نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب روبرت فيسك، قال فيه إن المفكر
الفلسطيني إدوارد سعيد، الذي مر على وفاته 13 عاما، كان يقول إنه لم يبق سوى "محظور أخير" في أمريكا، وكان يوضح ذلك قائلا إنه بإمكان الشخص أن يقول أي شيء تقريبا عن السود والمثليين، لكن لا يمكنه قول أي شيء عن أمريكا وإسرائيل، على الأقل لا شيء سلبيا.
ويستدرك فيسك قائلا: "لكننا نشهد اليوم في سنة
الانتخابات الرئاسية الأمريكية بيرني
ساندرز يدعو إلى مقاربة أكثر (إنصافا) للفلسطينيين، وقد أعرب نائب الرئيس جو بايدين عن (إحباطه الكبير) بخصوص بنيامين نتنياهو وحتى هيلاري
كلينتون، التي ستكون بالطبع رئيسة أمريكا القادمة، التي استطاعت فقط أن تشير إلى (إجراءات ضارة) تقوم بها
إسرائيل (بما في ذلك ما يتعلق بالمستوطنات)".
ويجد الكاتب أن "هذه ليست بالضبط أقوالا مزلزلة، كما أنهم كلهم رددوا الصلوات المعروفة: أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل، التي (لا تخضع للتفاوض) كما قالت كلينتون، والولايات المتحدة هي (الصديق المطلق الوحيد) لإسرائيل كما قال بايدن، وقد صفق الجمهور لكلينتون 56 مرة عندما تحدثت في (إيباك)، أقوى منظمات الضغط السياسي لصالح إسرائيل، في نيويورك الشهر الماضي، وهذا الرقم أكبر بـ 18 مرة مما حصل عليه نتنياهو في الكونغرس قبل عام، لكن (أعضاء الكنيست الطامحين) الذين يمثلون الناخب الأمريكي وقفوا تحية له 23 مرة خلال ذلك الخطاب في الكونغرس".
ويحذر فيسك قائلا: "دعونا لا نقع في الرومانسية، فقد عرضت كلينتون على إيباك (مذكرة تفاهم دفاعية جديدة لمدة 10 سنوات)، تمت فيها الإشارة إلى الفلسطينيين (الإرهابيين) و(الاعتداء الإيراني المستمر)، وكررت اللازمة (ينظر إلى إسرائيل وأمريكا على أنهما منارة للأمم)، مع أنهما ليستا منارة للأمة الفلسطينية".
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن كلينتون أعلنت قائلة: "سأقاوم بشدة أي محاولة من جهات خارجية فرض حل، بما في ذلك مجلس الأمن"، لافتا إلى أنه "بمعنى آخر، فإنه يمكننا توديع قرار مجلس الأمن 242، الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، والذي كان يفترض أن يكون حجر الزاوية لعملية السلام البائسة".
ويرصد الكاتب "تحولا موجودا وبوضوح، حيث إن المرشح ساندز يهودي، وأبوه كان مهاجرا من أوروبا الشرقية، وقضى معظم أفراد عائلته في المحرقة النازية، ولذلك فإننه كان من المتوقع أن يحاول منافسة هيلاري في دعم إسرائيل، لكنه عاب عليها في خطابها أمام (إيباك)، أنها لم تخصص للفلسطينيين سوى سطر واحد".
ويلفت فيسك إلى أنه "حتى هذا التحديد ليس دقيقا بالضبط، حيث تظهر مراجعة نص خطابها أن الإشارة إلى الفلسطينيين كانت في سياق الحديث عن الأمن الإسرائيلي، وليست في سياق الحديث عن (معاناة) الفلسطينيين، كما فعل ساندرز عند الحديث عن عرب فلسطين تحت الاحتلال".
ويوضح الكاتب أن "ساندرز يعتقد أنه (يجب أن تتمتع إسرائيل بحق الوجود في سلام وأمن، كما يجب أن يتمتع الفلسطينيون بحق وطن يسيطرون فيه هم، وهم وحدهم، على نظامهم السياسي والاقتصادي)، وحتى هنا يبدو الأمر عاديا؛ فلا ذكر لأمن الفلسطينيين، فذلك سيترك لإسرائيل، لكنهم لا يستطيعون فعل أي شيء في (وطنهم) الهزيل".
وينوه فيسك إلى أن ساندرز يشجب الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل، ويشجب توسيع المستوطنات، وهدم بيوت الفلسطينيين، ويقول إن الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين مدانة.
ويعلق الكاتب بأن "ساندرز ربما لم يسم الأشياء بأسمائها، لكنه أصاب، وكان هو السيناتور الأول الذي رفض حضور خطاب نتنياهو في الجلسة المشتركة في الكونغرس العام الماضي، حيث قال في وقتها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي (استخدم بشكل غير مناسب ظهوره لأهدافه السياسية الخاصة)".
ويقول فيسك: "قد لا يكون جو بايدن في الدرجة ذاتها على يسار الحزب، إلا أنه استخدم من قبل للدفاع عن أوباما، ولا يزال يعبر عن رئيسه، وقد حذر من أن (الطريق الحالي الذي تسلكه إسرائيل ليس هو الذي يتوقع أن يؤمن لها الوجود، كونها دولة يهودية ديمقراطية.. يجب أن نتأكد أنهم يفهمون أننا نعرف.. أين يقع الحل النهائي)".
ويخلص الكاتب إلى أن "معنى ذلك هو أن الإدارة الأمريكية أخبرت (جي – ستريت) وغيرها من المنظمات اليهودية المعتدلة المؤيدة لإسرائيل، بأنه إن استمر نتنياهو وأعضاء حكومته بقضم أراضي الضفة الغربية، فإنه يتوجب عليهم إعطاء العرب في الضفة حق التصويت، وفي هذه الحالة تكون نهاية إسرائيل، أو تكون عليهم إدارة نظام أبارثايد، تكون فيه الأكثرية العربية محرومة من التصويت".