أجرت صحيفة "الموندو" الإسبانية لقاء مع هشام
جنينة، الرئيس السابق لجهاز المحاسبات، والذي أصبح عدوا للنظام منذ نشره بيانات حول
الفساد في
مصر.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن حكومة عبد الفتاح
السيسي قامت بعزل المسؤول منذ حوالي أربعة أشهر.
وفي حوار حصري مع الصحيفة قال هشام جنينة إن إقالته هي "انتهاك واضح للدستور المصري".
وجنينة من القلة الذين تكلموا عن الفصل التعسفي الذي عانى منه الكثيرون في ظل نظام السيسي.
وأضافت الصحيفة أن محنة المسؤول السابق بدأت عندما كشف عن الفساد الذي تشكو منه كافة المؤسسات المصرية، بما في ذلك القضاء والشرطة والمخابرات. هذه الخطوة الجريئة التي اتخذها جنينة، لم يذهب ضحيتها فقط منصبه ومسيرته المهنية، إنما وضعته على رأس قائمة أعداء نظام السيسي؛ الذي قاد أكبر حملة قمع ضد المعارضة في بلاد الفراعنة، كما تقول الصحيفة.
كما أن هذه المعلومات التي وضعها في متناول العموم عرضته لعقوبة سنة في السجن بتهمة نشر أخبار كاذبة، وتهديد الأمن الاجتماعي.
وفي هذا الإطار يقول جنينة إنه كان متخوفا من العقاب بسبب عدم كشف حالات الفساد أو عدم القيام بمهامه على أكمل وجه، لكن للأسف حدث عكس ذلك تماما.
ويقول جنينة إنه قبل أن يكون قاضيا، شغل مناصب منها ضابط شرطة ومدعيا عاما، لذلك كان عليه أن يكون صادقا عند استجوابه من قبل زملائه في أجهزة الدولة.
وأضاف أنه "يجب على العدالة أن تكون عمياء.. يجب ألا تنتقي الخارجين عن القانون أو تنصاع إلى مشاعر الانتقام؛ لأنه بهذه الطريقة، يمكن أن تتحول العدالة إلى سلاح للقوة وقمع المعارضين، وهذا هو بالضبط ما يحدث في مصر".
وبيّن جنينة للصحيفة أنه منذ كشفه عن هذه البيانات، وتزامنا مع تورط أبناء حسني مبارك في فضيحة التهرب الضريبي، ووثائق بنما، تلقى مكالمات هاتفية تدعوه إلى التزام الصمت.
وقال إنه من المرجح إثبات التهم الموجهة إليه، على الأقل لتبرير إعفائه من منصبه. وأضاف: "ما يحدث الآن، هو أن السلطة تعتبر الكشف عن الفساد في أجهزتها وجعل التقارير حول هذه القضايا متاحة للعموم، بمثابة نشر لمعلومات كاذبة وتقويض لأمن الدولة، حتى وإن سبق عرض هذه المعلومات على الرئيس السيسي ورئيس وزرائه".
ويضيف: "لقد أصبح الفساد منتشرا في كل الوزارات ومؤسسات الدولة. هناك العديد من المؤسسات التي تقوم بالمراقبة الذاتية لهذه التجاوزات، إلا أن الكثير منها غير مبالية".
ويضيف هشام جنينة أنه حسب التحريات التي قام بها، فإن "الفساد الأكثر شيوعا يتمثل في اختلاس الأراضي المملوكة للقطاع العام، واستغلالها في قطاعات السياحة والصناعة والإسكان". كما قام بتتبع تحركات مسؤولين رفيعي المستوى، وتوصل إلى أنه تم بيع العديد من أراضي المصلحة العامة بأثمان منخفضة جدا. وفضلا عن أن هذه الأموال لم تذهب لخزينة المال العام، لم يتم تتبع أو محاسبة هؤلاء المسؤولين.
ويقول جنينة إن "السيسي صرح مرارا بأنه ملتزم بمكافحة الفساد، لكنه إلى حد الآن لم يخطُ أية خطوة للتصدي لهذه الظاهرة. وفي المقابل، يحتاج الشعب إلى الشعور بأن هناك نوعا من الشفافية والمساءلة".
وفي الإطار نفسه، يقول المسؤول السابق إن "الجميع ينتهك القانون ويختلس من أموال الدولة"، مؤكدا أنه على ثقة بأنه لن يتم التخلص من الفساد في البلاد، إلا في حال اعتراف السيسي بأن الفساد يعم مصر في كل ركن من أركانها".
وقال إنه على ثقة بأن "الشفافية تنجح فقط في ظل نظام ديمقراطي، ومصر لم تصل بعد إلى هذه المرحلة".