نشر موقع ميدل إيست أي البريطاني تقريرا حول توتر العلاقة الشخصية التي تربط رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رانزي وزعيم الانقلاب في
مصر عبد الفتاح السيسي، على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جيوليو رجيني، كما تحدث التقرير عن دفع
إيطاليا ثمن تساهلها مع نظام الانقلاب، بحسب رأي بعض الدبلوماسيين الإيطاليين.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن العلاقة بين السيسي ورانزي تقوم على الصداقة الشخصية بينهما، وقد ظهر ذلك جليا في الخطاب الذي ألقاه رانزي يوما بعد الانفجار الذي استهدف القنصلية الإيطالية بالقاهرة في تموز/ يوليو الماضي.
وحينها قال رانزي: "في هذه اللحظات لن تصل مصر لبر الأمان إلا على يد عبد الفتاح السيسي، هذا موقفي الخاص، وأنا فخور بالصداقة الشخصية التي تربطني بالرئيس المصري".
وقد أشار الموقع للعلاقة المتينة التي تربط الرجلين، ويبدو ذلك من خلال الدعم الهام الذي قدمه ماتيو رانزي للسيسي منذ الانقلاب، وكذلك من خلال اختيار السيسي بأن تكون وجهته الأولى إلى إيطاليا في أول زيارة له لأوروبا سنة 2014.
لكن بعد مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو
ريجيني، فإن العلاقة الخاصة التي تجمع القيادتين معرضة للخطر، كما أنها تضع رانزي تحت الضغط حتى يتخذ خطوات قاسية ضد صديقه المصري.
وقال الموقع إن رانزي، الوجه المألوف لدى وسائل الإعلام، قد توارى عن الأنظار منذ تردد أخبار مقتل ريجيني، حيث تعرض للاختطاف والتعذيب ثم عُثر على جثته في أحد ضواحي القاهرة في 3 شباط/ فبراير.
وسبق أن أشاد رانزي بـ"روح التعاون الإيجابي" مع مصر في هذه القضية، كما أكد على أن العلاقة بين الدولتين والشعبين لن تتضرر.
ولكن بعد مرور شهرين على الجريمة، وعدم تقدم التحقيق، استدعت إيطاليا سفيرها في القاهرة للتشاور، في ظل اتهام للجانب المصري بعدم التعامل مع القضية بشفافية.
ويتهم المسؤولون الإيطاليون النظام العسكري في مصر بإخفاء الوثائق والمعلومات حول الحادثة، بينما رفض الادعاء العام الإيطالي تصريحات السلطات المصرية القائلة بأن ريجيني أختطف من قبل عصابة إجرامية انتحلت صفة رجال الأمن.
ويؤيد دبلوماسيون إيطاليون ما ورد في الإعلام الإيطالي بأن الطالب ريجيني، المعروف بنشاطاته السياسية والنقابية، قد اعتقل وعُذّب وقتل من قبل أجهزة الأمن المصرية.
ولفت الموقع إلى أن مقتل ريجيني أثار صدمة في إيطاليا، حتى أن كل الصحف الإيطالية تحدثت عن الموضوع وأصبحت تنقل أخبار ما يحدث في مصر، بعد أن كان الشعب الإيطالي، بشكل أو بآخر، لا يهتم لانتهاكات
حقوق الإنسان في مصر، ليصبح مقتنعا تماما بتورط المخابرات المصرية في مقتل الطالب الإيطالي.
وقالت باولو ريجيني، والدة الضحية، أمام البرلمان الإيطالي الأسبوع الماضي: "لا يمكنني أن أخبركم ماذا فعلوا بابني، لكنني لم أتعرف عليه إلا من خلال طرف أنفه".
وبحسب الموقع، فإن طبيعة العلاقات بين القيادات المصرية والإيطالية لطالما كانت خاصة جدا، فقد جمعت رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني بالرئيس المخلوع حسني مبارك علاقة جيدة جدا، حتى قيل بأن الفتاة التي كان برلسكوني يمارس معها الجنس وهي قاصر، ابنة الرئيس مبارك.
وذكر الموقع بأن إيطاليا هي أبرز سوق لمصر في الاتحاد الأوروبي، كما أن شركة البترول الإيطالية "إيني" وقّعت صفقة هامة لاستغلال وإدارة أحد أكبر حقول الغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط على شواطئ الإسكندرية.
ولطالما قلل رانزي من
انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، معتبرا أن الأمر طبيعي وأنه يأتي في سياق الحرب ضد الإرهاب والفوضى في منطقة الشرق الأوسط.
لكن الموقع نقل عن ديبلوماسي إيطالي رفض الإفصاح عن اسمه قوله: "نحن نتعامل مع ديكتاتور، وهذا لا شك فيه ولا لُبس"، مضيفا: "نحن نتعامل مع دولة استبدادية تقوم فيها الحكومة بكل ما تريد القيام به، ولكن ليس لدينا الكثير لنقوم به لوقف هذا الاستبداد".
وأوضح الموقع أنه من وجهة نظر بعض المراقبين، فإن روما اليوم تدفع ثمن سياستها القاصرة مع السيسي، حيث قال كاراتشولو لوسيو، وهو كاتب في إحدى المجلات السياسية الإيطالية، "إن السياسة الإيطالية لم تأخذ في الاعتبار هشاشة الحكومات العسكرية".
وأضاف لوسيو: "كما أنها لم تأخذ في الحسبان، أنه في إطار الحرب على الإرهاب ومن وجهة نظر عبد الفتاح السيسي، قد يصبح كل معارض، حتى العلمانيون منهم ومشجعو كرة القدم، إرهابيين".
وفي الختام، قال الموقع إن أي قرار غير محسوب بقطع العلاقات مع مصر، قد يجعل مصر بوابة للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، خاصة مع اقتراب فصل الصيف الذي يصحبه عادة موجات هجرة غير شرعية من شمال إفريقيا نحو صقلية الإيطالية.