فجرت الجلسة الأخيرة لمحاكمة
باسم عودة، وزير
التموين في حكومة الرئيس محمد مرسي، حالة من التعاطف والتفاعل مع "عودة"، من اتجاهات مختلفة، خاصة المشاهد الإنسانية التي التقطتها عدسات المصورين، والتي جمعته مع نجلته الصغيرة، شروق.
وقال "عودة" - في أثناء محاكمته في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فض اعتصام رابعة"، الثلاثاء 17 أيار/ مايو الجاري- : "هو إنتوا بتحاكموني عشان خليت زيت عباد الشمس بـ 3 جنيه وتكلفته على الدولة 9 جنيه؟ هل ذنبي إني عملت منظومة القمح للفلاحين ومأخرتش الفلوس عنهم؟.. أنا هنا ليه؟، أنا مبعتش جزر
مصرية لبلد تانية علشان أتحاكم".
وأرجع البرلماني السابق حاتم عزام حالة التفاعل الواسعة مع "عودة" إلى لما لمسه الكثيرون من أبناء الشعب المصري في الوزير باسم عودة من كفاءة وحسن أداء في وزارة التموين التي تحمل تبعات مسؤوليتها، مشيرا إلى أنها وزارة صعبة جدا، ويحتاج النجاح فيها إلى فكر وجهد وتفان في العمل وتلاحم مع الشعب، وخصوصا الطبقات الأكثر احتياجا.
وأضاف – في تصريح لـ"
عربي21": هذا بالإضافة إلى أن الأمانة وطهارة اليد توافرت فيه، وكل هذه المقومات شكلت الصفات القيادية للوزير باسم عودة، التي جعلت أثر عمله يشعر به المواطنون المصريون".
وذكر أن إنجازات "عودة" ما كان لها أن تتحقق، إلا مع وجود "الحد الأدنى من المناخ المساعد لها، وهو الذي توفر في مناخ من الحريات والديمقراطية ورغبة في الخدمة من الحكومة وأعضائها بشكل عام، وبالأخص في قطاعات الخدمات، حتى وإن شاب تلك الرغبة الأخطاء، لأنها تظل حكومة سلطة منتخبة تشعر بالمسؤولية تجاه الشعب التي منحها شرعية الحكم.
واستطرد "عزام" قائلا إن "تلك الرغبة الجمعية من حكومة هشام قنديل كانت عاملا مساعدا مهما نشعر بقيمته جيدا الآن بعد غيابه".
من جانبه، رأى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير أن "عودة" استطاع تقديم نفسه للشعب المصري على أنه وزير الغلابة، وليس وزير حزب أو جماعة رغم انتمائه السياسي والأيديولوجي للإخوان، لافتا إلى أنه نجح في التعبير عن الغلابة والتخفيف من معاناتهم، ولأن الجماهير بطبعها تسير وفق مصالحها، فقد كانت إنجازاته في ملف التموين هي طريقه لقلوب المصريين.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21": لكن ما ميز أيضا أداء باسم عودة، أنه استطاع التسويق جيدا لإنجازاته، على عكس وزراء ومحافظين بذلوا مجهودات كبيرة، إلا أنهم لم يستطيعوا تسويق نجاحهم بشكل جيد".
وبسؤاله عما إذا كان "عودة" يمتلك صفات قيادية تؤهله ليكون "رمزا"، قال "المنير" :"هو رمز بالفعل للإخوان والمعارضة، وتفاعل الناس مع صورته في المحكمة يعكس مدى قوة هذه الرمزية، ولكنه على ما أعتقد سيحرص دائما على أن تكون رمزيته أقرب إلى التكنوقراط وليس إلى الأيديولوجيا، رغم أنه حامل لها".
وأكد المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري أحمد حسن الشرقاوي أنه لا علاقة مباشرة بين ظهور باسم عودة في المحكمة وحديثه مؤخرا مع حالة الإعجاب بشخصه وأدائه، مضيفا بأن تلك الحالة من الإعجاب من التيارات السياسية كافة، حتى من خصومه وأعداء التيار الإسلامي والإخوان المسلمين موجودة منذ فترة وجوده في الوزارة.
ولفت "الشرقاوي" في تصريح لـ"
عربي21"- إلى أن "عودة" يمتلك كاريزما وشخصية قيادية واضحة، وكذلك المتحدث السابق باسم الإخوان أحمد عارف أيضا، والدكتور محمد البلتاجي وكثيرون غيرهم من المعتقلين بسجون الانقلاب.
واتفق رئيس حزب البديل الحضاري –تحت التأسيس- أحمد عبد الجواد مع ما ذهب إليه "الشرقاوي" قائلا إن "باسم عودة شخصية اجتمع عليها كل الفرقاء بشكل لافت للنظر، حتى ألد الخصوم، بدليل ما قاله نجيب ساويرس عنه، عندما عرضت عليه سلطة الانقلاب الاستمرار في منصبه كوزير للتموين".
