اعترف الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، بصعوبة الأوضاع الاقتصادية في البلاد جراء تدهور أسعار النفط، وتراجع موارد البلاد بأكثر من النصف في ظرف قصير.
وألقى
عبد المالك سلال، الأحد، خطابا يحمل الكثير من المخاوف إزاء مستقبل البلاد على الصعيد
الاقتصادي والاجتماعي قائلا لدى افتتاح أشغال "الثلاثية"، التي تضم الحكومة ورجال الأعمال والاتحاد العام للعمال
الجزائريين، إن "البلاد تقاوم جيدا السياق الاقتصادي الصعب في ظل تراجع مواردها المالية بأكثر من النصف".
وتابع الوزير الأول الجزائري قائلا "أقولها دون ديماغوجية، الوضع صعب والعوائق حقيقية والغد غامض، إلا أن الجزائر تقاوم جيدا".
وتعاني الجزائر، بعد سنتين كاملتين على بداية تراجع أسعار النفط السريع، من صعوبات حادة بالوضع الاقتصادي، حيث لجأت إلى تجميد عشرات المشاريع التنموية التي تتطلب كلفة مالية كبيرة، وحسب تصريحات سلال فإن احتياطات الصرف بالبلاد بلغت 136 مليار دولار، وهو رقم مخيف، قياسا بحاجيات الجزائريين الذين يتخوفون من العودة إلى سنوات الندرة.
ولجأت الحكومة شهر نيسان/ أبريل إلى إطلاق القرض السندي، الذي يتيح للمواطنين شراء سندات من البنوك من أجل أن يتسنى للحكومة مواصلة تمويل المشاريع الحيوية، مثلما دعت أصحاب الأموال غير المودعة بالبنوك إلى إيداعها، مع الحصول على إعفاءات جبائية، غير أن العملية، لم تعرف نجاحا مثلما كانت تتوقع الحكومة، إذ لم يتم امتصاص الأموال الموجودة بالسوق الموازية، إلا بنسبة ضئيلة جدا.
وقال سلال إن "الاقتصاد الوطني الجزائري تراجع في حجم الواردات بـ 13 % في الأشهر الأولى لـ 2016 مقارنة بنفس الفترة من 2015، كما أن نسبة التضخم بقيت مستقرة عند 4% مع تواصل ارتفاع القروض الموجهة للاقتصاد".
وتعيب المعارضة السياسية بالجزائر على الحكومة سوء تسيير موارد النفط والعجز عن إيجاد بديل عن اقتصاد النفط، وقال عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية المعارضة بالجزائر، إن السلطة الجزائرية صرفت ما لا يقل عن 90 مليار دولار لشراء السلم الاجتماعي، واستند في ذلك على تقرير لمجلس المحاسبة الذي يتبع رئاسة الجمهورية بالجزائر، لم يتم نشره.
وقال جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" المعارض بالجزائر، في تصريح لـ "
عربي21"، الأحد، "إن السلطة بالجزائر صرفت ما لا يقل عن 800 مليار دولار منذ أن اعتلى الرئيس بوتفليقة سدة الحكم عام 1999".
وتساءل جيلالي سفيان: "أين ذهبت كل تلك الأموال، بينما الحكومة عجزت حتى عن تشييد مشفى محترم يغني الرئيس عن التنقل إلى أوروبا بغرض العلاج أو إجراء فحوصات طبية دورية كما تقول الرئاسة بالجزائر".
وتبحث الحكومة الجزائرية، سبل التخفيف من
الأزمة الاقتصادية، في ظل تجارب سابقة، أظهرت أن الأزمة الاقتصادية ما هي إلا بوادر لأزمات أخرى، فخلال التسعينيات من القرن الماضي عاشت البلاد ظروفا مثيلة، وشهدت مظاهرات واحتجاجات عارمة عمت مختلف المحافظات بالجزائر، وشارفت الجزائر وضعا وصل حد العجز عن تسديد رواتب الموظفين والعمال الذين أحالت الآلاف منهم على بطالة تقنية.
وطالب نائب البرلمان الجزائري، منصور عبد العزيز، حكومة بلاده بتقديم تفسيرات جدية بخصوص وجهة 800 مليار دولار، ولماذا مازال الاقتصاد الجزائري مبنيا على عائدات النفط بنسبة 98 بالمائة، رغم الأموال الباهظة التي خصصت لبناء اقتصاد بديل عن النفط وتعزيز قدرات الإنتاج الوطني.
وقال عبد العزيز في تصريح سابق لـ "
عربي21" إن "الجزائر في خطر حقيقي يهدد اقتصادها"، وتساءل: "هل يعقل أن نضخ 800 مليار دولار في ظرف 15 سنة دون أن نشهد إقلاعا اقتصاديا حقيقيا".
لكن الوزير الأول الجزائري استبق مؤشرات احتقان محتمل بالبلاد عندما صرح أنه ينبغي "ضمان الحقوق الاجتماعية للعمال دون استثناء، ونجاحنا يتطلب وضع قواعد عادلة وبسيطة تقبلها الأغلبية وتطبق على الجميع بكل إنصاف وشفافية".
وعبر الوزير الأول الجزائري عن "استعداد الحكومة للتشاور والحوار حول كل القضايا ذات الاهتمام الوطني في إطار الاحترام الصارم للقانون والتنظيم".
وطمأن سلال، الجزائريين بقوله "الوطن آمن ومستقر ويقوده المجاهد الذي اختاره المواطنون والذي تقف خلفه بكل التزام كل مؤسسات الدولة"، مضيفا أن "الجزائر حرة وسيدة في قرارها السياسي والاقتصادي".