رفع الإعلامي
المصري إبراهيم عيسى، المحسوب على تيار موالاة الانقلاب، سقف هجومه على وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، ووصفه بأنه "عبد المأمور"، مشددا على أن اقتحام نقابة
الصحفيين قرار دولة، مردفا بأن "الدولة تشعر بقلق رهيب من فشلها، ولذلك لننتظر منها حماقات أكثر"، بحسب وصفه.
جاء ذلك في أحدث مقال لعيسى، المحسوب على تيار موالاة رئيس الانقلاب، بصحيفة "المقال"، التي يرأس تحريرها، الأربعاء، والذي احتل الصفحة الأولى كاملة من الصحيفة، تحت عناوين مثيرة تقول: "عبد الغفار عبد المأمور.. اقتحام نقابة الصحفيين قرار دولة.. الداخلية لا تعمل وحدها ولا تتحرك من نفسها".
يكررون المأساة
وفي بداية المقال قال عيسى إنه "من أول رئيس الجمهورية حتى أصغر أمين شرطة في الداخلية، مرورا بمجلس الوزراء في حكومة سكرتارية الرئيس، وعبورا بأجهزة الدولة التي تقول عن نفسها "سيادية"، ووصولا إلى درجات سلم مكتب النائب العام، فإن أحدا من هؤلاء لا يؤمن بحرية الصحافة على الإطلاق".
وتابع: "إنهم يكررون مأساة مصر، وهم جزء أصيل في مأساتها، حيث حكم استبدادي بالقانون وبالديمقراطية ذات الأنياب والمخالب وبالحرية للشعب، ولا حرية لأعداء الشعب"، على حد قوله.
وفي إدانة واضحة لحكم العسكر، قال عيسى: "كل من حكمونا منذ يوليو 1952 لا يؤمنون بحرية الصحافة، ولا يريدونها إلا بوقا ونوقا، بوق لتمجيد سياسة سيادته، وتعظيم جنابه، ومديح محاسنه، حتى لو انتهى الأمر بنكسة يونيو، أو حادث المنصة، أو ثورة يناير".
وأردف: "يريدونها نوقا للركوب فوقها في ركاب السلطة، أو للسير خلفهم قطيعا في موكب".
السيسي لا يؤمن بالديمقراطية
واستطرد إبراهيم عيسى في مقاله: "وصلنا إلى الرئيس السيسي، وهو لا يؤمن، لا بالديمقراطية، ولا بحرية الصحافة أو - في الحد الأدنى - لا يرى أن هذا وقتها، فلا يعتقد أننا مؤهلون كشعب للديمقراطية،، كما أنه، وهو يحاول بناء الدولة مش عايز "وَشْ"، ومش عايز مناكفة تحت ادعاءات الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو حرية الصحافة"، على حد تعبيره.
وشدد عيسى على أن "السيسي لا يريد حرية تعبير إلا التعبير عن الإنجازات، وعن عظمة ما يفعله للبلد".
وواصل: "السيسي لا يريد حرية صحافة إلا الصحافة التي تغني للإنجازات والمشروعات، وتقول للناس: اسمعوا كلام الرئيس".
ووصف الكاتب السيسي بأنه "يبغي إعلام الحشد والتعبئة ودعايات الشؤون المعنوية، حتى لو فشل هذا النموذج في التجارب الماضية فهو يؤمن بأنه غير كل من سبقوه، فحتى لو فعل نفس ما فعلوه لن تأتي النتيجة سلبية ضده؛ لأنه ليس كالآخرين طبعا".
واستطرد: "الرئيس يرى أنه لا يريد هذا لنفسه، هو ليس مهتما بأن نحاسبه نحن كشعب، إنه فقط مركز مع الله وحده الذي سيحاسبه، ومن ثم هو لا يخاف على نفسه من حرية الصحافة، بل يخاف على شعبه من أن يتأثر بالصحفيين إن تحرروا، فمنهم المشككون والمتآمرون والمتفلسفون واللي عاملين نفسهم زعماء، وبضعة من أهل الشر، ومن ثم فإن الرئيس كي يحمي شعبه من هؤلاء يجب أن ينهي الأدوات التي بين أيديهم في التأثير".