وأرجع "عبد الجواد" ما وصفه بـ "حالة عودة" إلى عدة أسباب قل أن تجدها في غيره، على رأسها الأداء المذهل له وغير المسبوق في عمله بالوزراة، خاصة أنه قام بالقضاء على البيروقراطية داخل تلك الوزارة العتيقة الفاشلة دائما، كما أنه نجح في كل الوعود التي أطلقها والتزم بها بشكل كبير ورائع، فضلا عن محاربته الشرسة لرؤوس الفساد داخل وزارته، وهذا بخلاف عمره الصغير، والابتسامة التي لا تفارقه في أحلك اللحظات، وسعة الصدر التي يتمتع بها بشكل لافت".
وأوضح لـ"
عربي21" أنه حل أزمات عديدة فشل نظام المخلوع "مبارك" في حلها على مدار أعوام طويلة، مثل مشكلة تسرب الدقيق بأن حرر عقودا جديدة مع أصحاب المخابز، ورفع الدعم من سعر الدقيق لهم، مما ساهم في القضاء على تسرب الدقيق في السوق السوداء، كما تابع بنفسه على أرض الواقع أزمة أنبوبة البوتاجاز، كما أنه واجه بقوة وشجاعة أزمات وصدامات كبيرة استطاع التغلب عليها.
وشدّد على أن "عودة" يمتلك صفات قيادية واضحة للجميع تؤهله ليكون رمزا للإخوان وللمعارضة، حال توافر الظروف المناسبة لذلك، وفي ظل أجواء الحرية والديمقراطية المنشودة، لافتا إلى أن البعض طرح اسمه كرئيس للوزراء قبل الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013.
وقال وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة محمد العمدة :" ما كان هذا التعاطف الكبير مع "عودة" ليحدث لولا قناعة الجميع أنهم أمام أستاذ جامعي ووزير سابق احترم الفقراء، وسعى إلى تخفيف معاناتهم مع لقمة العيش وأبسط السلع الضرورية لحياة الإنسان، ونجح في ذلك بالفعل، ولا أعتقد أن هذا كان يمكن أن يحدث لو كان الشعب على طول مصر وعرضها على قناعة بأنهم أمام إرهابي ارتكب العديد من الجرائم، غير أن الانقلاب ما سُمي بهذا الاسم إلا لأنه يقلب الحقائق كافة رغم أنف الجميع".
بدوره، أشار الباحث والكاتب طارق منينة إلى أن "عودة" حظى بحب كثير من المصريين، وتلقى قبولا شبه عام – من القريب والبعيد- وذلك لمجموعة أسباب منها مواقفه المتواترة في السعي لمصلحة الناس وجعلها فوق مصلحة ما كانت عليه الدولة "المتوحشة" في مصر، وبمواقفه هذه رد للمواطن اعتباره، معرضا عن التقليد السائد من استعلاء الوزراء ومن دونهم، حتى آخر رجل من تلك الدولة العميقة التي صارت "بعبعا" في خيال الإنسان المصري.
واستشهد "منينة" بواقعة محاولة قيام عدد من أصحاب المخابز بالتظاهر أمام مبنى وزارة التموين بالقاهرة، كان رد "عودة" على قوات الأمن الموجودة في هذا الوقت :''لو أرادوا اقتحام الوزارة سيبوهم يقتحموها، فالمبنى من السهل تعويضه، أما إذا أصيب أحد المتظاهرين فمن الصعب تعويضه"، واصفا إياه بأنه الوزير رقم واحد في حكومة الشعب.
ولفت لـ"
عربي21"، إلى اهتمام الوزير السابق بالضروريات التي يحتاجها المواطن المصري يوميا، مثل قضية
الخبز التي عانى منها المواطن أشد المعاناة، مع أنها أدنى الأمور التي يجب أن تتوفر في كل مكان وبأسعار زهيدة. وكذلك رأى الناس حزمه في "قضية اللحوم الفاسدة"، فعلموا أن الرجل يحقق أحلامهم ومصالحهم، ويلبي حاجاتهم وأمورهم الضرورية.
واستطرد قائلا: ما يبدو عليه من ذكاء لامع، وشكل مقبول بين الناس، وبراءة جذابة، وإخلاص، وتدين غير مفتعل، وروح جذابة، ونشاط عجيب، وقد أُذيع بين الناس أنه أستاذ بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات بكلية الهندسة جامعة القاهرة، ثم استشاري الهندسة الطبية وتكنولوجيا الرعاية الصحية، وهذا أمر له أهمية كبيرة خاصة وسط الشباب".
وتابع: من تلك الأسباب أيضا، ما بدا عليه "عودة" للصغير والكبير، المؤيد والمعارض من تفان واضح في العمل، ونزول في ميدان العمل، وما ظهر من اهتمامه بالجودة والكفاءة، ومحاولاته المستمرة للتخلص من العوائق وبصورة واضحة ومباشرة، وهو ما جعل لشخصيته كاريزما كبيرة وقدوة لكثير من الشباب".
واختتم "منينة" بقوله إن "عودة كان نموذجا شبابيا عصريا، ولذلك أقبلت عليه الأجيال الشابة، مؤيدة ومحبة، وهي التي سئمت من الشيخوخة المزمنة التي تلبست الدولة العميقة من عقود طوال".
اقرأ أيضا
باسم عودة يلتقي ابنته ويهديها وردة في عيد ميلادها (صور)
اقرأ أيضا
باسم عودة: هل ذنبي تخفيض سعر الزيت ودفعي للفلاحين؟ (فيديو)