وصف المقرر الأممي الخاص لحق حرية التجمع والتشارك استراتيجية الحكومة البريطانية لمكافحة التطرف بأنها تقوم بالترويج للتطرف، بدلا من مواجهته، وتقوم بخلق سياسة "الأخ" الأكبر، التي تذكر بالاتحاد السوفييتي السابق.
وعبر المقرر الخاص، المحامي الكيني مينا كياي، عن مظاهر قلقه من استراتيجية الحكومة البريطانية لمكافحة التطرف المعروفة باسم "
بريفنت"، وذلك أثناء زيارة استمرت لثلاثة أيام.
ويقول سايمون هوبر في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" إن الحكومة الحالية جعلت من مواجهة تطرف اللاعنف مركز استراتيجيتها لمكافحة التطرف، رغم مظاهر القلق، خاصة وسط المجتمعات المسلمة، من أن "بريفنت" تقوم بالتمييز، وتصل إلى حد الرقابة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه تم توسيع الاستراتيجية لتشمل المدارس والجامعات والمستشفيات والقطاع العام في العام الماضي، حيث جعلت الأساتذة والأطباء والعاملين في القطاعات العامة تحت طائلة القانون، من أجل منع من يعملون معهم، أو من يقومون بتعليمهم، من الانجذاب نحو
الإرهاب، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه في هذا الإطار.
وينقل الموقع عن كياي قوله إن ما تلقاه من تقييم حول طريقة تطبيق استراتيجية "بريفنت" كان "سلبيا بشكل عام"، ويضيف: "قد أستمع إلى عدد لا يحصى من القصص حول طريقة تطبيق الاستراتيجية، التي تصل إلى حد
العنصرية والاستهداف الثقافي والأيديولوجي والديني".
ويتابع كياي قائلا إن "غياب الوضوح في التعريف، الذي ترافق مع تشجيع الأشخاص للإبلاغ عن نشاطات الأشخاص المشبوهة، أدى إلى حالة من الضيق وعدم الوضوح حول ما يمكن مناقشته في الفضاء العام بشكل قانوني".
ويمضي كياي قائلا: "يبدو أن (بريفنت) تترك أثرا سلبيا أكبر من الأثر المفترض، وتقوم بتشويه قطاع من السكان وتهميشه".
ويذكر الكاتب أن كياي عبر عن مخاوفه من خطط الحكومة المقبلة لمكافحة التطرف المزمع تمريرها، وتضم صلاحيات لمنع الجماعات التي تقوم بالترويج لتطرف اللاعنف. ويقول كياي: "أحث الحكومة على التفكير مليا بالتداعيات السلبية غير المقصودة لهذه الصلاحيات"، ويضيف أنه من الصعب تعريف "تطرف اللاعنف" دون الدخول في مراقبة الفكر والرأي بطريقة تعرض الأفراد الأبرياء للاستهداف، ويقول: "يخشى الكثيرون من أنهم سيصبحون مستهدفين، سواء بسبب لون بشرتهم أو دينهم أو معتقدهم السياسي، وسيخافون من ممارسة حقوقهم، ونتائج كهذه غير مقبولة".
ويورد التقرير نقلا عن كياي قوله في إشارة إلى التقارير عن طلاب المدارس، الذين تم تحويلهم لاستراتيجية "بريفنت"؛ بسبب تعليقات صدرت منهم أثناء الحصة المدرسية، إن "منظور الأخ الأكبر يحوم بشكل كبير". ويضيف: "عندما يكون لديك حس بأن البعض سيقوم بالتجسس على كل زاوية، وعندما لا تعرف من يتجسس عليك، فإنك تعود إلى أيام الشيوعية أثناء الاتحاد السوفييتي، من هو الجاسوس ومن هو المخبر؟ إن هذه ليست هي الطريقة التي يريد كل شخص العيش فيها".
ويلفت الموقع إلى أن تصريحات كياي تعكس ما ورد من تعليقات المراجع البريطاني المستقل لقوانين الإرهاب ديفيد أندرسون، وذلك في شهادته الشهر الماضي أمام اللجنة البرلمانية المختارة لحقوق الإنسان في البرلمان، التي تقوم بمراجعتها الخاصة لسياسة الحكومة المتعلقة بمكافحة التطرف، حيث دعا أندرسون إلى مراجعة مستقلة لاستراتيجية "بريفنت"، وأشار إلى عدد من مظاهر القلق في الاستراتيجية التي تنتهك القوانين الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تضمن حرية التعبير الديني.
وينوه هوبر إلى أن كياي يعد ثاني مسؤول أممي بارز ينتقد استراتيجية "بريفنت"، مشيرا إلى أن المقرر الخاص لنشر وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أثناء مكافحة الإرهاب بن إيمرسون، قال في تقرير أعده في شباط/ فبراير إن المدرسين "يجب ألا يقوموا بدور المراقبين أو ضباط مخابرات"، وأضاف إيمرسون أن "إجراءات كهذه قد تقود الطلاب والتلاميذ إلى ممارسة الرقابة الذاتية، من أجل تجنب وصفهم بالمتطرفين، وتقود المدرسين وبقية الموظفين إلى التعامل مع التلاميذ والطلاب كونهم تهديدا محتملا، أو قد تؤدي إلى تجنب مناقشة قضايا واستضافة متحدثين لديهم آراء جدلية".
ويفيد التقرير بأن مسؤول المفوضية الإسلامية لحقوق الإنسان مسعود شدرة، رحب بتصريحات كياي، حيث قال إن "الحكومات المتعاقبة قامت باستغلال الإرهاب من أجل مناسبتها لسياسات تتطفل على المواطنين، وتعد غير ديمقراطية، وأدى هذا إلى تحويل الخطاب العام إلى أمني، خاصة المتعلق بالأقليات العرقية من أجل تشويهها"، وأضاف أن الحكومات أصبحت مستبدة في رؤيتها للجماعات المدنية، التي باتت تتعامل معها كونها معارضة وليست شريكة.
وبحسب الموقع، فإن المدافعين عن استراتيجية "بريفنت" يرون أنها لا تقوم بالمراقبة، ويزعمون أنها حققت نجاحا في مواجهة الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة، خاصة تلك التي يروج لها تنظيم الدولة والجماعة المتطرفة مثل مجلس الدفاع الإنجليزي.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن تعليقات كياي لم ترق للعضو المحافظ وعضو لجنة العدل في البرلمان فيليب ديفيس، الذي قال: "هذه المحاضرة حول حقوق الإنسان من أفريقيا مذهلة"، كما نقلت عنه صحيفة "صن"، وأضاف: "كان عليه أن ينظف قارته أولا، ويتعرف على
انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة، التي تحصل يوميا، مثل التي يرتكبها رئيس زيمبابوي روبرت موغابي".