والأمر هكذا، استدرك "عيسى" بتأكيد أن حادثة اقتحام نقابة الصحفيين لن تكون المصيبة الأخيرة التي تعيشها الصحافة، مشددا على أن: "الأمور ستتصاعد وستتأزم أكثر لتوصيل رسالة أنه لم يعد ممكنا العودة إلى خطوط ما قبل يناير، حيث حرية صحافة محدودة، وهامش حركة سياسية، ونقابة تلعب دورا للدفاع عن الشعب وحقوقه".
وأكد الكاتب أن "الرئيس وأجهزته توصلوا إلى أن الحرية المحدودة التي تمتعت بها الصحافة في أعوام مبارك الأخيرة هي التي جعلتها أخيرة، وأن الحرية التي انتزعتها مجموعات الاحتجاج السياسي؛ مثل حركة كفاية، والجمعية المصرية للتغيير، هي التي عجلت بنهاية حكم مبارك، حيث تحولت الصحافة الحرة والقوى الاحتجاجية إلى مغناطيس جاذب للجماهير، ومفجر للغضب، وباحث عن الحرية، فكانت حركة الجماهير في يناير"، وفق قوله.
واستدرك: "ثم إن الإعلام نفسه لعب دورا شجاعا بين التنوير والتحريض في سنة الإخوان، مما عجل بثورة جماهيرية ضد حكمهم، الأمر الذي تعلمته الأجهزة الآن، وممنوع منعا باتا السماع بتكرار المشهد"، بحسب وصفه.
خوف يحكم تصرفات الدولة
وهنا استنتج عيسى أن: "هذا يعني بالقطع أن الرئيس وأجهزته لا يشعران بالاستقرار، فالثابت يقينا أن "الداخلية" لا تعمل وحدها، ولا تتحرك من نفسها"، بحسب قوله.
وتابع: "ثمة خوف يحكم تصرفات الدولة، فلو كانت الأجهزة تؤمن بأن الدولة تحظى بثقة ورضا الشعب، وأن شعبية الرئيس واسعة وآمنة، وأن الإنجازات تظهر مجلجلة بنجاحاتها في الشارع، وأن المصريين يصدقون أن "تيران" و"صنافير" سعوديتان، لما كانت "الداخلية" مرتجفة إلى هذا الحد، ومرعوشة للغاية، لدرجة أنها تتصرف بوحشية وحماقة، حتى إنها تقتحم نقابة الصحفيين".
واختتم إبراهيم عيسى مقاله بالقول: "الدولة تشعر بقلق رهيب من فشلها؛ ولذلك لننتظر منها حماقات أكثر".
الدولة "مرعوبة وخائفة ومتوترة"
وكان عيسى، انتقد - في برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، عبر فضائية "القاهرة والناس"، مساء الثلاثاء - طريقة تعامل مؤسسات الدولة مع الأزمة المندلعة حاليا بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية.
وقال إن "البلطجية المتخفيين تحت ثياب الشرف، والذين يتم استدعاؤهم للاحتكاك والتحرش بالصحفيين والصحفيات أمور تعودنا عليها منذ عام 2005، واليوم عادوا وبعمق"، على حد قوله.
وأضاف أن "الأمر الجديد، الذي لم نره من قبل، هو منع وفود من النقابات والأحزاب من الوصول إلى مقر نقابة الصحفيين؛ للتضامن معها".
وتابع حديثه: "أرى كل هذه التصرفات في إطار رعب الدولة وخوفها، فهذه تصرفات دولة خائفة ومتوترة وعصبية، وليست دولة قوية وواثقة من نفسها".
وكان مجهولون قد اعتدوا، الثلاثاء، بالضرب والسب، على الصحفيين المعتصمين أمام مقر نقابتهم بشارع عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة.
وقامت قوات الأمن بحصار النقابة، وغلق الشارع، ومنع وفد نقابة الأطباء، ووفد الحزب المصري الديمقراطي والاجتماعي، وعدد من الشخصيات السياسية، والنقابات الأخرى، من الوصول إلى مقر النقابة؛ للتضامن معها، بعد اقتحام قوات الأمن لها، مساء الأحد، واعتقال صحفيين منها هما: عمرو بدر، ومحمود السقا.