قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إن الليبيين هم الضحايا الأوائل للدولة الفاشلة، التي لم تستقر، ولم تتوحد منذ الإطاحة بمعمر
القذافي عام 2011، مستدركة بأن
أوروبا قد تتأثر بالوضع اللليبي أيضا.
وتقول الافتتاحية: "إن لم تجد
ليبيا مخرجا من حالة الفوضى التي تعيشها، فإنه يتوقع حصول أمرين: ستزيد حركة المهاجرين واللاجئين مرة أخرى هذا الصيف بأعداد كبيرة عبر البحر الأبيض المتوسط (كونه بديلا عن بحر إيجة)، وسيتمكن
تنظيم الدولة من اكتساب مساحات إضافية لصالحه، يستطيع منها شن الهجمات في المنطقة وخارجها، ولذلك فإنه أمر جيد أن تحظى قضية ليبيا بمزيد من الاهتمام الدولي، حيث كان تحقيق الاستقرار فيها موضوع اجتماع عقد هذا الأسبوع في فيينا، لكن إن كان هذا التركيز سيؤدي إلى الاستراتيجية الصحيحة أم لا، فإن هذا موضوع مختلف تماما".
وتضيف الصحيفة: "بعد الفشل الذريع في مساعدة ليبيا في عملية التحول بعد القذافي، وبعد أن تدخل الناتو قبل خمس سنوات، فإن هناك حاجة ماسة لأن يكون أداء الأوروبيين واللاعبين الدوليين الآخرين أفضل من ذي قبل، والخطة حاليا هي زيادة الدعم الدولي لحكومة ليبيا المركزية الناشئة، التي استطاعت أن تقوم في العاصمة طرابلس، حيث يأمل الغرب بأن تحل هذه الإدارة محل الفصائل المتنافسة من عام 2014، ما خلق فراغا أدى إلى انتعاش تنظيم الدولة".
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن هناك تفكيرا الآن في السماح بوصول الأسلحة لحكومة الوحدة الوطنية لهزيمة التمرد الجهادي، الذي يسيطر على شريط ساحلي طوله 250 كم حول مدينة سرت، مستدركة بأن هذه المبادرة تعارضها مجموعة منافسة متمركزة في الشرق، يحظى قائدها بدعم مصر.
وتحذر الصحيفة الغرب قائلة إن عليه "أن يخطو بحذر، حيث إن الليبيين لديهم ذكريات سيئة لفترة الاستعمار، التي قامت خلالها القوات الإيطالية بمذابح، وهذا الإرث يفسر السبب الذي جعل السلطات الثورية ترفض فكرة محمية تقودها الأمم المتحدة بعد سقوط القذافي عام 2011، أو أي وجود دولي قوي، وقد تعثرت الخطط الغربية في 2011؛ ليس فقط بسبب عدم وجود خطط لما بعد انتهاء الصراع، الذي وصفه باراك أوباما بأنه (أسوأ الأخطاء) خلال رئاسته، لكن بسبب مخاوف الليبيين من إظهار الاستسلام للسيطرة الخارجية، وهذا كله يجعل أي تفكير في إمكانية تدخل جديد محفوفا بالمزيد من المخاطر".
وتذكر الافتتاحية أنه "يقال إن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رنزي يحث الحلفاء لتشكيل (قوة أمنية) أوروبية لنشرها؛ حيث سيكون بلده المتأثر الأول بالمهاجرين إذا ازدهرت الهجرة عن طريق ليبيا من جديد، وإلى الآن لم يزد التدخل العسكري الأوروبي عما ذكر في التقارير من قوات خاصة بريطانية وفرنسية تعمل على الأرض".
وتعلق الصحيفة على أثر الحرب الأهلية في أهل ليييا قائلة إن "التدهور في ليبيا جعل الحياة جحيما لسكانها، وقد وثقت (هيومان رايتس ووتش) كيف استورد تنظيم الدولة قطع الرؤوس والجلد إلى ليبيا، وأصبحت سرت أكبر معاقل تنظيم الدولة خارج العراق وسوريا".
وتلفت الافتتاحية إلى أن "ليبيا تعد واحدة من أغنى الدول الأفريقية باحتياطيات نفط كبيرة، ومع ذلك فهي بحاجة لمساعدات إنسانية، حيث إن هذه الفوضى تهدد بزيادة تدفق المهاجرين والإرهاب إلى أوروبا".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إنه "إذا أريد لليبيا ألا تنزلق أكثر، فإن هناك حاجة لاستراتيجية دولية دقيقة، وبجب أن تتضمن جهود إصلاح وتطوير وتعاون من اللاعبين الإقليميين, فإن أهمل الغرب كل شيء ما عدا تنظيم الدولة وإغلاق طرق الهجرة إلى أوروبا، فإن هناك مخاطرة بارتكاب خطأ آخر، بمفاقمة الأخطاء الماضية وإهمال الأخطاء الحالية، وهو خطأ لا تستطيع أوروبا تحمل نتائجه".