قال الكاتب البريطاني لاري إليوت، إن تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي هو "رفض للعولمة والرأسمالية المتوحشة".
وفي مقال لإليوت، محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة "الغارديان"، الاثنين، قال الكاتب إن عصر
العولمة بدأ مع انهيار جدار برلين، حيث بدأت الحركة الحرة لرأس المال والعمال والبضائع، وقناعة أن قوى السوق لا يمكن إيقافها.
وتابع الكاتب بأنه كان هناك محاولة وقوف بوجه العولمة منذ سنوات، حيث حصلت مظاهرات في سياتل الأمريكية، أمام اجتماع منظمة التجارة العالمية في كانون الأول/ ديسمبر 1999، موضحا أن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر كشفت أن التجارة والأسواق العالمية ليست وحدها التي تمت عولمتها.
وأشار الكاتب إلى انهيار بنك "ليمان برذرز" بعد ذلك بسبع سنوات، معتبرا أن الانهيار كشف أن أفضل ما تستطيعه الحجومات مقابل قوة رأس المالي العالمي هو الخروج من طريقها وترك البنوك تشرف على نفسها.
"نموذج غير مناسب"
واعتبر الكاتب أن رفض
بريطانيا للاتحاد الأوروبي ليس مجرد مظاهرة ضد فرص العمل، أو البيوت التي لا تبنى، لكنه رفض "لنموذج اقتصادي كان موجودا لثلاثة عقود سابقة".
وأوضح إليوت أن أوروبا كان عليها أن تكون كبيرة وقوية بما يكفي لتحمي مواطنيها من فائض السوق، حيث كانت الدول هي الضامن للتوظيف والرخاء، عبر القيود التي تفرضها على الحركة الحرة لرأس المال والأشخاص، والمكفولة من اتحادات العمال، التي تفاوض على دفعات أعلى بدون تهديد بالانهيار أو عمالة أقل.
وفي عصر العولمة، أصبحت الفكرة هي أن أوروبا أكثر تكاملية يمكن أن تكون حجر أساس جماعي لا توفره الدول نفسها، فبريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا وحدها لا تستطيع الوقوف بوجه رأس المال العابر للقارات، لكن الاتحاد الأوروبي يمكنه ذلك، عبر سوق موحد وعملة موحدة ونظام بنكي موحد وكيان سياسي موحد.
"انتهى الحلم"
وقال الكاتب إن "الحلم انتهى الآن"، ناقلا عن مدير "مركز الإصلاح الأوروبي"، تشارلز غرانت، الذي قال إن "خروج بريطانيا حدث فارق في تاريخ أوروبا، ومن الآن ستكون السردية هي التفكك لا التكامل".
وأوضح الكاتب أن السبب واضح، وهو فشل أوروبا بالقيام بالدور التاريخي المنوط بها، حيث كانت معايير الرفاه والوظائف محمية بشكل أفضل بأيام الدول في الستينيات والسبعينيات، أكثر مما هي عليه في عصر العولمة، فقد ارتفعت البطالة في أوروبا إلى أكثر من عشرة بالمئة، واقتصاد إيطاليا بالكاد توسع عما كان عليه عندما أنشئ الاتحاد، في حين تقلص اقتصاد اليونان، وزالت حمايات أسواق العمالة.
وأشار الكاتب إلى أن الخطر الآن هو بعدم استماع الأحزاب الرئيسة لمطالب داعميها، ليستعاض عنها بأحزاب شعبوية، حيث خسر "الحزب الشيوعي الفرنسي"، معظم طبقته العاملة القديمة لصالح اليسار واليمين المتشددين، وفي بريطانيا هناك خطر من أن الأمر نفسه سيحصل لحزب العمال.
واختتم الكاتب بقوله إن ربع القرن الماضي شهد كسلا في التفكير حول العولمة، داعيا لإعادة التفكير بمسلمة أن "الاقتصاد المرن المعلوم يمكن أن يولد مزايا يمكن تشاركها عالميا".