نشرت مجلة "نيوزويك" تقريرا للكاتبين لوسي كلارك- بيلنغز وجوش لوي، حول
جذور دونالد
ترامب، قالا فيه إن والدة دونالد ترامب ماري آن ماكليود، ولدت في جزيرة لويس، وهي أكبر جزر "الأوترهبريديز" التابعة لأسكتلندا، وهي مجموعة جزر قليلة السكان، وغنية بالحياة البرية من الغزلان إلى الطيور الفريدة.
ويشير التقرير إلى أن ماري آن ولدت في قرية تونغ في أبرشية ستورنوي في 10 أيار/ مايو 1912، لأب يعمل في صيد الأسماك اسمه مالكوم وزوجته ماري سميث، لافتا إلى أنها تعلمت، مثل أبويها، لغة السلتك للسكان الأصليين، وتحدثوا باللغة الغالية الأسكتلندية، وغالبا ما يكون ترامب سمع التهويدات باللغة الغالية وهو رضيع.
ويذكر الكاتبان أن جزيرة لويس تعد من آخر الأماكن في المملكة المتحدة التي تسيطر فيها الكنيسة الخالية من التأثير الكالفيني، حيث توصف في دليل السفر (لونلي بلانيت) بأنها "آخر معقل لاحترام شعائر عطلة السبت في المملكة المتحدة".
وتنقل المجلة عن تيريزا سالمون قولها عن ماري آن: "كانت امرأة مسيحية جيدة"، وأضافت: "هذا كل ما أعرفه عنها، لكن والله إنها ستكون فخورة بدونالد".
ويلفت التقرير إلى أن هناك شيئا يشارك فيه ترامب أتباع الدين القديم في لويس، وهو أنه لا يشرب الخمر، حيث عانى من هول موت أخيه بسبب إدمان الكحول، ما قد يكون زاد من التزامه بالتعاليم التي تعلمها في حضن أمه، فيقول إنه لم يشرب أو يدخن السجائر، وقال خلال حملته العام الماضي في ميتشيغان إن كتابه المفضل هو الكتاب المقدس، وقال في مقابلة مع شبكة التلفزة المسيحية (The 700 Club): "أنا بروتوستانتي وبريزبيتاريان، وتعرفون أن علاقتي بالكنيسة جيدة على مدى السنوات، أعتقد أن الدين رائع، وأظن أن ديني دين رائع".
ويورد الكاتبان أنه في بدايات القرن العشرين كانت تونغ مجتمعا متماسكا من صيادي السمك ومزارعين يعيشون في بيوتهم السوداء، التي لا تزال تقف اليوم بجدرانها الحجرية الثخينة، وسقوفها القوية المغطاة بالقش؛ للحماية من الظروف الجوية الشتوية، مشيرين إلى أن الحياة في هذه الجزر، ذات التضاريس الصعبة والأراضي الجبلية التي تغطيها الأعشاب والأشواك، تكون عادة صعبة.
وتنوه المجلة إلى أن ماري آن سافرت وهي في سن 18 عاما؛ بحثا عن حياة أفضل، من غلاسكو إلى أمريكا على سفينة ترانسلفانيا، ووصلت إلى نيويورك، حيث تزوجت فرد ترامب، وهو ابن مهاجرين من ألمانيا، وكان دونالد ثالث مولود لهم وثاني ذكر، حيث ولد في تاريخ 14 حزيران/ يونيو 1946.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هذه هي أول مرة في تاريخ أمريكا يتسابق فيها على الرئاسة مرشح ذو أصول أسكتلندية، مشيرا إلى أنه ركز كثيرا على جذوره، حيث قال ترامب في مقابلة في 2010: "ولدت أمي في جزر هبرديز في ستورنوي، وهذا يعني أنها من أسكتلندا"، وكتب من فترة قصيرة في صحيفة "ذي برس أند جورنال": "تم كسب أسكتلندا، وكذلك سيتم كسب الولايات المتحدة".
ويعلق الكاتبان بأن الكسب الذي تحدث عنه ترامب هنا هو مشروع مثير للجدل، قيمته مليار جنيه إسترليني، وهو ملعب غولف على مساحة 1400 فدان، يقوم بإنشائه في مقاطعة إبردينشاير التاريخية.
وتنقل المجلة عن ترامب قوله: "ضحك الناس عندما رأوا ما خططت له، لكني رأيت المد ينحسر في أبردين، عندها أصبح واضحا أنني قمت ببحث مكثف في المخاوف البيئية، واستأجرت كبار المتخصصين في الأمور كلها، التي تهم هذه الأرض العجيبة".
ويضيف ترامب: "عندما وصلت أسكتلندا كان الناس يختبرونني؛ ليروا كم أنا جاد، وكان علي أن أكسبهم، وعندما أقارن بين ما أفعله في أسكتلندا وما أسعى إليه في الولايات المتحدة، فإن هناك عدة أمور متوازية واضحة بالنسبة لي: الشغف ورد الجميل والإخلاص والنتائج".
