مقالات مختارة

طابورٌ خامس... فاحذروهم

1300x600
الموزِّعون للعنف في حياة الناس وثقافتهم، والناشرون للأحقاد بين إخوة الوطن وأبناء الأمّة، والعابثون بجهلٍ في المقدسات، والمتطاولون على قيم المجتمع والدّين، والمستهترون بثروات الأمة وخيراتها، والقاذفون بالكذب والبهتان ليُشعِلوا النيران في النسيج الاجتماعي والثقافي، والموهنون لعزيمة الأمّة وإرادتها عن المضيّ لنيل حقوقها، المفرِّقون للصف، والمشتِّتون للرأي، ومتصيِّدو الزَّلات وسقْطِ الكلام، المفترون على التاريخ، والمنتصرون لأرذل ما في حيوانيتهم من تنطع وتوحش، هؤلاء مخرِّبون.. مخرِّبون لحياة الأمة ومدمِّرون لاحتمالات نهوضها وهم الطابور الخامس الذي يقدِّم للاستعمار طواعية أو تكليفا، مهما كانت أسماؤه وعناوينه، أهمَّ الخدمات وأجلَّها وهم من يهيِّئ للهزائم والنكبات أسبابها، ولذا وجب التنبيه من مخاطرهم والتحذير من أساليبهم.

ويزداد أثر هؤلاء خطورة عندما تكون الأمة في أتون معركة كالتي تخوضها الأمة اليوم على أكثر من جبهة، وما المرجفون في المدينة أقل خطرا من جيوش الظلم وعتاة الظلمة.. إنه الطابور الخامس الذي يتحرك كالسوس ينخر الخشب فيُسقطه كما سقطت عصا سيدنا سليمان عليه السلام.. إنه الطابور الخامس الذي يتلذذ بفُرقة المسلمين وينتشي باللعن والشتم لكل مخالف، ويمارس كل ما نهى الله عنه من غمز ولمز وتنابز.. إنه سلوك المهزومين وخُلق فاقدي الإحساس بالانتماء لهذا الدين الجميل رحمة للعالمين.. إنما هم ينتمون إلى دين آخر غير متَّصل بالوحي الأمين.

ولكي يكون الأمر واضحا، علينا أن نبرز قيمة الدين في الوعي والممارسة، وهو ما تحتاجه الأمة، بل والبشرية جمعاء؛ فديننا رحمة الله للعالمين كل العالمين، دينُ التآخي والتناصح والعفو والصفح الجميل، دين الكرم والبذل والعطاء والإيثار، دين الوعي والرشد والتمعُّن والتدبُّر، دين الإنسان الفطري والأخوَّة الإنسانية والسَّلام، دين الدعوة إلى الله بالحكمة والمجادلة بالحسنى، دين البحث عن كل خير لتنميته، دين الدعوة إلى الهداية وحقن الدماء والبحث عن الأيسر والتيسير على عباد الله.. دين حفظ الأنفس والأموال والعقل والأمان.. وتأتي كل العبادات الفردية لتعزز هذه المعاني وترسخها في الوجدان والسلوك.. هذا هو ديننا الذي تنطوي عليه آيات القرآن الكريم وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

أما الطابور الخامس فيرفع في وجه ديننا دينا آخر.. إنه دين القسوة والعنف والتفريق والتشتيت والتنطُّع والذبح والتكفير والتعصُّب والإمعان في التشفِّي، دينٌ يفرِّق المسلمين ويبدِّد الروح الإنسانية ويستبيح كل محرَّم، دينٌ وسيلة إقناعه الخنجر والسيف والسوط والمفخخات، دين السبي والأغلال وإهراق الدم وتخريب العمران وبث الرعب في الآمنين، دين لا مهمة له إلا تحطيم الدين المحمدي.. دين يسير في ركاب الطواغيت من الغربيين الاستعماريين وأعوانهم، دين له مشايخه ومثقفوه ومروِّجو مقولاته..

بين ديننا وهذا "الدّين" حربٌ ضروس وهي الحرب الأخطر على مستقبل الرسالة.. ولا يتورَّع الطابور الخامس في الاستنجاد بالصهاينة والمستعمرين، لقتل كل بادرة خير في وحدة الأمّة واستقرارها ونهضتها وكفاحها ومقاومتها.. ولا يتردد الطابور الخامس في فعل أي شيء من شأنه جرّ المسلمين إلى مستنقعات الدم في كل مكان.. وهكذا يصبح علماء الدّين الربانيون والمثقفون الأحرار الشرفاء والمفكرون النابهون أمام مهمةٍ تاريخية مفصلية لإعلاء شأن الدين المحمدي، ودحر الأشرار ومقولاتهم، والمعيار في هذا واضح تمام الوضوح: فوحدة الأمة وفلسطين والنهضة هو طريقُ الرشاد، ومن يفرِّق الصف ويتواطأ مع العدوّ ويُهدر طاقات الأمة فهو في درب الشيطان.. تولانا الله برحمته.

عن صحيفة الشروق الجزائرية
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع