أعلنت اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين في
مصر، التي تمثل أحد طرفي الخلافات داخل الجماعة في مواجهة الجبهة المعروفة إعلاميا بالقيادة التاريخية التي يتزعمها القائم بأعمال المرشد محمود عزت، قبولها وترحيبها بمبادرة المكاتب الإدارية التابعة لجماعة الإخوان.
ويوم الثلاثاء الماضي، تقدمت 10 مكاتب إدارية إخوانية (من إجمالي 27 مكتبا تابعا للجماعة)، بمبادرة جديدة إلى كل من القائم بأعمال المرشد العام (محمود عزت)، وأعضاء مكتب الإرشاد داخل مصر، وأعضاء اللجنة الإدارية العليا، في محاولة منها لحل الأزمة داخل الجماعة.
وشدّدت اللجنة الإدارية -في بيان لها الثلاثاء وجهته إلى كل من أمناء المبادرة، ورؤساء وأعضاء المكاتب الإدارية الموقعين على المبادرة، ورؤساء وأعضاء المكاتب الإدارية الأخرى، وجموع الصف الإخواني- على أنها ليست حريصة على مزاحمة أحد على مكان أو مكانة.
وقالت: "وصلتنا مبادرتكم الكريمة من المكاتب الإدارية، التي تقدمتم بها؛ حفاظا على الصف، ولم الشمل، وحرصا على إعادة بناء مؤسسات الجماعة، واللجنة الإدارية إذ تشكر لكم ولكل المخلصين من أبناء الدعوة والأمة جهدكم، تثمن وترحب بمبادرتكم، كما هو شأنها مع جميع المبادرات السابقة، وما أبدته دائما من الاستعداد الكامل للتعامل مع كافة المبادرات والمقترحات الجادة".
وأضافت اللجنة: "لسنا مستعدين لترك الجماعة بلا مؤسسات؛ إذ إنه الآن لا مكتب إرشاد ولا هيئة مكتب إرشاد، حيث لم يتبق من مكتب الإرشاد في الداخل سوى ثلاثة أعضاء، وهو ما لا يصح به أي انعقاد باسمه، كما أن مجلس الشورى العام لم يبق منه سوى 32 عضوا لا يستطيع الحركة منه أو المشاركة في الأحداث سوى 12 عضوا، جميعهم من قطاعين فقط سوى عضوين، ما يجعل كل ما يصدر باسم هذه المؤسسات باطلا (في إشارة لرفضهم قرارات اجتماع مجلس الشورى الأخير التي أعلن عنها محمود عزت)".
ويوم السبت الماضي، أعلن القائم بعمل المرشد العام لجماعة الإخوان عن انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة، مؤكدا أن انعقاد المجلس انتهى إلى انتخاب لجنة جديدة مؤقتة لتسيير الأعمال، وثلاث لجان أخرى، الأولى لتقديم مشروع رؤية جديدة المجلس الشورى، والثانية لاستكمال انتخابات الهيئات الشورية والإدارية، والثالثة لاستكمال التحقيقات.
واستطردت اللجنة الإدارية قائلة: "نرى أن استبعاد القائم بالأعمال جميع رؤساء المكاتب الإدارية -الذين هم أقرب الناس إلى الميدان- من عضوية مجلس الشورى العام يفتح الطريق لعدم الاعتراف بالمكاتب الإدارية ولا القطاعات الجغرافية، وهدم ما بقي من مؤسسات الجماعة، والنتيجة ترك الجماعة للمجهول، وهذا ما لا يسمح به كل حريص على هذه الدعوة".
وأردفت: "كما أن وضع القائم بالأعمال (محمود عزت)، الذي لا يعرف أحد يقينا ما يحيط به من ملابسات، ولا حقيقة ما ينسب إليه من رسائل أو قرارات جاء أكثرها متضاربا، ولم يوجه أي منها للانقلاب، يزيد الأمور غموضا يوما بعد يوم، بينما الساحة متروكة لبضعة أفراد غير ذوي صفة إدارية أو مؤسسية يتحركون باسمها هنا وهناك".
