تحول حزب "الوفد"، (أحد أعرق الأحزاب الليبرالية
المصرية) إلى ما يشبه "ساحة حرب"، خلال الساعات الأخيرة، على إثر خلافات اندلعت مجددا بين فريق يؤيد السيد البدوي في رئاسته الحالية للحزب، وفريق يقوده السكرتير العام السابق للحزب،
فؤاد بدراوي، الذي يطالب برحيله، لما يعتبرونه تراجعا يعاني منه الحزب.
ويذكر أن للبدوي تسريبا يتحدث فيه عبر مكالمة مع شخصية مجهولة تتوعد الإخوان بالذبح، عندما أرجع البدوي تنسيقه مع الإخوان إلى أنهم سيصلون للحكم، إذ قال له الشخص المجهول: "الإخوان هيتعمل فيهم اللي ما اتعملش خلال الكام سنة اللي جايين.. سُيذبحون.. هتطلع ميليشيات تذبحهم في بيوتهم، وفي سرايرهم.. مصر هيعود فيها إرهاب ما حدش هيبقى عارف مصدره إيه.. اللي هيتكلم هتتقطع رقبته في سريره.. اللي صوته هيعلى سيُذبح في سريره".
وكشف أيمن نور أن المتحدث هو كرم الكردي، أخو زوجة حسن عبد الرحمن، مدير جهاز أمن الدولة المنحل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، شريك السيد البدوي في شركاته.
وقاد "السيد البدوي" جهودا حثيثة خلال رئاسته للحزب في التحريض على الرئيس محمد مرسي، والمطالبة برحيله دون التزام بإكمال مدته، وكان أحد مؤسسي "جبهة الإنقاذ" التي ظلت تتآمر عليه، بذريعة أنه فشل في إدارة البلاد.
لكن البدوي واجه المطالبين برحيله، الخميس، بالقول إنه جاء بانتخابات، ولن يرحل إلا بالوسائل الديمقراطية.
وقال - في اجتماع بين أنصاره أعضاء الهيئة العليا للحزب - : "ما أسهل عزل رئيس الحزب، اللائحة تنص على ذلك، 30 شخصا يتقدمون بطلب موقع عليه من 500 عضو لعزل الرئيس".
وأضاف: "نحن لا نسعى للسلطة، وقد انتُخبت لرئاسة الحزب بشفافية".
وعن إمكان الحوار مع مقتحمي مقر الوفد، قال البدوي: "لما الدولة تتحاور مع الإخوان هنتحاور مع بدراوي".
وردا على من ينتقدون تحول الحزب من المعارضة إلى تأييد نظام الحكم الحالي قال إن من ثوابت الحزب دعم مصر، والقيادة المصرية، وسيظل كذلك.
وتساءل: "لماذا لم يلجأ بدراوي لعزلي من رئاسة الحزب بالوسائل الديمقراطية أو جمع توقيعات من الأعضاء لسحب الثقة؟"، قائلا: "لو أي واحد من أعضاء الحزب الموجودين حاليا قالي امشي، والله همشي فورا".
وعلى الفور صاح عدد من أنصار بدراوي: "مش عايزينك.. امشي"، فرد عليهم أنصار البدوي: "بدوي يا بدوي.. ماتمشيش.. إحنا عايزينك"، في إشارة إلى تأييدهم لاستمراره.
رأي المعارضين
يتزعمهم فؤاد بدراوي، ويطالبون برحيل البدوي عن رئاسة الحزب، وتولى بهاء أبو شقة منصب الرئيس المؤقت، طبقا للائحة الحزب، مشيرين إلى أنهم أبلغوا الشرطة بوقفتهم السلمية، لكنهم يوجهون اتهامات للبدوي تتعلق بإهدار أموال الحزب، وفصل عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا، وعلى رأسهم فؤاد بدراوي، وعصام شيحة، ومحمد حرش، ما أثار حالة من الغضب لدى هؤلاء الأعضاء الذين أعلنوا عن رفضهم لسياسات الإقصاء التي ينتهجها البدوي، وفق قولهم.
وقال بدراوي، إنه أغلق أبواب
حزب الوفد، لمنع حدوث أي مصادمات، موضحا أن سبب اعتصامه أمام الحزب ومنعه دخول الأعضاء، نتيجة وجود مطالب تبدأ برحيل السيد البدوي، رئيس الحزب، وتعيين المستشار بهاء أبو شقة مؤقتا.
