل ستة أشهر عن وصوله إلى هناك، وقاما بمناقشة وضعه مع خبراء مكافحة الإرهاب التابعين للحكومة، ولم يتوقعا مداهمة الشرطة للبيت، وقال الوالدان إنهما سألا المحققين عن أدلة على ارتباط ابنهما بالإرهاب، الذي أكد لهما أنه لا يقاتل مع
تنظيم الدولة.
ويقول جون للصحيفة: "لو ارتكب جاك فعلا خطيرا، ولو كان إرهابيا، فإنني أريد ان أعرف، وسأكون أول من يشجبه؛ لأنه لم ينشأ بهذه الطريقة"، حيث إن كل ما قدم لهما صفحة "فيسبوك" الخاصة به ومراسلاتهما معه، ويضيف أنه "لا يوجد ما يشير إلى أنه إرهابي، وهناك بعض التقارير التي زعمت أنها من
جاك الجهادي، إلا أن حسابه على (فيسبوك) تعرض للقرصنة، كما يقول".
ويبين التقرير أن وحدة مكافحة الإرهاب اهتمت ببيت سالي وجون، وقامت بتفتيشه بشكل كامل، وصادرت أجهزة الحاسوب، ومنها واحد لابنهما تيلور، الذي حرم من مراجعة دروسه قبل امتحانات الثانوية في وقت قصير، حيث واصلت العائلة الاتصال مع جاك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه حالته كانت سيئة، وقال إنه يشعر بالبرد، ولا يوجد مال معه، ولا يمكنه مواصلة التسول من المقاهي "يمكنك ملاحظة اليأس في كلامه"، مشيرا إلى أنه عندما اتصل والدا جاك مع مسؤول الشرطة، الذي ينسقان معه، وسألا إن كان بإمكانهما إرسال مال له، كانت الإجابة "(نعم)؛ لأنه لا توجد محكمة في البلاد تعاقب والدين على مساعدتهما ابنهما"، وقاما بتحويل المال، رغم سحب الموافقة بعد يومين.
ويقول والدا جاك للصحيفة: "قررنا عمل ما يمكننا فعله لإنقاذ ولدنا، واكتشفا أن هناك شيئا غير طبيعي، عندما وصلت رسالة من جاك تسأل أين المال"، واعتقل جون وسالي في مداهمة فجر يوم 5 كانون الثاني/ يناير، حيث كان جون في الفراش شبه عار، وقيل له إنه لن يستطيع حتى ارتداء ملابسه، وتقول سالي: "لقد كان أمرا صادما؛ لأننا نعرف الضباط منذ فترة، وهم الذين فتشوا البيت، وتناولوا الشاي، والآن سأل أحدهم جون إن كان سيذهب بهدوء أو أن يتم تقييده"، حيث وضعا في زنزانة قبل أن يحقق معهما بشكل منفصل، وتقول سالي: "لقد أجبنا على الأسئلة كلها، وتعاونا بشكل كامل".
ويورد التقرير أنه بعد أشهر وجهت لوالدي جاك تهما بناء على قانون مكافحة الإرهاب عام 2000، ورفضت المحكمة الإفراج عنهما بكفالة، لافتا إلى أنهما يعيشان منذ خروجهما من السجن كابوسا، حيث أغلق المصرف حساباتهما، بعد تعاون دام 25 عاما، ودون إبداء سبب، وطلبت منهما الشركة التي استأجرا منها البيت إخلاءه؛ خشية الدعاية السيئة، دون إبلاغ صاحبة البيت التي قالت لهما إنه يمكنهما البقاء، وأحبرت سالي على ترك العمل، وانهار عمل جون.
وتكشف الصحيفة عن أنه عندما عرض صديقان لجون مساعدته لدفع بعض الديون، حذرتهما وكالة مكافحة الإرهاب بأنهما سيتعرضان للمساءلة إن فعلا ذلك، لافتة إلى أن جون وسالي اكتشفا أن بريدهما الإلكتروني مراقب، حيث إن الطريقة الوحيدة لمعرفة مكافحة الإرهاب بعرض الصديقين هي التجسس على بريدهما، وتم إخبارهما بأنهما لا يستطيعان دفع الأجرة مباشرة لصاحبة البيت.
وتختم "ميل أون صاندي" تقريرها بالإشارة إلى أن المضايقات لم تتوقف، لافتة إلى أن رجال مكافحة الإرهاب اعترضوا جون أثناء عودته من فرنسا، حيث يقوم بغسل القمح الذي ينتجه هناك؛ خشية أن يكون هرب معه أموالا.