يعاني
المصريون مؤخرا من أزمة جديدة، تضاف إلى مسلسل أزماتهم، بعد موافقة الحكومة على رفع أسعار الأدوية، وهو القرار الذي تم تطبيقه بطريقة عشوائية أحدثت ارتباكا في سوق
الدواء بالبلاد، بحسب مراقبين.
وكان مجلس الوزراء وافق على رفع أسعار الأدوية، بدءا من منتصف شهر أيار/ مايو الجاري، بحيث تكون الزيادة 20 في المئة جنيهات لأسعار الأدوية الأقل من 30 جنيها (3 دولارات)، وبرر هذا الارتفاع بأنه استجابة لشكاوى شركات الدواء التي تكبدت خسائر كبيرة؛ بسبب زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
لكن هذا القرار أثار حالة من الغضب بين المرضى، خاصة الفقراء منهم، بعدما فوجئوا بارتفاع بعض أنواع الأدوية بنسب بلغت 400 في المئة من قيمتها.
الحكومة ضحت بالفقراء
وقال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن الحكومة ضحت بالمريض الفقير لصالح شركات الأدوية، مؤكدا أنه من المتوقع أن يتم رفع أسعار الأدوية مجددا في المستقبل القريب، في ظل استمرار أزمة الدولار في البلاد.
وتضع الحكومة تسعيرة إجبارية لبيع الأدوية في مصر، وتلزم بها شركات الأدوية المملوكة للقطاع الخاص، التي تسيطر على 90 في المئة من السوق.
وبحسب تقارير صحفية، فإن كثيرا من شركات الأدوية أوقفت إنتاجها؛ للضغط على الحكومة لزيادة الأسعار، ما سبب أزمة حقيقية في البلاد، بعد اختفاء أنواع كثيرة من الأدوية التي تعالج أمراضا خطيرة.
وفي بيان سابق لها، قالت الحكومة إنها رفعت الأسعار بعد اختفاء نحو أربعة آلاف صنف دواء، لم تعد الشركات تنتجها؛ لأن التكلفة أصبحت أعلى من سعر البيع، مؤكدة أن زيادة أسعار الأدوية التي تقل عن 30 جنيها تمكن الحكومة من توفير الأدوية للمريض البسيط الذي يعاني من عدم توفرها".
البرلمان يستدعي وزير الصحة
ولمحاولة احتواء الأزمة، استدعت لجنة الصحة بالبرلمان أحمد عماد وزير الصحة لاجتماع عاجل يوم الأحد؛ لمناقشة أزمة ارتفاع أسعار الدواء.
وقال النائب خالد الهلالي، عضو اللجنة، في تصريحات صحفية، إن النواب أصروا على استدعاء الوزير؛ لوضع حد لتلك الأزمة، التي تسببت في حالة من الاحتقان الشديد في الشارع المصري.
وأوضح أن الحكومة لم تضع قواعد واضحة لتحديد الأسعار منذ بداية الأزمة، وتركت الأمور تسير بطريقة غير منظمة، ما أسفر عن ارتفاعات عشوائية في أسعار الأدوية.
وتقدم النائب علاء والي، عضو مجلس النواب، ببيان عاجل بشأن ما قال إنه تلاعب من قبل شركات الأدوية بعد قرار رفع الأسعار، مضيفا أن البرلمان تلقى العديد من الشكاوى من المواطنين بشأن ارتفاع أسعار الدواء بشكل مبالغ فيه.
وقال والي، في بيان له السبت، إن قرار رئيس الوزراء بزيادة أسعار الأدوية بنسبة 20 في المئة تم تنفيذه بطريقة خاطئة، حيث تلاعبت بعض شركات الأدوية في القرار، ورفعت أسعار الأدوية بنسب كبيرة، مستغلة غياب الرقابة الحكومية على الأسواق.
وأوضح أن بعض الشركات أقرت الزيادة على الوحدة، بمعنى أن علبة الدواء التي تحتوي على شريطين من الأدوية، تكون الزيادة على كل شريط على حدة، كما أن الأسعار أصبحت متفاوتة بين صيدلية وأخرى، وأصبحت كل صيدلية تبيع بسعر مختلف، ما سبب ارتباكا كبيرا عند المرضى، خاصة المصابين بأمراض مزمنة مثل ارتفاع الضغط والقلب والسكري".
وانتقد النائب إقرار مجلس الوزراء لرفع الأسعار قبل عرضه على البرلمان، مطالبا وزير الصحة بالتحدث إلى الرأي العام، وشرح الإجراءات التي اتخذها لحل الأزمة.
كما طالب الوزارة بالتفتيش على شركات الدواء والصيدليات، للتأكد من تنفيذ الزيادة بطريقة صحيحة على الأدوية، مضيفا أن المواطن أصبح لا يتحمل أي زيادة في أسعار الأدوية بجانب غلاء جميع السلع والخدمات الأخرى".
وزير الصحة تراجع عن اتهام الصيادلة
من جانبه، تراجع أحمد عماد الدين، وزير الصحة، عن الاتهامات التي نقلتها عنه وسائل الإعلام، واتهم فيها الصيدليات بالتسبب في الأزمة، عبر التلاعب في أسعار الدواء، مؤكدا أن هذه الأخبار غير صحيحة على الإطلاق.
وأكد وزير الصحة، في بيان له السبت، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أنه لم يصدر أي تصريحات تسيء للصيادلة، مشيرا إلى أنه يكن لهم كل تقدير واحترام.
وأشار عماد الدين إلى أن بعض شركات الأدوية والموزعين ربما يكونون قد فسروا قرار التسعير الجديد بطريقة خاطئة، لكنهم لا يقصدون الإضرار بالمرضى، موضحا أن مجلس الوزراء اتخذ يوم السبت إجراءات جديدة؛ لضبط القرار، ومنع التفسير الخاطئ له، وضمان تنفيذه بطريقة صحيحة.
وأشاد وزير الصحة بالدور الهام والمجهود الكبير الذي تبذله نقابة الصيادلة لضبط سوق الدواء في مصر، مشيرا إلى أنه عقد اجتماعا مع وكيل نقابة الصيادلة للتنسيق بين الوزارة والنقابة بشأن قرار تسعير الدواء الأخير، وضبط السوق، وضمان وصول الدواء للمواطنين بالأسعار المتفقة مع قرار مجلس الوزراء.