لا تزال الحكومات
الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 2002، وحتى اليوم ترفض
المبادرة العربية للسلام، ولا تزال الدول العربية منذ ذلك الوقت ترفض تعديل بنودها، ولا يزال
الفلسطينيون منذ احتلال أرضهم يحلمون بدولتهم المستقلة.
ولا يرى الإسرائيليون أن مبادرة السلام العربية مغرية، مع أنها كما يرى مراقبون تقدم لإسرائيل أكثر مما كانت تحلم به من تطبيع وعلاقات دبلوماسية مع العرب.
وكان آخر رفض إسرائيلي على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاثنين، في اجتماع مع وزراء الليكود، إذ قال إنه لن يقبل أبدا بمبادرة السلام العربية بشكلها الحالي.
أما آخر إصرار عربي على عدم التعديل، فكان على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في فرنسا، إذا قال إنه لا تعديل على المبادرة التي خرجت في 2002، والتي رآها "الفرصة الأفضل من أجل التسوية".
وأطلق العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز مبادرة للسلام في 2002، تنسحب بمقتضاها إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والجولان السوري، وتضمن عودة اللاجئين بمقتضى قرارات الأمم المتحدة، مقابل تطبيع عربي كامل مع إسرائيل.
الخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، قال لـ"
عربي21"، إن الرفض الإسرائيلي، كما هو العربي أيضا، قد لا يكون حقيقيا ونهائيا، فنتنياهو يرغب من جهته في كسب الوقت والحفاظ على تحالفه الحكومي، غير أن لديه اتصالات سرية وعلنية، تنم عن حراك حقيقي خلف الكواليس.
أما على الجانب العربي، فيضيف أبو عامر أنه ليس رفضا خالصا لتعديل البنود، وإن "الأيام القادمة ستوضح المواقف الحقيقة للجميع".
ولفت إلى حراك غير عادي على مستوى المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، لافتا إلى أن المصالحة الفلسطينية يجب أن تسبق أي حديث عن السلام مع إسرائيل.
وتتفق الدول العربية مع إسرائيل على بند إقامة دولتين لشعبين بمقتضى المبادرة مقابل سلام عربي شامل مع إسرائيل، غير أنهم يختلفون في بنود اللاجئين وحدود الدولة وعاصمتها والانسحاب من الجولان.
وأشار نتنياهو إلى إمكانية إحياء مبادرة السلام العربية، بعد كلمة لرئيس النظام في مصر، عبد الفتاح السيسي، وعد فيها بتحسين العلاقات مع إسرائيل مقابل استئناف محادثات السلام.
ووقعت كل من مصر والأردن معاهدتي سلام مع إسرائيل، وترفض باقي الدول العربية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، أو على الأقل رسميا، إلا أن بعض القنوات الدبلوماسية والتجارية مفتوحة بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
وعاد نتنياهو ليجدد رفض المبادرة بشكلها الحالي بعد أيام على تصريحات وزير الخارجية
السعودية من باريس والتي قال فيها إن المبادرة تضم "جميع العناصر التي تتيح التوصل إلى السلام" في الشرق الأوسط.
وفي تصريحات صحفية في ختام اجتماع نظمته فرنسا لإحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، نفى الوزير أي تعديل لهذه المبادرة التي تعود إلى العام 2002.
وقال الجبير: "نعتبر أن هذه المبادرة هي الفرصة الأفضل" من أجل تسوية، "ونأمل بأن تسود الحكمة في إسرائيل وأن يوافق عليها الإسرائيليون".
الكاتب والخبر في الصراع العربي الإسرائيلي نواف الزرو، رأى من جهته أن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على عدم التعامل مع أي مبادرات أو مؤتمرات، وتتبنى استراتيجية الاستمرار في تهويد الأراضي المحتلة.
وشدد الزرو في حديث لـ"
عربي21"، على أن أي حديث إسرائيلي عن السلام هو للاستهلاك الإعلامي والتضليل لا غير، وأن إسرائيل لا تضع اعتبارا لأي مفاوضات سلام مع العرب أو الفلسطينيين.
وقال إن أصحاب المبادرة (المملكة العربية السعودية) هم أيضا غير معنيين، وإن الحديث عنها هو للاستهلاك العام فقط، فهم مشغولون بملفات اليمن وسوريا.
وعن التعديلات الإسرائيلية على المبادرة، قال الزرو إنها لن تعجب الإسرائيليين مهما تعدلت، وإنها لن تمر مطلقا.
واستبعد الخبير في الصراع العربي الإسرائيلي أن يكون التعنت الإسرائيلي والرفض العربي للتعديل بابا لمبادرات جديدة، مؤكدا أن إسرائيل تفرض كل المبادرات حتى التي يقترحها حلفاؤها، والمبادرة الفرنسية الأخيرة مثال على ذلك.
وعن السلام الإسرائيلي مع الأردن ومصر، قال الزرو إنه جاء لإخراج البلدين من دائرة الصراع مع إسرائيل، والاستفراد بالقضية الفلسطينية فقط، وإنه لن يتكرر لأن الطرف هذه المرة هو الفلسطينيون، ما يجعل المعادلة مختلفة تماما.
وجاءت المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت 2002، كما يأتي:
1 - يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا.
2 - كما يطالبها بالقيام بما يلي:
أ - الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو/ حزيران 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
ب- التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
ج- قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو/ حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
3 - عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
أ - اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ب- إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
4 - ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.
5 - يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.
6 - يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.
7 - يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.