أطلقت المبادرة
المصرية للحقوق الشخصية، تقرير "حبس بلا نهاية" الذي يسلط الضوء على وجود 1464 شخصا على الأقل في سجون مصرية تعدت مدة حبسهم الاحتياطي المدة القانونية، بالمخالفة للمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، التي وضعت حدا أقصى للحبس الاحتياطي يتراوح بين 18 شهرا وعامين في الجنايات.
وطالبت
المبادرة المصرية في بيان نشرته الثلاثاء، الحكومة بالتقدم إلى المحكمة الدستورية بطلب تفسير للمواد القانونية المتعلقة بالحبس الاحتياطي لإنهاء معاناة المئات من المحبوسين تعسفيا وإخلاء سبيلهم، لافتة إلى أن
الحبس الاحتياطي تحول من إجراء احترازي إلى عقوبة سياسية، وهو بمثابة بديل لقانون الطوارئ.
وقالت المحامية هدى نصر الله العضو بالمبادرة المصرية: "وقع المئات في دوامة الحبس الاحتياطي، ولا توجد وسيلة للطعن على قرارات قضاة محاكم الجنايات بحبس المتهمين احتياطيا أكثر من عامين، ولا سلطة على القضاة في تفسيرهم للقانون عند اختلافهم في تطبيق نص، سوى المحكمة الدستورية العليا التي تعود إلى قصد المشرع عند إقراره للنص. فقد تحول الحبس الاحتياطي إلى أداة عقاب سياسي دون محاكمة أو حق في الدفاع".
يصدر التقرير في وقت يشهد فيه البلد عددا كبيرا جديدا من المحبوسين احتياطيا على خلفية التظاهرات المعترضة على ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وهم أيضا معرضون لمواجهة فترات ممتدة من الحبس الاحتياطي قد تتعدى الحد الأقصى القانوني.
ويعد الحبس الاحتياطي مجرد إجراء احترازي له شروط محددة منها الخشية من هروب المتهم أو الإضرار بالتحقيق أو العبث بالأدلة، وعدم وجود محل إقامة ثابت للمتهم، ولكن النيابة العامة والقضاة توسعوا في اعتمادهم على الحبس الاحتياطي دون التقيد بهذه الشروط.
وفي 2013، عدل الرئيس المؤقت عدلي منصور الفقرة الأخيرة من المادة 143 لإلغاء الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بالنسبة إلى المحكوم عليهم بالإعدام أو المؤبد في مرحلة النقض أو إعادة المحاكمة فقط، ولكن العامين كحد أقصى للحبس الاحتياطي يبقى ساريا على كل المحبوسين احتياطيا الذين صدرت ضدهم أحكام بعقوبة غير الإعدام والسجن المؤبد، والذين لم تصدر ضدهم أحكام بعد.
وتابعت المبادرة المصرية: "تطبق المحاكم المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية بشكل انتقائي، حيث سبق أن استفاد منها الرئيس الأسبق حسني مبارك حين قضت محكمة الجنايات بإخلاء سبيله لقضائه مدة السنتين محبوسا احتياطيا، والسياسي أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط، ولكن في معظم الحالات لا يلتفت القضاة إلى طلبات دفاع المتهمين بإخلاء سبيل موكليهم بعد قضائهم مدة الحبس الاحتياطي ويكتفي القاضي، عادة بإثبات طلب الدفاع في محضر الجلسة".
وأردفت: "اختلفت دوائر الجنايات في الاعتراف بالحد الأقصى للحبس الاحتياطي، فرغم وضوح مواد القانون الخاصة بالحبس الاحتياطي في المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، فقد منحت بعض دوائر الجنايات نفسها الحق في مد حبس المتهمين أكثر من الحد الأقصى المنصوص عليه في هذه المادة، وتذرع قضاتها بنص المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية التي لا تنص على حد أقصى للحبس، ولكن هذه المادة نسختها وتلتها زمنيا المادة 143".
ويجري نظر أغلب القضايا التي يرصدها تقرير المبادرة المصرية أمام دوائر خاصة بالنظر في قضايا الإرهاب والعنف في محاكم الجنايات. ويرصد التقرير أيضا حالة واحدة أمام القضاء العسكري الذي ينبغي أن يطبق قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطي مثل القضاء العادي. وتتضمن القضايا اتهامات بالتظاهر والتجمهر، والتعدي على رجال الشرطة أو المنشآت العامة، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، وارتكاب جرائم قتل أو الشروع فيها أثناء التظاهر أو التجمهر.
وكانت وزارة الداخلية أثناء حكم حسني مبارك قد اعتمدت على
الاعتقال الإداري بموجب قانون الطوارئ لاحتجاز عشرات الآلاف من المصريين دون وجه حق لسنوات طويلة. وكانت قرارات الاعتقال تصدر ضد أشخاص دون أن تحتاج أجهزة الأمن إلى تقديم أي دليل علي تورطهم في أي جريمة.
وفي 2 حزيران/ يونيو 2013، وبعد أكثر من عشرين عاما من تقديم طعن في عدم دستورية قرار الاعتقال الإداري، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة رقم (3) من قانون الطوارئ، والتي كانت تخول رئيس الجمهورية رخصة القبض والاعتقال وتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. وبعد إلغاء هذه الفقرة بات واجبا على القائمين على تنفيذ القانون عدم القبض على أي شخص إلا وفقا لقانون الإجراءات الجنائية.
وكانت المبادرة المصرية قد تقدمت بطلب إلى رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الهيئات القضائية بأن يقوم أي منهم أو جميعهم بتقديم طلب تفسير إلى المحكمة الدستورية بشأن اختلاف المحاكم في تفسير نص المادتين 143 و380 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث لا يسمح القانون المصري للأفراد باللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية لتفسير نصوص القانون محل الخلاف، ويقصر هذا الحق على رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الهيئات القضائية.
وقالت المبادرة المصرية إنها تأمل في الاستجابة لمخاطبتها من أجل إخلاء سبيل الأشخاص الذين تعدت مدة حبسهم الاحتياطي ما ينص عليه القانون والذين لن يقل عددهم عن الـ 1464 حالة التي رصدتها المبادرة المصرية في تقريرها.
ونوهت إلى أن عدد الحالات التي استطاعت المبادرة المصرية التأكد منها في أربع محافظات فقط عن طريق متابعة المحاكمات التي طالت مدتها لأكثر من عامين، هو في الأغلب أقل بكثير من العدد الحقيقي.