استدعى
المغرب السفير الأمريكي بالرباط، داوت بوش، بحضور المدير العام للدراسات والمستندات (المخابرات
الخارجية) على خلفية
تقرير الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب.
وقالت وزارة الخارجية المغربية، إن الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، استدعى السفير الأمريكي بالرباط، بحضور المدير العام للدراسات والمستندات، للاحتجاج على تقرير الخارجية الأمريكية الأخير عن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب.
وأضاف بلاغ لوزارة الخارجية، أصدرته الأربعاء، أنه "خلال هذه المقابلة تم أمام السفير الأمريكي استعراض ثلاث حالات تؤكد التلاعب الثابت والأخطاء الفادحة المرتبطة بالوقائع في تقرير الخارجية الأمريكية".
وأوضح البلاغ أن "الحكومة المغربية تأمل ألا تنكر الخارجية الأمريكية هذه الحالات الملموسة كما أن المغرب الواثق من تأكيداته، يمتلك أدلة أخرى على حالات أخرى وهو مستعد لإثبات طابعها الزائف".
واعتبر المغرب أن "مزاعم خطيرة كتلك المتضمنة في تقرير الخارجية الأمريكية تعطي الانطباع بأن هذه المؤسسات لا تقوم بمهامها بل وتشكل إهانة لالتزامها الفاعل ولتفاني أعضائها".
الغضب المغربي
على غير العادة، وخلافا لما تقضي به الأعراف الديبلوماسية، تولت وزارة الداخلية المغربية الرد على أن التقرير الأخير للخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمغرب، ووصفته بـ"الإفترائي".
وقالت الداخلية المغربية، في بلاغ أصدرته الثلاثاء: "لقد انتقل التقرير من تقريب المعلومة إلى اختلاقها جملة وتفصيلا، ومن التقييم المغلوط إلى الكذب الموصوف"، مشددة على أن "المغرب يجد نفسه مجبرا على اللجوء لكافة السبل الممكنة لفضح انزلاقات هذا التقرير".
وتابعت الوزارة: "مضمون تقرير الخارجية الأمريكية لهذه السنة الصادر في 13 نيسان/أبريل 2016 افترائي بشكل حقيقي، حيث انتقل من تقريب المعلومة إلى اختلاقها جملة وتفصيلا، ومن التقييم المغلوط إلى الكذب الموصوف".
وسجل البلاغ أن "الحكومة المغربية لم تفتأ تثير انتباه السلطات الأمريكية منذ عدة سنوات إلى افتقار تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان للدقة وإلى طابعه المنحاز والبعيد عن الحقائق".
وسجل البلاغ أن "هذا التقرير كان خلال الأسابيع الماضية موضوع اجتماعات بين وزير الداخلية السيد محمد حصاد وسفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب السيد ديوايت بوش".
وذكر أنه "جرى أيضا عقد جلسات عمل تقنية بين الوزارات المغربية المختصة وأعضاء السفارة الأمريكية المعنيين، وهكذا تم استعراض كل الحالات المشار إليها، وتم تقديم البراهين المعززة بالحجج على أنها لا ترتكز على أي أساس، فضلا عن تقديم أدلة ملموسة لتأكيد الطابع المغلوط للمزاعم التي وردت في التقرير".
وأوضح أن "المغرب الواثق من تطور نموذجه المجتمعي الذي تمت بلورته ويجري تفعيله من قبل المغاربة ومن أجلهم، والذي لا يقبل تلقي دروسا من أي كان، لم يشعر قط بأي حرج من النقد البناء أو من المؤاخذة المعللة والموضوعية".
وأكد: "فقد تم إرساء مسلسل للحوار، الوحيد من نوعه بالمنطقة، منذ سنة 2006، مع السلطات الأمريكية المختصة، وهذا المسلسل كان بطلب من المغرب في العديد من المرات، رغم أنه لم يكن مجبرا على القيام بذلك ولا على تقديم تفسيرات لأي بلد أجنبي".
وشدد على أن المغرب لا يمكن أن يقبل أن يتم "اختلاق" وقائع و"فبركة" حالات بالكامل، و"إثارة مزاعم مغلوطة تحركها دوافع سياسية غامضة".
تقدم على الورق
ووجهت الخارجية الأمريكية انتقادات شديدة اللهجة لأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، معتبرة أن التقدم الذي شهدته البلاد كان على "الورق".
وأضاف التقرير الذي صدر أواسط نيسان/ أبريل، أن "هناك فجوة بين ما هو على الورق وما هو في الواقع العملي، إذ لم يتم تنفيذ الضمانات الموجودة حاليا".
وانتقد التقرير ممارسات التعذيب داخل السجون المغربية خلال عام 2015، مسجلا "استخدام مجموعة من أساليب التعذيب على يد قوات الأمن لنزع الاعترافات بالجرائم، وعدم وجود تحقيقات ومحاكمات للأفراد المتهمين بالتعذيب يساهم في ترسيخ مناخ الإفلات من العقاب".
وتابع: "في حالات تتعلق بأمن الدولة، مثل القضايا المتعلقة بالإرهاب، والعضوية في الحركات الإسلامية، وجد الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن هناك نمطا من التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاعتقال والاحتجاز من قبل الشرطة".
وأفادت الخارجية الأمريكية بأن أوضاع السجون المغربية ظلت سيئة، وعموما لا تخضع للمعايير الدولية، إذ إن المرصد المغربي للسجون واصل تقديم تقارير تفيد بأنها تعاني من الاكتظاظ، وعرضة للعنف، وفشلت في تلبية المعايير المحلية والدولية، ناهيك عن الجمع بين البالغين والقصر في الزنزانة نفسها، رغم أن القانون يمنع ذلك.
وسجل تقرير الخارجية الأمريكية "تداخلا للسلط"، مبرزا أن "هناك تقارير عن انتهاكات وإفلات من العقاب دون وجود أدلة على معاقبة المسؤولين الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات".
وزاد: "ينص الدستور على استقلالية القضاء، ولكن المحاكم لم تكن مستقلة.. واعترف المسؤولون الحكوميون والمنظمات غير الحكومية، والمحامون على نطاق واسع، بأن الفساد والنفوذ خارج نطاق القضاء أضعف استقلاله".
ونبه التقرير: "ينص الدستور على أن منزل المواطن حرمة لا تنتهك، وأن البحث داخله يتم فقط مع إذن تفتيش. ومع ذلك، دخلت السلطات إلى بعض المنازل دون إذن قضائي".
وتابع التقرير بأن "الحكومة تستخدم أساسا هذه القوانين لتقييد منظمات حقوق الإنسان المستقلة والصحافة ووسائل الإعلام الاجتماعية".