نشرت صحيفة "الكوريو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عما كشفته مؤخرا الاعترافات الجديدة للمتورطين في هجمات
باريس وبروكسل، بالإضافة إلى بعض الشهود، حيث تظهر درجة ثقة الخلية في آيت بلحسن، ابنة عم العقل المدبر لعمليات باريس، التي تُعرف بإدمانها على المخدرات.
وقد قُتلت بلحسن (26 عاما)، وهي من مواليد باريس، بانفجار في شقة بمنطقة سانت دينيس، خلال مداهمتها من الشرطة الفرنسية في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن الخلية التي نفذت هجمات باريس وبروكسل، تتألف من حوالي عشرين شخصا، كلهم رجال. وقد أظهرت التحريات حول العمليات التي نُفّذت في الدول الأوروبية، عدم مشاركة أي امرأة، وهو ما يتطابق مع قواعد الجهادية في القرون الوسطى التي يريد
تنظيم الدولة أن يفرضها. لكن هذا يطرح عدة تساؤلات حول سبب ثقة أعضاء هذه الخلية في فتاة مدمنة على المخدرات، وهي ابنة عم عبد الحميد أباعود.
وأضافت الصحيفة أن الأبحاث المتعلقة بحسناء آيت بلحسن، تؤكد أن هذه الفتاة مدمنة مخدرات، وقد جابت عدة بلدان أوروبية خوفا من أن يتمّ اعتقالها، قبل أن ينتهي بها الأمر إلى الاختفاء في شقة برفقة انتحاري. وبالتالي، فإن وجودها يطرح جملة من التساؤلات حول سبب ثقة الخلية
الإرهابية بها، وكيف قبل الإرهابيون المتطرفون بوجود امرأة بينهم، فضلا عن السبب الذي جعلها تصرخ قبل موتها: "هو ليس صديقي".
وأضافت الصحيفة أنه تم التوصل إلى حسناء آيت بلحسن عبر صديقتها، التي اعترفت لقوات الأمن أن بلحسن كان لها اتصال بمرتكبي هجمات باريس في ذلك الوقت، كما أدلت بمعلومات مكّنت الجهاز الأمني من الوصول إلى الشقة التي كان يختبئ فيها الجهاديون. ووفقا لهذه المرأة التي تم إخفاء هويتها، فإن صديقتها كانت مهووسة بالحفلات والمخدرات، وكانت "مقبرة" أسرار الإرهابيين.
وبحسب شهادة المرأة مجهولة الهوية، فقد تبيّن أن هذه الخلية كانت تخطط لتنفيذ عدّة هجمات، وأن آيت بلحسن كانت لها لقاءات متكرّرة مع عبد الحميد أبا عود. وفي أحد اللقاءات، رافقت هذه المرأة بلحسن وشهدت على تسليم أبا عود لابنة عمه مبلغا يقدر بحوالي 5 آلاف يورو، وذلك لاقتناء ملابس فاخرة ترتديها خلال هجمات مُقرّر تنفيذها في إحدى المناطق الفاخرة في باريس.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشاهدة حصلت على معلومات مهمة أدلت بها للشرطة، بعد أن اعترفت بلحسن، وهي في حالة "سُكر"، بكلّ ما اقترفته. وقالت صديقتها "لم أتوقّع أن تتفوه آيت بهذه الأسرار الخطيرة".
وبينت الصحيفة أن الشخصين اللذين كانا يختفيان برفقة آيت بلحسن، لهما سيرة ذاتية مشابهة، فهما ولدا في حي مولينبيك البلجيكي، وقد عاشا فترة مراهقة قاسية في أوروبا، ليتّجها بعد ذلك نحو سوريا للقتال إلى جانب عناصر تنظيم الدولة. ومن هذا الحي بدأت مخططاتهما في أوروبا، بعد العودة من سوريا.
وحسب صديقة حسناء آيت بلحسن، كانت هذه الأخيرة على علاقة مع ابن عمها وأعلمتها أنها ستتزوجه قريبا، كما أنها بقيت على اتصال به عندما توجّه للقتال في سوريا، وكانت هذه هي الفترة التي تحوّل فيها فكر بلحسن من الإدمان إلى
التطرف. وأصبحت الفتاة آنذاك ترتدي النقاب وتناصر تنظيم الدولة وتحلم بالسفر إلى سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن بلحسن كانت أيضا على اتصال بالجهادي محمد بلقايد، قبل شهرين من وقوع هجمات باريس، الأمر الذي يكشف استغلال ابن عمها لها في أثناء التخطيط للهجمات.
وأوردت الصحيفة أن كل الإرهابيين، الذين مرّوا عبر التاريخ، تقريبا، يتعاملون إما مع أشخاص مدمنين أو يعانون من عدم توازن في الشخصية، وذلك حتى يصعب على الشرطة التعرّف عليهم سواء خلال تخطيطهم أو تنفيذهم للهجمات.
ومن الأشياء المثيرة التي أدلت بها صديقة بلحسن، هي أن حسناء كانت خلال فترة تطرفها دائما في حالة سُكر على الرغم من ارتدائها للحجاب، وهو ما يبيّن مدى تناقض هذه الشخصية.
وفي الختام، بيّنت الصحيفة أنه لو لم تكن لحسناء آية بلحسن علاقة بابن عمها الجهادي، الذي جعلها تثق به إلى حد كبير، لما تورّطت في تنفيذ الهجمات التي تبنّاها فرع تنظيم الدولة في أوروبا، خاصة أن عددا من الوثائق التابعة لهذا التنظيم، تؤكّد أن دور النساء يقتصر فقط على رعاية البيت والأطفال، الذين سيكونون "جهاديي المستقبل".