في مثل هذه الأيام من كل عام؛ ينشط كثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين، في مساعدة آلاف
المعتقلين وذويهم المحتاجين، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي أو السياسي، من خلال تقديم "شنط رمضانية" و"وجبات
إفطار".
واكتظت السجون
المصرية بعد انقلاب العسكر على الرئيس الشرعي محمد مرسي، بآلاف المعتقلين السياسيين من كافة التيارات السياسية، وزُج بهم في جميع أنواع مراكز الاحتجاز والاعتقال السرية والعلنية، الرسمية وغير الرسمية، ما اضطر السلطات إلى تشييد 11 سجنا مركزيا جديدا؛ لاستيعاب الزيادة المطردة في أعداد المعتقلين التي تقدر بـ60 ألفا أو أكثر.
مواساة ومساعدة
وقالت زوجة أحد الصحفيين المعتقلين في قضية "فض
اعتصام رابعة"، إن هذه الحملات التي أطلقها نشطاء في
شهر رمضان عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الأرض، هدفها "التخفيف عن المعتقلين وذويهم؛ ممن يفتقرون للمال اللازم في توفير طعامهم وشرابهم".
وأضافت الزوجة، التي طلبت عدم ذكر اسمها، لـ"
عربي21" أن هناك العديد من الحملات في المحافظات، "كحملة إفطار المعتقلين" و"إفطار أسر المعتقلين" وغيرها، مشيرة إلى أن "العاملين في هذه الحملات معرَّضون للأذى، فهذه الحملات ممنوعة من قبل النظام الحالي".
من جهته؛ قال عمر فرج، أحد القائمين على هذه الحملات، إنه "تم تجميع مبلغ يكفي أربعة آلاف وجبة لتقديمها للمعتقلين في السجون بالعديد من المحافظات"، مشيرا إلى أن سعر الوجبة الواحدة يبلغ "25 جنيها، ونسعى للوصول إلى 13 ألف وجبة نهاية شهر رمضان".
وعن مدى الاستجابة للحملات؛ أكد فرج أن "هناك تجاوبا كبيرا، ورغبة حقيقية في مساعدة هؤلاء المظلومين المحرومين وذويهم من أبسط حقوقهم".
وأضاف فرج لـ"
عربي21": "تأتي هذه الحملات في سياق التضامن مع المعتقلين، وهي لفتة إنسانية بالوقوف إلى جوارهم في محنتهم، وتقديم طعام بديل عن ذلك الطعام الرديء الذي يُقدم لهم في المعتقلات، كما أنها تأتي في سياق إلهاف المعتقلين غير القادرين، وتحمل بعض المسؤولية لبعض الوقت عن أهاليهم الذين أثقلهم الحمل".
وبيّن أن هناك كثيرا من الأسر التي "لا تستطيع زيارة ذويها بسبب انعدام قدرتها المالية، وظروفها الصعبة، فرحلة الزيارة تكلف الكثير من المال والوقت والجهد، وليس بمقدور الجميع تحمل نفقاتها".
جهود فردية
بدورها؛ بينت سناء جميل، إحدى الناشطات في حملة "إفطار المعتقلين" أن هناك العديد من الحملات التي تقوم على جهود فردية، وليست عن طريق جماعات، أو أحزاب، أو مؤسسات بعينها، "تجنبا للملاحقات الأمنية، والمساءلة القانونية".
وقالت سناء لـ"
عربي21": "لا نقوم بنشر إعلانات ولا منشورات.. كل ما نقوم به هو محاولة التواصل فيما بيننا، بهدف فك كربة مئات المعتقلين في السجون، وحقهم في تناول وجبة آدمية، في هذا الشهر المبارك".
وجبات بلا تصنيفات
من جهته؛ قال القيادي في حزب الحرية والعدالة، أحمد رامي الحوفي، إن "لائحة السجن في الوقت الذي تمنع فيه الزيارات إلا بحد أقصى؛ فإنها تسمح بإدخال الأطعمة دون حد أقصى من الأيام، لذلك يقوم الأهالي بعمل جداول مناوبات فيما بينهم، بحيث يتم إدخال وجبة ساخنة كل يوم للسجن".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "يتم إدخال الوجبات في اليوم ذاته بالمكونات ذاتها؛ لأن عدم إمكانية حفظ الأطعمة المطبوخة يعرضها للفساد في حال مضى عليها بضع ساعات، دون أن يتم تناولها أو تبريدها".
وأكد الحوفي أن هذه الترتيبات لا تخضع إلى أي تصنيف، "بمعنى أن من يأتي عليه الدور في إعداد الوجبات؛ يضع في حسابه جميع المعتقلين في الغرفة، دون النظر إلى اتجاههم أو انتمائهم السياسي".
ويشترك عشرات المعتقلين في عنابر وغرف صغيرة، ما يجعل من مشاركة الطعام ووجبات الفطور أمرا لا مفر منه، بل يحرص عليه غالبية السجناء، إن لم يكن جميعهم، ومن هنا تزيد هذه الحملات عدد الوجبات؛ لتصل إلى أكبر قدر من المعتقلين في المكان الواحد.