أثارت فرقة "أطفال شوارع"
المصرية الساخرة، غضب سلطات الانقلاب في مصر، التي ترجمت هذا الغضب باعتقال أحد أعضائها السبت الماضي، وملاحقة بقية أعضاء الفرقة، وذلك عقب نشر هذه الأخيرة مقطع فيديو يسخر من زعيم الانقلاب عبدالفتاح
السيسي.
وقال منسق الفرقة محمد عادل: "لم نستبعد أبدا تعرضنا لمضايقات أمنية، على خلفية ما نقدمه من أعمال فنية؛ هي بمثابة إسقاطات على الواقع الذي يعيشه ملايين المصريين".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "يبقى إلقاء القبض على أحد أعضاء الفرقة، وإلصاق التهم بنا؛ مؤشرا خطيرا على مسيرة عملنا، ومستقبلنا، وعلى تقليص المساحات التي ينبغي العمل فيها بحرية وأريحية".
"السيسي رئيسي جابنا ورا"
وقرر قاضي معارضات محكمة مصر الجديدة، الاثنين، إخلاء سبيل عضو الفرقة المعتقل عزالدين خالد (19 عاما) بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه، على ذمة التحقيقات بتهمة "إهانة رئيس الجمهورية، ونشر فيديوهات مسيئة لمؤسسات الدولة"، إلا أن النيابة طعنت على القرار.
وألقت قوات الأمن القبض على عزالدين من منزله، عقب نشر "أطفال شوارع" تسجيلا مصورا بعنوان "السيسي رئيسي جابنا ورا" مدته دقيقتان، نشر على صفحة الفرقة في "فيسبوك"، وتضمن سخرية من شعار "تحيا مصر"، مستهجنا تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، و"التنازل" عن جزيرتي تيران وصنافير.
وعقب
اعتقال خالد؛ ارتفعت مشاهدات الفيديو من بضعة آلاف مشاهدة، إلى نحو نصف مليون مشاهدة، وأضفى ذلك على الفرقة شهرة لم تكن تتمتع بها من قبل، وخصوصا مع تسليط جماعات
حقوقية الضوء على قضيتهم.
الفرقة مطاردة
وعن طبيعة التهم التي قد تواجه باقي الفريق؛ قال عادل إن باقي أعضاء الفرقة مطلوبون أمنيا، على خلفية الفيديوهات التي ننشرها على صفحتنا في "فيسبوك"، باعتبارها "أعمالا مسيئة للدولة ورموزها، وتتضمن ألفاظا نابية، وتحرض على التظاهر".
ونفى أن يكون للفرقة أي توجه سياسي، قائلا: "لسنا محسوبين على أي تيار أو حزب سياسي، وأعمالنا هي إسقاطات على الواقع وحسب، في شكل ساخر، من خلال مزجها بألحان أغانٍ، وغناء بسيط".
وتُعد فرقة "أطفال شوارع" جزءا من حركة فنية للشباب المصري، انتعشت في أعقاب ثورة يناير 2011. وتتناول الفرقة التي تأسست قبل حوالي عام، قضايا سياسية واجتماعية، في عروض تؤدى بالشوارع، ورسوم غرافيتي، وعروض موسيقية ومسرحية، يتم تصويرها بكاميرا موبايل، ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي.
خارج السيطرة
وقال عادل إن فرقته "تسعى لمزج الفن بالواقع بشكل ساخر، وتتسم بالبساطة، وتعبر بصدق عما يدور في عقول الناس، والاهتمام بالمسرح جزء أصيل من طبيعة عملنا الجماعي"، مشيرا إلى أن "كل أعضاء الفرقة يشاركون في العمل، سواء في مراحل الإعداد، أم التنفيذ".
وبالرغم من وجود أعمال ساخرة تعرض على شاشات الفضائيات، إلا أن ما يميز عمل "أطفال شوارع" أنها خارج السيطرة، وفق منسق الفرقة الذي أكد أنه وزملاءه "لا يطمحون للظهور الإعلامي، بقدر ما يرغبون في محاكاة واقع الناس، وتقديمه للمتابعين بأسلوب شيق".
مستقبل مجهول
واعتبر عادل أن ما حدث مع عز الدين هو "رسالة ترهيب، ونكسة للفريق"، وقال: "لسنا بصدد مناقشة أي خطط للاعتزال، أو ترك العمل، حتى نتبين مصير زميلنا".
واستدرك: "سواء استمرت الفرقة، أم انقطعت؛ فلن تتوقف تلك الأعمال، وهناك من يكمل المشوار، وهناك من سيبدأ، فالأمر لا يتوقف عند أشخاص بعينهم، وحرية التعبير ستظل الحافز الأكبر للجميع".
وأكد عادل أن "
المسرح المستقل هو الفاعل والمحرك والمحفز الحقيقي لطرح رؤى ومناهج وأفكار وتجارب مسرحية حقيقية"، مشددا على أن "التضييق على الحريات ليس هو الحل الأمثل لمعالجة المشاكل والأزمات التي تمر بها البلاد".
ويأتي اعتقال عزالدين وسط موجة اعتقالات طالت نشطاء وصحفيين في أعقاب احتجاجات مناهضة للنظام الشهر الماضي، تنديدا بقرار عبدالفتاح السيسي "التنازل" عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للسعودية.