قلل مراقبون ومحللون من أهمية زيارة وزير خارجية
مصر سامح شكري؛ إلى
إسرائيل، في تحريك المياه الراكدة في عملية السلام، بين
الفلسطينيين والإسرائيليين، أو في محاولة معرفة ما تمخضت عنه جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو في
أفريقيا الأسبوع الماضي.
ورأى مراقبون تحدثت إليهم "
عربي21" أن ما أُعلن بشكل رسمي من قبل الخارجية المصرية حول أسباب الزيارة ما هي إلا مبررات للرأي العام، للبدء في مرحلة جديدة من العلاقات العلنية والدافئة بين الجانبين، خاصة أنه لم يصدر عن الجانب الإسرائيلي ما يوحي برغبته في إحياء مفاوضات السلام.
من السر للعلن
وفي هذا الصدد، قال نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، لـ"
عربي21"، إن "زيارة شكري إلى إسرائيل تثير الكثير من الأسئلة أكثر مما تقدم من إجابات"، وأكد أنها "تأتي في إطار مبادرة (عبد الفتاح) السيسي إلى ضرورة استعادة العلاقات الدافئة مع إسرائيل".
وأضاف: "هدف هذه الزيارة هو بدء مرحلة جديدة مع إسرائيل، وتمهد لزيارة نتنياهو لمصر، والسيسي لإسرائيل، تحت ذريعة دفع عملية السلام المتجمدة"، مشيرا إلى أن "من يريد أن يتوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجب أن يكون قادرا على فرض تسوية على الإسرائيليين، وهو ما لا يملكه السيسي".
واستبعد الأشعل ربط زيارة شكري لإسرائيل بزيارة نتنياهو لأفريقيا، قائلا: "ليس لدى الحكومة (المصرية) أي مخاوف من تلك الزيارة، ربما هي مخاوف شعبية فحسب، ولا أعتقد أن يتم التطرق إلى هذا الأمر؛ لأن نتنياهو لن يطلعه على شيء إن كان سرا، فنتنياهو يتصرف كالسيد"، وفق تعبيره.
تعاون استخبارتي
بدوره، استبعد الخبير في الشؤون الإسرائيلية بالقدس، أنس أبو عرقوب، أن تكون عملية السلام هي محور الزيارة، وقال لـ"
عربي21": "لا يدور الحديث هنا عن ضغط على إسرائيل، فالجانب العربي هو الذي يحتاج إلى إسرائيل، ونتنياهو هو صاحب اليد الطولى"، وفق تقديره.
وأكد أن "مصر والدول العربية بحاجة ماسة إلى الجهود الإسرائيلية الاستخباراتية في سياق الحرب التي تخوضها ضد تنظيم الدولة، المعروف بداعش، ولا نخفي سرا إذا قلنا أن العلاقات ارتفعت من مستوى التنسيق إلى العمل المشترك بين الطرفين".
وذهب إلى القول إن "هذه الزيارة ستساعد نتنياهو خارجيا في إظهار نفسه كجزء من الجهود الدولية والعربية في الحرب على الإرهاب؛ لإزاحة النظر عن القضية الفلسطينية".
وفيما يتعلق بزيارة نتنياهو لأفريقيا، رأى أبو عرقوب أن "الزيارة وجهت ضربات للاقتصاد المصري، حيث أعلن نتنياهو أنه سيسخر كل الجهود من أجل أن تكون إثيوبيا قادرة على استغلال مصادرها من المياه، وبالطبع هذا سيكون على حساب مصر والسودان في النهاية"، مضيفا: "للأسف، لم يصدر عنهما أي رد فعل؛ بل التزما الصمت بالرغم من أنها ضربة في الصميم للأمن القومي المصري السوداني".
الهيمنة على النيل
من جهته، رأى الكاتب الصحفي المصري، محمد القدوسي، أن إسرائيل أصبحت تمتلك منابع النيل بين يديها. وقال لـ"
عربي21": "جولة نتنياهو في أفريقيا تتويج لجهود الكيان الصهيوني في أفريقيا منذ السبعينيات، وإزاحة للستار عن هيمنته الأفريقية اعتبارا من الآن".
وتابع: "في ضوء هذا يمكن أن نقرأ استدعاء سامح شكري إلى تل أبيب، ليسمع من نتنياهو آخر التعليمات، خاصة بشأن سد النهضة الذي سيتولى الكيان الصهيوني إدارته وتسويق الكهرباء الناتجة عنه، ونهر النيل الذي طلبت القاهرة وساطة تل أبيب بشأن حصتها منه"، على حد تعبيره.
وأكد أن "من الأسباب المهمة لاستدعاء وزير خارجية العسكر إلى تل أبيب حرص الكيان الصهيوني على فرض العسكر وسيطا - وحيدا ربما - بينه وبين الفلسطينيين".
البحث عن منقذ
الباحث في جامعة مرسيليا، طارق المرسي، أكد أن الزيارة "هي حصيلة التعاون المثمر والذي لم ينقطع بين الجانبين في أي وقت من الأوقات، حتى وإن كانت هي الزيارة الأولى لوزير خارجية مصر بشكل رسمي منذ سنوات"، وتابع متسائلا: "منذ متى والعلاقات مع إسرائيل تأخذ الطابع الرسمي؟".
وقال لـ"
عربي21": "في حقيقة الأمر يوجد تنسيق كامل بين إدارة الانقلاب والكيان الصهيوني، قبل الانقلاب وبعده،، وبالتالي فإن التنسيق كان يتم على أعلى المستويات".
وأشار إلى أن "الزيارة تحمل بواعث قلق واضطراب النظام (المصري) من الداخل، وهروبا من الأزمات الداخلية الطاحنة بطلب المساندة من الآخرين كما حدث إبان عصر (الرئيس الراحل أنور) السادات"، وفق تقديره.
وأكد أنه "في الوقت الذي تبحث فيه مصر عن دعم ومساندة إسرائيل؛ تأتي زيارة نتنياهو إلى أفريقيا ليس لدعم قضية مصر في سد النهضة، بل في سياق المزيد من الدعم لإثيوبيا في تشددها مع مصر واستمرارها في بناء وتخزين المياه خلف السد".