وطالب "بدراوي" البدوي بالرحيل من منصبه، مشيرا إلى أن الرئيس المخلوع حسني مبارك جاء منتخبا، ولكن عندما طالبه الشعب بالرحيل تنازل عن الحكم.
وأضاف أن البدوي لم يأت بانتخابات حقيقية بدليل شهادة المشرفين على انتخابات الوفد الذين أكدوا بطلان الانتخابات.
وأشار إلى أن الحزب يعاني من أوضاع متردية تحت رئاسة البدوي، حددها في تراجع شعبيته، وتعرضه لأزمات مالية طاحنة، مرجعا ذلك إلى سياسات رئيس الحزب.
وتابع: "المواطن العادي في الشارع يريد حزب الوفد، ولا يريد سياسة رئيس الحزب".
مشادات واشتباكات وشتائم
واندلعت فوضى ومشادات حادة بين أعضاء الوفد. وقال أحدهم: "ارحل يا بدوي"، فيما رد عليه أنصاره المتواجدون: "مش عايزينك تمشي"، و"دوس يا بدوي إحنا وراك".
ولدى مجيء أنصار البدوي، واقتحامهم الحزب، طالب بدراوي أنصاره بالانصراف، وتركه لمواجهتهم، لكن مؤيديه رفضوا، وحاولوا تهدئته، وطالبوه بعدم التدخل.
كفاكم صراعات
وانفعل أحد الأعضاء القدامى بحزب الوفد على المشاركين في المؤتمر، وقال لهم: "كفاكم
صراعات".
وخاطب العضو، الذي بدا منفعلا خلال كلمته بالمؤتمر، الطرفين المتناحرين، بتنحية خلافاتهما جانبا من أجل مصلحة الحزب، والانتباه للمصالح العليا بالبلد، قائلا: "أنتم تزيلون بخلافاتكم أعرق الأحزاب المصرية، الذي تعاقب على رئاسته زعماء أقوياء.. كفاكم صراعات".
مخالف للقانون
واعتبر المستشار القانوني نزيه مسعود أن ما فعله بدراوي تجاوز، ومخالف للقانون.
خلفية الأحداث
ويعيش حزب الوفد حالة من التوتر والاستقطاب بين أروقته جراء الخلافات الأخيرة بين أنصار رئيسه السيد البدوي، والنائب المُقال فؤاد بدراوي، خصوصا بعد دخول الأخير في اعتصام بمقر الحزب.
وقال بدراوي، إن تواجده بالحزب ليس للاعتصام وإنما لإيصال رسالة إلى رئيس الحزب السيد البدوي، وهو ما تحقق بالاجتماع الذي دعا إليه البدوي داخل الحزب.
وقال بدراوي، إنهم فضوا اعتصامهم بمقر حزب الوفد، بعد الاتفاق مع بعض أعضاء الهيئة العليا على تنفيذ مطالبهم الخاصة بعودة المفصولين، وتشكيل هيئة جديدة للحزب، ومطالب أخرى.
وأضاف في مؤتمر صحفي عقده مساء الجمعة، أن الحديث عن آليات تنفيذ هذه المطالب سيتم في اجتماعات متعددة داخل مقر حزب الوفد، موضحا أن المستشار بهاء الدين أبو شقة، سكرتير عام الحزب، هو من اقترح هذه البنود، خلال مدة لا تزيد عن شهر.
وتابع أنه في حال انتهاء المدة المحددة دون تنفيذ المطالب، أكد أن التيار سيعتصم مجددا، مشيرا إلى تعهد "أبو شقة" بتقديم استقالته في حال عدم تنفيذ المطالب.
ختام النزاع
وفي حلقة جديدة من حلقات النزاعات تم عقد اجتماع طارئ لأعضاء الحزب. وقررت الهيئة العليا للوفد عدم عودة المفصولين للحزب، وتقديم بلاغ للنائب العام ضد فؤاد بدراوي بتهمة اقتحام الحزب.
والسيد البدوي من مواليد عام 1950، بطنطا، محافظة الغربية، وبجانب رئاسته للحزب فهو رئيس شبكة تلفزيون الحياة المصرية، والرئيس السابق لشركة سيغما للصناعات الدوائية، وفي 28 أيار/ مايو 2010 انتخب رئيسا لحزب الوفد متفوقا على منافسه رئيس الحزب محمود أباظة.
وفي 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 قررت محكمة جنح قصر النيل حبسه ثلاث سنوات وكفالة 10 آلاف جنيه، بتهمة كتابة شيكات بدون رصيد لصالح اتحاد كرة القدم.