نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لسايمون كير في دبي، وجيف داير في واشنطن، حول زيارة ولي ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان للولايات المتحدة، حيث سيحاول تسويق خطته للإصلاحات، ويجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة.
ويشير التقرير إلى أنه من المتوقع أن يلتقي الأمير محمد، الذي تؤشر زيارته الرسمية الأولى وحدها إلى نفوذه المتزايد، مديري شركات التكنولوجيا في سيليكون فالي، ومديري البنوك في وول ستريت، ومديري مصانع السلاح، في محاولة لدعم هدفه في تنويع
الاقتصاد السعودي، والتقليل من الاعتماد على النفط الخام، بحسب ما ذكر المستشارون والمصرفيون السعوديون.
وتنقل الصحيفة عن مستشارين سعوديين قولهم إن زيارة الأمير محمد تشكل منبرا له لتطوير علاقات أقرب مع المسؤولين الأمريكيين وكبار رجال الأعمال، مشيرة إلى أن كثيرا منهم متشكك في إمكانيات الأمير الشاب من تحقيق وعوده الإصلاحية.
ويذكر الكاتبان أنه يتوقع أن يناقش الأمير الشاب، البالغ من العمر ثلاثين عاما، الذي قاد "خطة التحول الوطني"، التي تم نشرها هذا الشهر، القضايا السياسية، بما في ذلك الصراعات في كل من سوريا واليمن، ونفوذ إيران، وهي الدولة المنافسة للسعودية في المنطقة.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي تحاول فيه أمريكا وروسيا استخدام قنوات خلفية للتفاوض حول سوريا، فإن
السعودية تقوم بدعم الثوار الإسلاميين المعتدلين، وتسعى للحصول على التزام أكبر من الولايات المتحدة في تقديم الدعم على الأرض في المعركة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أن واشنطن تدعو الرياض والحلفاء في الخليج إلى تركيز جهودهم الإقليمية ضد تنظيم الدولة.
وتكشف الصحيفة عن أن جدول زيارة الأمير محمد تضمن عقد جلسة مباحثات مع وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر يوم الخميس، ولقاء عدد من المسؤولين في الكونغرس، بينهم رئيس المجلس الجمهوري بول ريان، كما تناول طعام العشاء مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، لافتة إلى أنه لم يتم التأكد بعد عما إذا كان سيلتقي بالرئيس أوباما.
وينوه الكاتبان إلى أن زيارة الأمير محمد تأتي في وقت تشوهت فيه صورة السعودية؛ بسبب التهم بأنها تصدر نسخة متطرفة من الإسلام، لافتين إلى أن خطة الأمير للإصلاحات كان الهدف منها جزئيا المساعدة في تغيير النظرة إلى المملكة السعودية بصفتها بلدا محافظا جدا.
وينقل التقرير عن فهد ناصر من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، قوله: "في الوقت الذي ستتغلب فيه قضايا، مثل المذابح في سوريا، والحملة ضد تنظيم الدولة، والصراع في اليمن، على جدول الزيارة، فإنه من المتوقع أن يبرز الأمير محمد الإصلاحات الاقتصادية المختلفة، التي هي قيد البحث".
وتبين الصحيفة أن خطة التحول الوطني الخماسية تتوقع أن تصل مصاريف الحكومة إلى 268 مليار ريال سعودي، حيث سيقدم القطاع الخاص 179 مليار ريال سعودي، بحسب بنك جدوى للاستثمار في الرياض، مشيرة إلى أنها تكلفة عالية لبلد عانى لمدة 18 شهرا بسبب أسعار النفط المتدنية.
ويورد الكاتبان أن الخطة تهدف أيضا إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لأكثر من الضعف، لتصل إلى 70 مليار ريال سعودي على مدى الخمس سنوات القادمة، مع التركيز على التعدين والتعليم والتدريب المهني والسياحة والإسكان والصحة، مشيرين إلى أن الحكومة حريصة على تطوير الصناعة العسكرية، لتكون قادرة مع حلول عام 2030، على إبقاء نصف مصروف المملكة على الأسلحة في المملكة.
ويقول ناصر للصحيفة: "واضح أن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر تشكل جزءا مهما من هذه الخطة الطموحة للإصلاحات الاقتصادية، ويبدو المسؤولون السعوديون حريصين على إشراك الشركات الأمريكية في خططهم نحو المستقبل".
ويستدرك التقرير بأن رجال الأعمال والمسؤولين الغربيين يحذرون من أن التغير الثقافي، الذي تسعى خطة التحول الوطني لتحقيقه، قد يكون كبيرا جدا في بلد كثير من سكانه لا يتمتعون بتعليم كاف، وغير جاهزين للعمل بأساليب حديثة.
وتقول الصحيفة إن خطة الأمير محمد قد تواجه مقاومة من البيروقراطية القائمة، ومن النخبة الثرية، التي تخشى من التغيير، ومن السعوديين الأشد فقرا، الذين يخشون من خسارة الدخل والمساعدات الحكومية، ما قد يقوض خطة الأمير.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول أحد رجال الأعمال الأمريكيين المخضرمين في الخليج: "من الصعب الحصول على تأشيرة لدخول البلد، فكيف يريدون منا تحسين الاقتصاد؟".