وبحسب التقرير، فإن ماري آن، التي وصفت بأنها "فاعلة خير" في نعيها، واعتادت أن تزور مسقط رأسها، كانت أقل حديثا عن "رد الجميل"، وكانت نشيطة حتى وفاتها في جيش الخلاص "حركة مسيحية" والكشافة في أمريكا، ومؤسسة "لايتهاوس" للمكفوفين، وهناك مستشفى في جامايكا يحمل اسمها هي وزوجها، ومنحت هي وزوجها بناية لمؤسسة الكلى الوطنية ولمؤسسات تساعد المعوقين.
وتكشف المجلة عن أنه في جزيرة لويس ليس الكل متحمسا لأن يرتبط اسم الجزيرة باسم ترامب، حيث يقال للمراسلين إن ترامب حديث القرية، لكن فقط بين أهل القرية، مشيرة إلى قول أحد السكان: "ستجد أن الناس لا يريدون الحديث عن ترامب، الجميع يعرف أقرباءه، أو لديه قصة سمعها مرة حولهم، ولكن ليس الكل يحب أن يتحدث عنه، وهذا هو الحال".
ويذكر الكاتبان أن ترامب زار أبناء أخواله عام 2008، ويعيش عدد منهم في المزرعة الصغيرة، التي نشأت أمه فيها، والبيتين المجاورين،وظهروا في الصحافة البريطانية.
ويورد التقرير نقلا عن تيريزا سالمون، التي ولدت ونشأت في لويس، لكنها غادرتها عام 1960 مع زوجها، الذي كان يعمل في قوات البحرية الملكية، ثم عادت هي وزوجها إلى الجزيرة عام 1998 للتقاعد، ويعيشون في لشارع ذاته الذي عاشت فيه ماري آن فتاة صغيرة، قولها: "لدونالد أقارب كثيرون هنا، أبناء الأخوال والخالات بشكل عام، عندما كانوا شبابا ذهبوا إلى أمريكا لزيارة دونالد، فكان يعطيهم بطاقة الائتمان الخاصة به، ويقول لهم اذهبوا واشتروا ما شئتم، أي دلال هذا لشباب في مقتبل العمر، حتما كانت هذه تجربة مثيرة، ستكون أمه سعيدة لو رأت أين وصل الآن، أنا أعرف ذلك، أريده أن يفوز سيكون أمرا جيدا له ولأمه ولجزيرة لويس".
وتبين المجلة أنه في الوقت الذي تسارعت فيه حملة ترامب، فإن مجموعة أنشآت صفحة "فيسبوك" بعنوان جزيرة لويس تدعم ترامب للرئاسة، وجمعت 96 إعجابا، وتلقت رسائل دعم من المجتمع المحلي، بمن فيهم ابن خاله كالام مري، ومدحته الصفحة قائلة: "دونالد ترامب مستقيم في حديثه، ويقول كلمة الحق في الوجه، وهذه صفة من صفات أهل جزيرة لويس التي انحدرت أمه منها".
ويقول الكاتبان إنه عندما زار ترامب وشقيقته ستورنوي أكبر تجمع سكاني في جزيرة لويس، كان ألاسدير ماكلويد يعمل مسؤولا إعلاميا في المجلس المحلي، ويقول ماكلويد: "بدا بأنه غير مؤدب وأناني، ليس مثل سكان جزر هبرديز، الذين في العادة ينأون عن الظهور في الأضواء، لقد روعني بعض ما قال، لقد عملت مدرسا في الماضي، ودونالد يذكرني بالطالب المتنمر في الفصل أو في ملعب المدرسة، الشخص الذي يفرض نفسه".
ويشير التقرير إلى أن تعليقه العام الماضي حول منع دخول المسلمين كان سببا في جعل الوزيرة الأولى في أسكتلندا نيكولا ستيرجون تعزل ترامب من موقعه بصفته "سفيرا تجاريا" لأسكتلندا، حيث يقول أغناس ماكنيل من الحزب القومي الأسكتلندي: "كان هناك افتخار بإنجازات ترامب، لكن تصريحاته السياسية بعيدة عن المشاعر المضيافة لجزر هبرديز بعد هاواي عن هبرديز".
وتذكر المجلة أن هناك بعض الدعم على جزيرة لويس لترامب، وتحديدا من أقاربه، مستدركة بأن "جرأته التي تفتقر للحياء تصطدم بالأخلاق المتواضعة التي تميز أهل القرية، ولذلك ليس من الغريب أن يسود شعور بعدم الراحة بمجرد ذكر اسمه".
وتختم "نيوزويك" تقريرها بالإشارة إلى قول عضو الحزب الوطني الأسكتلندي ألاسدير ألان: "لا أستطيع القول إنني أتحدث باسم سكان الجزر كلهم، لكن كلما فتح شخص معي موضوع ترامب، كان هناك شعور بأن ما قاله ترامب عن المكسيكيين والنساء والمعاقين والمسلمين سيئ جدا، أو على الأقل محرج، وأنا شخصيا لا أتخيل أن تكون رئاسة ترامب تساعد العالم".