تواجه مدينة
القدس المحتلة في هذه الأيام حالة من التوتر الشديد، في أعقاب موافقة الحكومة
الإسرائيلية أوائل أيار/ مايو على إقرار الخطة التطويرية الخمسية بهدف تعزيز وضع القدس كـ"عاصمة" للدولة اليهودية.
وقد تم إقرار ميزانية قدرها 850 مليون شيكل، أي ما يعادل 220 مليون دولار، تصرف على مدار خمس سنوات بين عامي 2016 -2021، لتنفيذ ودعم مشاريع سياحية وصناعية وتجارية وأكاديمية في القدس المحتلة.
يأتي هذا القانون الإسرائيلي، في الوقت الذي تكثفت فيه الفعاليات الشعبية
الفلسطينية في مدينة القدس لمواجهة حملات تسريب ملكية بعض العقارات المقدسية للسلطات الإسرائيلية.
من جانبه، قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة
التهويد "همة"، ناصر الهدمي، إن "سياسة السيطرة على العقارات المقدسية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية بحق المقدسيين ممنهجة، وتقع ضمن مخططات معد لها مسبقا لتغيير الوضع الديمغرافي في القدس لصالح الكيان الإسرائيلي".
ووصف الهدمي، لـ"
عربي21"، "الموقف الرسمي الفلسطيني في التعامل مع موضوع القدس بـ"المتآمر والمتخاذل"، معتبرا أن هذا "اتضح لنا من خلال متابعتنا أن ملف القدس لم يكن ضمن أولويات القيادة الفلسطينية".
وقال إن الهيئة "كثفت من حملات التوعية بمخاطر تهويد القدس، لمنع المواطنين المقدسيين من الاستجابة لإغراءات المستوطنين ببيع منازلهم، الأمر الذي يعطي الجانب الإسرائيلي تفوقا ديموغرافيا على حساب الفلسطينيين في القدس".
وكان تجمع عائلات البلدة القديمة في القدس قد أعلن قبل أيام، عن "وثيقة عهد القدس وميثاقها" لحماية العقارات واسترجاع ما سُرب منها، أو تمت مصادرته من الاحتلال. وناشد التجمع الصناديق المانحة للإسراع بشراء العقارات المعروضة للبيع حتى لا تتسرب للإسرائيليين.
وأشار النائب في المجلس التشريعي عن مدينة القدس المحتلة، محمد طوطح، إلى أن "عمليات تهويد مدينة القدس نمت بشكل متسارع في الفترة الماضية، مرجعا ذلك لعدة أسباب، أهمها الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، الذي أعطى فرصة ذهبية لانفراد الجانب الإسرائيلي بملف القدس، والانشغال الوضع العربي والإسلامي بمشاكله الداخلية"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"
عربي21" أن الموقف الرسمي الفلسطيني تجاه عمليات تسريب بعض ملكيات العقارات الفلسطينية في مدينة القدس "ضعيف، ولا يرقى لحجم المخططات التي تنفذها إسرائيل". وقال: "قدم نواب المجلس التشريعي عن مدينة القدس خطة لحماية ما تبقى من العقارات الفلسطينية في البلدة القديمة، لكن السلطة الفلسطينية لم تلقِ لها بالا".
وسعت إسرائيل خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططها
الاستيطاني والهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس؛ من خلال سلسة القرارات والقوانين المجحفة بحق المقدسيين "كقانون أملاك الغائبين" الذي أقره الكنيست عام 1950، وما زال ساري المفعول حتى هذه اللحظة، وبموجب القانون توضع ممتلكات الفلسطينيين المهاجرين تحت تصرف "القائم على أموال الغائبين".
وتركزت عمليات بيع ممتلكات الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي في مخيم شعفاط وضاحية السلام والبريد وعناتا والعيزرية وأبو ديس، وتعتبر هذه الأحياء العربية ذات تركيز سكاني كثيف بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين.
ويشير جهاد ياسين، وهو أحد الذين وافقوا على بيع منازلهم لصالح الجمعيات الاستيطانية، إلى أن "الأحياء العربية في القدس المحتلة تشهد عمليات نزوح وتهجير قسرية لم تشهدها مدينة القدس من قبل".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "بلدية القدس الاحتلالية تضع شروطا قاسية بحق المقدسيين تمنعهم من التملك، أو حتى التوسع في منازلهم، وتفرض الرسوم والضرائب الباهظة، التي تصل إلى 30 ألف شيكل إسرائيلي، (ما يعادل ثمانية آلاف دولار)، بحق العائلات العربية، ما يدفعها إلى الرحيل لعدم وجود جمعيات فلسطينية حقيقية تدعم صمود المقدسيين ضد هذه المخططات"، كما يقول.
وذكر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، في نيسان/ أبريل الماضي، أن إجراءات تهويد القدس في السنوات الخمس الماضية شهدت ارتفاعا بنسبة 400 في المئة، ما يعطي الإسرائيليين تفوقا سكانيا على حساب الفلسطينيين، الذين انخفضت نسبتهم من 62 في المئة من إجمالي السكان إلى 28 في المئة.