سياسة عربية

اليمن.. تداعيات تشكيل الانقلابين مجلسا أعلى لإدارة البلاد

عبد الملك المخلافي حمّل تحالف الحوثي وصالح مسؤولية إفشال مشاورات السلام - أرشيفية
أُعلن، الخميس، بالعاصمة اليمنية صنعاء عن توقيع تحالف الانقلاب على الشرعية اتفاقا بتشكيل ما أطلق عليه بـ"المجلس السياسي الأعلى"، بهدف "توحيد الجهود لمواجهة العدوان السعودي وحلفائه ولإدارة شؤون الدولة في البلاد سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا وغير ذلك.." كما جاء في بيان الإشهار.

واعتبرت الخطوة من قبل مسؤولين تابعين للحكومة الشرعية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بأنها تنسف كل جهود السلام الجارية بدولة الكويت برعاية أممية، وطالبوا المجتمع الدولي بموقف حازم إزاء هذا التصعيد.

وجاءت خطوة التحالف الانقلابي، المشكل من حزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس المخلوع علي صالح وميليشيات الحوثي، قبل يوم واحد فقط على نهاية المهلة المحددة بأسبوعين لإنهاء مشاورات الكويت، والتي يفترض أن تنتهي يوم غد الجمعة، طبقا لاشتراط مسبق للحكومة الشرعية للعودة للمشاورات.

كما حدد نائب وزير الخارجية الكويتي المهلة نفسها كفرصة أخيرة للمتحاورين اليمنيين في بلاده، معتذرا عن مواصلة الكويت استضافة الحوار اليمني-اليمني حال انتهت هذه المهلة دون إحراز أي تقدم.

إدارة البلاد أم تسوية للخلافات 

وفاجأ حزب صالح وتيار الحوثي، الجميع بإعلان تشكيل ما سميَ بـ"المجلس السياسي الأعلى" "لمواجهة العدوان وإدارة شؤون البلاد".

ووفقا لبيان الإشهار يتكون المجلس من عشرة أعضاء مناصفة بين الطرفين: حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه، والحوثيون وحلفاؤهم، وتكون رئاسته دورية.

ويمنح الاتفاق الحق للمجلس "في سبيل ذلك، وأصدار القرارات واللوائح المنظمة والقرارات اللازمة لإدارة البلاد ومواجهة العدوان". حسب ما جاء في بيان الإشهار، الذي أشار أيضا إلى أن المجلس سيتولى "تحديد اختصاصاته ومهامه اللازمة لمواجهة العدوان وإدارة البلاد ورسم السياسة العامة للدولة وفقا للدستور وذلك بقرارات يصدرها المجلس".

وفي حين اعتبرت هذه الخطوة، من قبل كثيرين، على أنها تهدف فقط إلى تسوية الخلافات بين طرفي تحالف الميليشيات، والتي ظهرت مؤشراتها جليا في الفترة الأخيرة من خلال القرارات التي انفرد بها مؤخرا طرف الحوثيين المسيطر أكثر على مفاصل السلطة في صنعاء بتعيين وإحلال عدد كبير من أعضائه وموالية في مناصب عليا إدارية وعسكرية..، فقد وصفها مسؤولون في حكومة الرئيس هادي بأنها تنسف كل الجهود السياسية السابقة بما في ذلك مشاورات الكويت الأخيرة.



موقف حكومي مطالب بالضغط الدولي


وحمّل وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي تحالف الحوثي صالح مسؤولية إفشال مشاورات السلام بالكويت، وقال إن الانقلابين "نجحوا في إقناع العالم بأنهم ضد السلام وأنهم سبب إفشال مشاورات الكويت ومتمردون على الشرعية الدولية".

وأضاف المخلافي، وهو رئيس الوفد الحكومي للمشاورات، ضمن تغريدات نشرها بموقعه بـ"تويتر"، في أول رد حكومي على تشكيل الانقلابين مجلسهم السياسي: "أضاع الانقلابيون فرصة السلام التي كان يحتاجها اليمن وشعبه الكريم وأصروا على إفشال مشاورات سعينا بكل جهد لإنجاحها".

ودعا المجتمع الدولي لإدراك من هو الطرف الذي "أشعل الحرب في بلادنا وسعى إلى تدميرها ولازال مصرا على خيارات الحرب والانقلاب رغم أننا مددنا أيدينا للسلام بصدق". وطالبه "بالضغط على الانقلابيين للالتزام بالقرارات الدولية والانصياع لمتطلبات السلام".

وبعيدا عما ذهب إليه وزير الخارجية اليمني من تصريحات دبلوماسية، اعتبر الناطق الرسمي للحكومة، راجح بادي، أن هذا الاتفاق "بالنسبة لنا كحكومة لا يساوي الحبر الذي كتب به".

وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إن هذا الاتفاق "مثله مثل ما يسمى بالإعلان الدستوري"، مستدركا: "هو نسخة منقحة ومزيدة من الإعلان الدستوري". في إشارة إلى الإعلان الذي أصدرته ميليشيات الحوثي الانقلابية إبان اجتياحها العاصمة اليمنية صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، وألغت بموجبه مجلس النواب وعلقت العمل بالدستور اليمني، وشكلت لجنة ثورية عليا لإدارة البلاد. وهو الإعلان الذي لاقا رفضا محليا وإقليميا ودوليا، وقاد البلاد إلى الحرب في إثر تنفيذ تحالف الحوثي-صالح انقلابا عسكريا على السلطة الشرعية مطلع العام الماضي.

ولفت بادي، ضمن تصريحاته لـ"عربي21" إلى أن ما حدث اليوم "يؤكد ما كنا نقوله بأن من انقلب على السلطة الشرعية، الحوثيون وصالح، هم من يعيقون الحلول السلمية"، مضيفا: "لكن هذا الإعلان أطلق رصاصة الرحمة على مشاورات الكويت وقبل ذلك أكد عدم احترام هذه المليشيات للأمم المتحدة ومبعوثها والدول الراعية للمشاورات".

وطالب الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بـ"موقف واضح وصريح، اليوم، بعد أن انكشفت ورقة التوت الأخيرة عن مناورات الانقلابين".

موقف المجتمع الدولي والإقليمي

لم يتأخر الرد الأممي كثيرا هذه المرة، إذ صدر الليلة بيان منسوب للمبعوث الأممي إلى اليمن، اعتبر فيه هذا التطور أنه "لا يتماشى مع الالتزامات التي قطعتها أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بدعم العملية السياسية التي تتم بإشراف الأمم المتحدة".

وأكد أن "الإعلان عن ترتيبات أحادية الجانب، لا يتسق مع العملية السياسية ويعرض التقدم الجوهري المحرز في محادثات الكويت للخطر. كما أنه يعد خرقا واضحا للدستور اليمني ولبنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".

وأضاف: "ويشكل هذا الاتفاق انتهاكا قويا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 (2015) الذي يطالب جميع الأطراف اليمنية، ولا سيما الحوثيين، بالامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن".

ودعا الانقلابين إلى "التوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن".

وكانت وسائل إعلام خليجية نشرت تصريحات لمصدر مسؤول في التحالف العربي بقيادة السعودية، دعا فيه المجتمع الدولي إلى التدخل إزاء هذه الخطوة الخطيرة.

وتناقل ناشطون سعوديون ويمنيون تغريدة منسوبة للخبير العسكري السعودي إبراهيم آل مرعي، جاء فيها: "وصلت المفاوضات بخصوص اليمن إلى مرحلة كسر العظم، ليس بين وفد الشرعية والحوثي، وإنما بين دول التحالف بقيادة المملكة والدول العظمى".