نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لنجمة بوزورغمير من طهران ومارتن أرنولد في لندن، حول
الاستثمارات المتوقعة في
إيران، بعد أن تم رفع العقوبات المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
ويقول الكاتبان إنه عندما زارت أكثر من 300 شركة ألمانية إيران الشهر الماضي، امتدت اهتمامات مسؤوليها في الجمهورية الإسلامية لتغطي القطاعات المختلفة، من الماكينات إلى الرعاية الصحية وصناعة السيارات والطاقة.
ويشير التقرير إلى أن تلك الشركات هي آخر مجموعة من الشركات الأوروبية والآسيوية والأجنبية التي شقت طريقها لإيران، منذ رفع العقوبات، حيث يبحث مديروها كيفية الاستفادة من إمكانات هذا البلد المنتج للنفظ، والبالغ عدد سكانه 78 مليونا، مستدركا بأنه مع أن هناك اتفاقيات مبدئية بمليارات الدولارات، إلا أن هناك شعورا بالإحباط في إيران؛ بسبب عدم تطبيق هذه الاتفاقات المبدئية لتصبح واقعا على الأرض.
وتذكر الصحيفة أن الأمل هو أن تفتح صفقة دولية كبيرة أبواب الفرص
الاقتصادية، حيث يقول تاجر إيراني: "الكل ينتظر أول صفقة كبيرة من شركات عالمية، مثل شركة (توتال) الفرنسية، أو البنك الملكي الاسكتلندي، لفتح الطريق".
ويستدرك الكاتبان بأن على المستثمرين الغربيين أولا تجاوز عقبة البنوك الغربية، التي تخشى التعامل مع المؤسسات والأشخاص الإيرانيين، مشيرين إلى أنه رغم رفع العديد من العقوبات، بعد توصل طهران لصفقة مع القوى الغربية العام الماضي، للحد من نشاطها النووي، إلا أن العقوبات الأمريكية المتعلقة "بتوفير الدعم للإرهاب"، ما تزال موجودة، حيث يقول دبلوماسي غربي: "ليس هناك بنك أوروبي كبير يريد أن يكون هو الأول".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، حث أمريكا على فعل المزيد لتشجيع البنوك على التعامل التجاري مع إيران، وقال للصحافيين: "مهم للجميع أن يدرك بأن أي اتفاقية ستكون مستدامة إن شعر الجميع بأنهم يحققون مكاسب من الاتفاقية، ويجب أن يكون تطبيقها على مبدأ الربح للطرفين؛ كي يشعر الجميع بأن هناك فوائد وأرباحا".
وتنقل الصحيفة عن محللين قولهم إن حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني، تتبنى سياسة محاولة إعادة توازن التجارة مع الغرب، بتشجيع المزيد من الاستثمارات الأوروبية، حيث يفسرون ذلك على أنه تحرك قائم جزئيا على أمل أن استثمارات غربية أكثر في البلاد ستجعل إعادة العقوبات الاقتصادية أصعب.
وينوه الكاتبان إلى أن البنوك تقاوم فتح علاقات تجارية مع إيران، بالرغم من الضغط من المسؤولين الغربيين الكبار، للمساعدة في تسهيل الصفقات مع إيران، بما في ذلك وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي دعا البنوك الشهر الماضي إلى إعادة التعامل مع الجمهورية الإسلامية.
ويورد التقرير نقلا عن أصحاب البنوك، قولهم إن العقوبات ليست هي القضية الوحيدة، بل إن هناك مخاطرة في المساعدة على غسيل الأموال دون قصد، أو تمويل الإرهاب، أو الجرائم المالية.
وتجد الصحيفة أنه مع ذلك، فإن بعض البنوك الأوروبية الصغيرة تقوم مبدئيا بإعادة التعامل، حيث بدأ كل من بنك "كي بي سي" البلجيكي وبنك "دي زد" الألماني بتولي التعاملات للزبائن الذين يتاجرون مع إيران، كما يحضر بنك "إرستي" النمساوي لفعل ذلك.
ويفيد الكاتبان بأن مدير غرفة التجارة والصناعة الألمانية الإيرانية ريني هارون، يرى بأنه مع تزايد أعداد الشركات الأوروبية، التي تظهر اهتماما بإيران "سيزيد الضغط على البنوك الأوروبية للتعامل التجاري"، حيث يقول هارون: "يجب أن تحل المشكلة المالية خلال الأشهر القليلة القادمة، فهناك كثير من الشركات التي تريد أن تبدأ العمل أو تعود للعمل في إيران".
وينقل التقرير عن مدير الغرفة التجارية الإيرانية الإيطالية أحمد بورف الله، قوله إنه تم توقيع اتفاقيات مبدئية بمليارات الدولارات، في الوقت الذي تحاول فيه ألمانيا وإيطاليا وفرنسا إحياء مكانتها السابقة، بصفتها شريكات تجارية كبيرة مع إيران، التي خسرتها لصالح الصين وكوريا الجنوبية.
وتذكر الصحيفة أن إحدى تلك الصفقات هي لشراء 118 طائرة "إيرباص"، حيث أعلنت شركة "يونيت إنترناشيونال" التركية أنها عقدت صفقة بـ 4.2 مليارات دولار، لبناء سبع محطات توليد تعمل بالغاز الطبيعي، التي قالت إنها أكبر استثمار منذ تخفيف العقوبات.
ويكشف الكاتبان عن أن وكالات التمويل الإيطالية اتفقت على أن تمنح إيران مقدار 5 مليارات يورو، على هيئة خطوط ائتمان وصمانات تصدير، التي تم الإعلان عنها خلال زيارة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رنزي إلى طهران لمدة يومين في شهر نيسان/ أبريل.
وبحسب التقرير، فإن رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، قام في الشهر ذاته بقيادة وفد إلى الجمهورية الإسلامية، حيث التزم الجانبان في ختام الزيارة بـ"الارتقاء بالعلاقات التجارية والاقتصادية إلى مستويات أعلى، بعد رفع العقوبات عن إيران".
وتذكر الصحيفة أن من المجالات التي تحتاج الاستثمار الغربي، مجال الطاقة، حيث قال وزير النفط الإيراني بيجان نامدار زنغانة يوم الأحد، إن إيران، التي كانت ثاني أكبر منتج في "أوبك"، تتوقع توقيع أول اتفاق نفط بعد العقوبات مع شركة أجنبية خلال ثلاثة أشهر.
ويشير الكاتبان إلى أن زنغانة لم يعط تفاصيل أكثر، كما قام بتعيين علي كاردو، وخليفته في التمويل، المدير الجديد للشركة الوطنية الإيرانية للنفط الأسبوع الماضي، لافتين إلى أنه تم اعتبار هذا التحرك محاولة لمعالجة القضايا المالية، التي أدت مع الشروط غير المغرية للعقود، وتدني أسعار النفط، إلى عرقلة مشاريع النفط الجديدة.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي يشكل فيه تردد البنوك في دعم الأعمال في إيران عائقا أمام الاستثمار، فإن الشركات تريد أن ترى المزيد من الإصلاحات والشفافية لنظام اقتصادي ومالي يفتقر للشفافية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول عضو الغرفة التجارية الإيرانية الجنوب كورية فرهد احتشامزاد: "لم نوفر إلى الآن الظروف المستقرة للمستثمرين الأجانب، الذين لديهم مخاوف تتعلق في الفروق في نسبة الفائدة، التي يمكن لهم استخدامها، عندما يقومون بالاستثمار، وبأي نسب يمكنهم أخد أرباحهم".