كيف تمكن قاتل
نيس من الوصول إلى الجادة المستهدفة بشاحنة ثقيلة تزن 19 طنا؟ سؤال بات يطرحه الفرنسيون، وما زاد من خطورة هذا النوع من الأسئلة ما نقلته الخميس صحيفة ليبراسيون الليبرالية.
ونقلت هذه الصحيفة اليسارية أن سيارة واحدة للشرطة البلدية كانت تقفل الطريق إلى المنطقة المخصصة للمشاة، عندما اقتحم محمد لحويج بوهلال بشاحنته الحشد المتجمع.
والجدل يتناول أيضا منذ أيام، طلبا تقدم به القضاء في مدينة نيس لإتلاف كل نسخ تسجيلات كاميرات المراقبة خلال وقوع الاعتداء.
واحتجت البلدية على هذا الأمر واعتبرته نوعا من "إتلاف للأدلة" على ما حصل.
وقال حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، الأحد، إن "وزارة الداخلية تعطي الانطباع بأنها تسعى لمنع كشف حقيقة ما حصل"، واصفا ما قالته ساندرا برتان بـ"المفحم".
من جهته قال أريك سيوتي النائب عن مدينة نيس اليميني المقرب من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، إن كلام المسؤولة عن الشرطة هو "عنصر إضافي يكشف أن هناك أمورا بعيدة عن الشفافية".
ورد وزير الداخلية كازنوف بالقول "إن الاتهامات غير المقبولة التي صدرت اليوم، تأتي في إطار الجدل الحاد الذي أطلقه نواب من نيس ويريدون تأجيجه".
واتهم كازنوف بشكل غير مباشر رئيس منطقة نيس اليميني كريستيان استروزي، بأنه يقف وراء هذه الاتهامات.
واعتبر اعتداء نيس ضربة قاسية لاستروزي العمدة السابق للمدينة، الذي لا يزال يتسلم مسؤولية أمنية فيها. فقد كان استروزي يتبجح بالقول إن نيس هي أكثر مدن
فرنسا أمنا، بفضل شبكة كاميرات مراقبة هي الأهم في البلاد.
جدل حاد
ودخل الجدل السياسي في فرنسا حول الإجراءات الأمنية التي كانت متخذة في نيس لدى وقوع الاعتداء الدامي فيها، منعطفا جديدا بعد أن اتهمت مسؤولة في الشرطة الحكومة الاشتراكية بممارسة ضغوط عليها، الأمر الذي نفته الحكومة بشكل قاطع.
واستغل اليمين الذي يدير المدينة الحادث لتحميل الحكومة الاشتراكية مسؤولية الثغرات الأمنية يوم الاعتداء. كما لم يوفر اليمين المتطرف الواسع النفوذ في هذه المنطقة المسؤولين الاشتراكيين، وحملهم أيضا مسؤولية عدم اتخاذ إجراءات كافية أمنيا.
ويأتي هذا الجدل الحاد قبل أقل من سنة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2017.
وفي مقابلة مع صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" قالت ساندرا برتان المسؤولة عن كاميرات المراقبة لدى الشرطة البلدية في مدينة نيس، إنها تعرضت لضغوط في الخامس عشر من تموز/يوليو من قبل شخص "أرسل" من وزارة الداخلية.
وأوضحت أنه طلب منها أن تؤكد في تقريرها عن الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة، وجود عناصر من الشرطة البلدية "وتأكيد أيضا وجود الشرطة الوطنية في نقطتين في إطار الإجراءات الأمنية"، التي كانت متخذة بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي.
وقالت: "تلقيت أوامر بالإشارة إلى وجود مراكز محددة للشرطة الوطنية لم ألحظ وجودها".
وسارع وزير الداخلية برنار كازنوف المعني مباشرة بهذه الاتهامات، إلى نفي ما قالته المسؤولة في الشرطة تماما، وأكد أنه قدم دعوى قضائية ضدها بتهمة "التشهير".
وأكدت وزارة الداخلية إنها لم تتصل بأي مسؤول في شرطة نيس، ودعا المسؤولة في الشرطة إلى تقديم ما لديها من أدلة لإثبات صحة اتهاماتها.
وقال مدير الشرطة الوطنية جان مارك فالكون، "إن الجدل الذي يمس بالشرطة الوطنية وبقادتها ووزيرها يجب أن يتوقف".