أعلن النظام السوري، الأربعاء، عن بدء الانتخابات البرلمانية، في بلد أصبح نصفه تقريبا ما بين لاجئين ونازحين، مع فقدان النظام للسيطرة على معظم المناطق.
وأعلن النظام فتح مراكز الاقتراع في المناطق الخاضعة لسيطرته، أي ما يعادل ثلث الأراضي السورية، لاستقبال الناخبين لمدة 12 ساعة، إلا إذا ارتأت اللجنة القضائية تمديد الفترة الزمنية "إن دعت الضرورة لذلك".
وتنطلق الانتخابات السورية في وقت وصل فيه عدد اللاجئين في البلدان المجاورة إلى خمسة ملايين لاجئ تقريبا، وعدد النازحين داخلها إلى سبعة ملايين، من أصل 23 مليون سوري قبل الحرب، في حين يعيش ما يقارب الأربعة ملايين سوري في المحافظات خارج سيطرة النظام، وأبرزها إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة السورية، والرقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، ومناطق واسعة من حلب وريفها ودرعا ودمشق، ما يعني أن ثلث السوريين تقريبا فقط هم القادرون على المشاركة في الانتخابات.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن "المراكز الانتخابية تفتح أبوابها أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني في مختلف المحافظات"، مشيرة إلى وجود "أكثر من 7300 مركز انتخابي في محافظات مختلفة"، وبث التلفزيون السوري صورا حية لمراكز اقتراع فيها ناخبون يدلون بأصواتهم في دمشق واللاذقية وطرطوس، بالإضافة إلى صور لمشاركة رئيس النظام السوري وزوجته بالانتخابات.
ويعد هذا الاقتراع الثاني منذ اندلاع النزاع السوري في عام 2011، وأعلن 11341 شخصا يزيد عمرهم على 25 عاما عن ترشحهم في بداية الأمر لشغل 250 مقعدا.
ويتنافس حاليا 3500 مرشح بعدما انسحب البقية من السباق "لاعتقادهم بأنهم غير قادرين على المنافسة" حسبما أشار إليه رئيس اللجنة القضائية هشام الشعار للصحافة.
وبلغ عدد مراكز الاقتراع في المحافظات كافة أكثر من 7200 مركز منها 2315 مركزا في دمشق وريفها، إضافة إلى 540 مركزا في العاصمة لأبناء المحافظات الساخنة الرقة ودير الزور (شرقا) وحلب (شمالا) وإدلب (شمال غرب البلاد)، في حين بلغ عدد مراكز حلب ومناطقها 610 مراكز، بحسب صحيفة الوطن.
وتعتبر صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الانتخابات "معركة للتعبير عن صمود مؤسسات الدولة".
الأسد: الإرهاب فشل
من جانبه، اعتبر رئيس النظام السوري
بشار الأسد في تصريحات صحفية له إثر الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية، أن الإرهاب فشل في تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في تدمير البنية الاجتماعية للهوية الوطنية، بحسب تعبيره.
وأدلى رئيس النظام السوري وعقيلته، الأربعاء، بصوتيهما في انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني، في المركز الانتخابي المقام في مكتبة الأسد بدمشق.
ولدى خروجه من مركز الاقتراع، ادعى الأسد أن "الإرهاب تمكن خلال الحرب في
سوريا المستمرة منذ خمسة سنوات، من سفك الدماء البريئة وتدمير الكثير من البنى التحتية، إلا أنه فشل في تحقيق الهدف الأساسي الذي وضع له وهو تدمير البنية الأساسية في سوريا، أي البنية الاجتماعية للهوية الوطنية".
وتابع قائلا: "لذلك فإن مشغلي الإرهابيين وأسيادهم تحركوا باتجاه مواز تحت عنوان سياسي هدفه الرئيسي هو ضرب هذه البنية الاجتماعية وضرب الهوية الوطنية اللتين يعبر عنهما الدستور".
واعتبر الأسد أن هذه النقطة "يؤكد عليها الحماس الذي أبداه الشعب السوري للمشاركة في الانتخابات الحالية"، وفي الانتخابات السابقة التي جرت في البلاد خلال السنوات الماضية، مشيرا في هذا الخصوص إلى المشاركة الواسعة من جميع شرائح المجتمع، وخاصة في ما يتعلق بالترشح الذي شهد عددا غير مسبوق في أي انتخابات برلمانية في سوريا عبر العقود الماضية.
"غير شرعية"
واعتبرت معارضة الداخل والخارج، على حد سواء، والغرب هذه الانتخابات "غير شرعية"، إلا أن روسيا الحليف الأبرز للنظام، اعتبرتها "مطابقة للدستور السوري الحالي"، في حين دعت الأمم المتحدة لإقامة انتخابات عامة خلال عام 2017.
وأشارت اللجنة القضائية إلى أن الانتخابات التشريعية "ستقام في جميع المناطق ما عدا الرقة وإدلب" الخاضعتين لسيطرة تنظيم الدولة وجبهة النصرة، و"في المناطق التي تشهد مشاكل أمنية"، بالإشارة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة.
ولفتت اللجنة إلى أنه يمكن للناخبين المتحدرين من هذه المناطق التصويت "في القطاعات التي يسيطر عليها الجيش".
وخصص للسكان الذين كانوا يقطنون في دير الزور (شرقا) التي يسيطر التنظيم المتطرف على أجزاء واسعة منها، "مراكز اقتراع في دمشق وضواحيها وفي الحسكة (شمال شرق البلاد)"، بحسب ما قال الشعار.
ومن المتوقع أن تكون نتائج الاقتراع مماثلة للاقتراع الذي جرى في أيار/ مايو 2012 بحسب خبراء، حيث حصل حزب البعث الحاكم على أغلبية المقاعد.
وذكّر معارضون بحادثة تغيير الدستور السوري خلال دقائق على يد مجلس الشعب، في أول جلسة عقدت بعد وفاة رئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد، إذ غير أعضاء البرلمان المادة التي تشترط على الرئيس أن يكون عمره أربعين عاما، فأصبحت 34 عاما، ليتمكن رئيس النظام السوري بشار الأسد من استلام الحكم حينها.