واختتمت بقولها: "نعلن قبولنا بالمبادرة واستعدادنا لتسليم كافة ما أنجزناه لمن ستختارهم المكاتب الإدارية والقطاعات الجغرافية لإدارة المرحلة، وسنقف خلفهم داعمين لإنجاز ما أعلنوا عنه من إقرار للائحة وإعادة بناء للمؤسسات على أساس الشورى والانتخابات، وذلك خلال المدة التي حددتها مبادرة المكاتب الإدارية (ثلاثة أشهر من تاريخه)، وندعو جموع الإخوان في الداخل والخارج إلى التعاون التام والمشاركة الفعالة لإنجاح هذه المبادرة".
من جهته، ثمن الأمين مبادرة المكاتب الإدارية (غير معروف الهوية) "دور اللجنة الإدارية وإيجابيتها في التعاطي مع المبادرة"، معربا عن تطلعه إلى الرد الإيجابي ذاته من القائم بأعمال المرشد على هذه المبادرة التي وصفها بالتوافقية.
ولفت -في بيان له أمس- إلى أنه تلقى رسالة من مسؤول الإدارية العليا بالموافقة على مبادرة المكاتب، مضيفا: "كلنا ثقة في حسن تقدير فضيلة القائم بالأعمال؛ لدقة الموقف وحساسية اللحظة، وفي حرصه على إعلاء الشورى وتقديم مصلحة الجماعة".
من جانبه، قال أمين العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، المهندس محمد سودان (أحد ممثلي جبهة الدكتور محمود عزت)، إن "مبادرة المكاتب الإدارية ربما تلقى مصير المبادرات الأخرى؛ نظرا لأنها صدرت من طرف دون التشاور مع الطرف الآخر".
وأضاف -في تصريح إعلامي- أن المبادرة خرجت من عشرة مكاتب فقط، ولم تمثل المكاتب جميعها، مشيرا إلى أنه كان من الأولى أن تعلن المبادرة بعد أن يتم التوافق عليها من قبل جميع المكاتب.
ونصت المبادرة على أن "يتفضل أعضاء ومسؤولو اللجنتين في الجانبين بالعودة خطوة للوراء، باستثناء القائم بالأعمال، وإفساح المجال للجنة جديدة من القطاعات السبعة لإدارة المشهد، وأن يظل القائم بالأعمال رمزا للجماعة وممثلا لها ومسؤولا عن اللجنة الجديدة التي سوف يتم انتخابها من القطاعات الجغرافية أو مشرفا لها، بشرط أن يكون التواصل بينه وبين اللجنة الجديدة بشكل مباشر، وبالآلية التي يراها، ولا يكون بينهم وسيط، لضمان وصول وجهات النظر بين الأطراف بشكل لا لبس فيه".
كما طالبت المبادرة بإعادة تشكيل مؤسسات الجماعة (مجلس شورى ومكتب الإرشاد وخلافه) من جديد، وفقا للائحة الجديدة بعد اعتمادها، وتسلم إليها قيادة الجماعة، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر كحد أقصى من تاريخ تشكيل اللجنة.
وظهرت أزمة جماعة الإخوان الداخلية للعلن بوضوح في شهر أيار/ مايو الماضي، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة سلطة الانقلاب وشرعية القيادة في الظرف الجديد.
واشتعلت تلك الخلافات، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حينما أعلن مكتب الإخوان المسلمين في لندن إقالة محمد منتصر (اسم حركي مقيم داخل مصر) من مهمته متحدثا إعلاميا باسم الجماعة، وتعيين متحدث جديد بدلا منه، هو طلعت فهمي، وذلك في أعقاب خروج مشرف للجنة إدارة الدكتور محمد عبد الرحمن بعدد من القرارات الموقعة منه، التي قال إنها باعتماد من القائم بأعمال المرشد العام للإخوان عزت، التي تقضي بإعفاء بعض حاملي الملفات المهمة وتجميد عضويتهم، وأبرزهم المتحدث الإعلامي محمد منتصر.