يتوجه وفد من حركة المقاومة الإسلامية "
حماس"، إلى
مصر، في الأيام القليلة المقبلة، لبحث مصالحة فلسطينية، تحت رعاية جهاز المخابرات العامة المصرية، ما اعتبره مراقبون محاولة لسحب البساط من تحت أقدام الاجتماعات التحضيرية التي جرت في الدوحة بين حركتي حماس وفتح، وإظهارا لرئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في صورة الزعيم العربي الذي يقود تلك الجهود.
وأكد المراقبون أن مصر تستهدف من تحركاتها تلك، استرداد دورها في القضية الفلسطينية، الذي تعتبره أوساط مصرية "قياديا ومحوريا"، رابطة التحرك المصري بدعوة رئيس الانقلاب، في الشهر الماضي، لتوفير الأمن للإسرائيليين، مقابل الأمل للفلسطينيين، وتركيزه الضوء على ما اعتبره "حالة الانقسام التي أثرت بالسلب على القضية الفلسطينية"، وفق قوله.
من جهتها، روّجت وسائل إعلام مقربة من السلطات المصرية لمزاعم يرى فيها متعاطفون مع "حماس" ابتزازا لحركة المقاومة الإسلامية، فيما يستهدف الإعلام المصري تقديم السيسي في صورة "القائد العربي" الذي يسعى لترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، ودفع عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ولا تتوقف القاهرة عن إعلان تشككها في نيات حماس لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتتحدث تقارير مصرية عن غضب مصري من مزاعم عمليات تهريب تتم عبر الأنفاق، وتزيد عليها مطالبة "حماس" بتسليم عناصر مصرية تدعي أنها هربت للقطاع عقب أحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، التي مهدت الأجواء للانقلاب.
ماذا قال "الزهار" في تصريحاته الجديدة؟
وكشف المكتب السياسي لحركة حماس، الدكتور محمود الزهار، أنه يجري التنسيق مع المسؤولين في القاهرة حاليا لسفر وفد الحركة إلى مصر، مؤكدا أنه بمجرد انتهاء المسؤولين المصريين من الترتيبات الأمنية فسيتوجه الوفد لمصر.
وأشار إلى توجه الوفد إلى قطر عقب إنهاء مباحثاتهم مع المسؤولين المصريين.
وأضاف الزهار في تصريحات نقلتها صحيفة "اليوم السابع"، السبت، أنه سيترأس وفد الحركة مع عدد من القيادات في غزة، والدكتور موسى أبو مرزوق، الذي سيأتي من الخارج تزامنا مع وصول الوفد.
وأوضح أن "حماس" ستبحث ترتيب تطبيق الاتفاق الموقع في القاهرة عام 2011، وهو تشكيل حكومة وطنية، عقب فشل الحكومة الحالية، وإجراء الانتخابات، وإنجاز المصالحة المجتمعية، والترتيبات الإدارية التي في مقدمتها ملف الموظفين، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن حرية الوصول لقيادات حركة فتح سيكون سهلا من الضفة للأردن ثم للقاهرة خلافا لغزة، مطالبا باستكمال الاتفاق الموقع في القاهرة الذي ترفض أطراف عدة، ومنها إسرائيل، تطبيقه، بحسب تأكيده.
وأكد الزهار أن حركة حماس ليس لديها أي مطالب سوى تطبيق الاتفاق الموقع في القاهرة في أيار/ مايو 2011، الذي تم برعاية مصرية، مشددا على ضرورة تطبيق الاتفاق عبر تشكيل حكومة وفاق وطني، وإجراء انتخابات المجلس التشريعي، والمجلس الوطني، وإنجاز المصالحة المجتمعية.
وتابع بأن حركة حماس قامت بمصالحة مجتمعية بين العائلات في المواجهات التي جرت بين حركتي فتح وحماس، إضافة لتطبيق العقيدة الأمنية التي تم الاتفاق عليها في القاهرة، وهي أن "العدو الإسرائيلي عدو الشعب الفلسطيني".
"اليوم السابع": "حماس" هي التي طلبت
وتشهد القاهرة هذه الأيام تحركات مكثفة لسحب البساط من تحت أقدام اجتماعات الدوحة التي التأم فيها وفدا "حماس" و"فتح" أخيرا، وشهدت القاهرة في الأيام الماضية اجتماعات مسؤولين مصريين مع قيادات الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة المقاومة الشعبية لبحث ملف تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الفصائل الفلسطينية كافة.
ونقلت "اليوم السابع" عن مسؤولين مصريين قولهم إنهم أطلعوا قادة الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت في القاهرة مؤخرا على رؤيتهم لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وذلك مع وفد حركة حماس، مرورا بالاجتماعات التي جرت مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح، وأخيرا مع قادة الفصائل التي حضرت مؤخرا إلى القاهرة، وهي الجبهتان الشعبية والديمقراطية، وحركة المقاومة الشعبية.
وأكدت المصادر أن الفصائل التى اجتمعت في القاهرة شددت على ضرورة أن يكون هناك حوار شامل بين الفصائل كافة، وليس "فتح" و"حماس" فقط، لإنهاء الانقسام، موضحا أن حركة حماس أرسلت طلبا للقاهرة منذ شهر ونصف الشهر للقاء المسؤولين المصريين لبحث ملف المصالحة، ومعبر رفح، وضبط الحدود المشتركة بين قطاع غزة وسيناء.
وأوضحت المصادر أن الفصائل الفلسطينية التى اجتمعت في القاهرة أخيرا ستجري العديد من المشاورات مع قيادات حركتي فتح وحماس لتقريب وجهات النظر، لا سيما في العديد من الملفات العالقة، وفي مقدمتها أزمة موظفي "حماس" في معبر رفح، وبحث انضمام "حماس" لمنظمة التحرير، وتشكيل حكومة وحدة وطنية نهاية العام الجاري.
ماذا حدث في اجتماعات القاهرة؟
وزارت وفود من قادة الفصائل الفلسطينية القاهرة أخيرا، وهم قادة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الداخل والخارج، والجبهة الديمقراطية، وحركة المقاومة الشعبية، حيث عقدوا لقاءات مع عدد من المسؤولين المصريين، وبحثوا ملفات أهمها "الانقسام الفلسطيني".
وكشفت مصادر مصرية أن توافد عدد من الفصائل الفلسطينية على القاهرة، في خلال الأيام الماضية، يأتي تلبية لدعوة وجهها جهاز المخابرات العامة، لعدد من الفصائل التي ستشارك في الحوار الذي دعا له السيسي.
وقالت المصادر إنه من المنتظر أن يلحق بوفد الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة المقاومة الشعبية.. وفد حركة فتح برئاسة عزام الأحمد، ووفد حركة حماس برئاسة الدكتور محمود الزهار، وعضوية خليل الحية والدكتور موسى أبو مرزوق.
قريع يحمل على "حماس"
وكان المفاوض الفلسطيني البارز، عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد قريع، أعرب عن أسفه في تصريحات نقلتها صحيفة "المصري اليوم"، الجمعة، كون الفلسطينيين يعيشون "فترة صعبة جدا"، بسبب انتهاكات إسرائيل المستمرة لاتفاقية "أوسلو" التي لم تلتزم بها، وتماطل دائما عن المدة المحددة لها، التي لا تزيد على خمس سنوات، كمرحلة انتقالية للانسحاب من الضفة، وفق قوله.
ورأى قريع أن المصالحة الفلسطينية دائما ما تفشل في مراحلها الأخيرة، مستدركا في الوقت نفسه بقوله: "إلا أننا متمسكون بها، لأسباب كثيرة، أولها أنه لا بد من دعوة حماس والجهاد الإسلامي للمشاركة فى المجلس الوطني للبدء في استحقاقاته، وعمل المجلس التشريعي بعد توقفه منذ الانقسام".
واتهم قريع "حماس" بأنها لا تسعى جديا للمصالحة، وأنها دائما ما تضع شروطا تعجيزية، مضيفا أن "حماس" تريد تنفيذ اتفاقات القاهرة دون العودة إلى ما نصت عليه عام 2011 حول ملف الموظفين، بإنشاء لجنة إدارية قانونية لدراسة حاجة الهيكل الإداري للوزارات من الموظفين، بعيدا عن المحاصصة السياسية والتنظيمية.
وحول ما ذكرته آخر استطلاعات الرأي من أن أغلب قادة حركة فتح ومنظمة التحرير يرفضون الاستمرار في تنفيذ اتفاقية أوسلو مع الاحتلال، فقد علق قريع بالقول إن "هناك اختلافات داخل المنظمة واللجنة المركزية حول الاستمرار في اتفاقية أوسلو مع الاحتلال، لكننا لن ننهيها، والاتفاقية لا تزال سارية المفعول، تيقنا منا بأن إسرائيل ستصل في انتهاكاتها للنهاية في يوم ما"، على حد قوله.
وعن المبادرة العربية، وطلب إسرائيل تعديلها، قال: "إذا وافق أي فلسطيني على تعديل بند واحد من بنود المبادرة العربية، فإنه بذلك ينهي القضية، والحقوق الفلسطينية للأبد، لأنها تتحدث عن إقامة دولة على حدود 67، وحق اللاجئين والقدس عاصمة فلسطين، وترسيم الحدود، ولكن دون ذلك لن تكون هناك فلسطين"، حسبما قال.