تعد أزمة "الكفيل" من أبرز المشكلات التي بدأ اللاجئون يعانون من تبعاتها في
أوروبا، حيث بات من الطبيعي مشاهدة عائلات سورية تفترش أرصفة الشوارع، أو تقطن في المساكن الخاصة بالمشردين نتيجة لرفض الكثير من أصحاب البيوت تأجيرهم على الرغم من امتلاك هؤلاء
اللاجئين أوراق اللجوء، والحساب البنكي، والمساعدة الحكومية المالية الخاصة بالسكن ومستلزمات المعيشة.
ويقول حسام زمزم، المقيم في باريس، إن استئجار شقة هو أصعب ما قد يعترض السوريين في فرنسا، وخاصة باريس، فأصحاب
العقارات يرفضون رفضا قاطعا تأجير اللاجئ دون وجود كفيل فرنسي.
وتابع زمزم في حديث لـ"
عربي21": "في فرنسا يحصل اللاجئ السوري على مساعدة مالية خاصة بالسكن من منظمة الكاف، بالإضافة إلى راتب اللجوء المقدر بـ450 يورو للشخص الواحد، ومع ذلك لا يستطيع الاستئجار، كما أن الحصول على سكن الدولة الخاص باللاجئين، قد يمتد لسنوات بسبب الضغط الكبير وكثرة اللاجئين من الدولة الإفريقية وأفغانستان، ما يعني استمرار معضلة التشرد والمصير المجهول".
ويتحدث الصحفي السوري أحمد سلوم، المقيم في السويد، عن بعض التفاصيل الخاصة بالكفالة والسكن في المدن السويدية، حيث يتعين على أي شخص لديه إقامة انتظار دوره في الشركات لمدة طويلة للحصول على بيت، أو اللجوء إلى السماسرة، وبالتالي دفع مبالغ كبيرة.
ويؤكد سلوم لـ"
عربي21"، أن نظام الكفالة غير معترف به لدى الحكومة السويدية، إلا أن العديد من أصحاب البيوت يرفضون التأجير دون وجود كفيل سويدي، ولا يستطيع القانون منعهم. ونظرا لذلك، فالسوري أمام خيارين لا ثالث لهما، إما البقاء في "الكامب"، أو الذهاب إلى المناطق النائية والبعيدة جدا.
وفي النمسا، "القضية غير مرتبطة بقانون.. بل مرتبطة بمزاجية المؤجر"، بحسب ما قالته ماريا الحموي المقيمة في العاصمة فيينا، لـ"
عربي21".
وتستطرد الحموي بالقول: "بشكل عام الشركات تحتاج للكفيل لعدم رغبتها بتأجير أي لاجئ يحصل على راتبه من الخدمة الاجتماعية، إلا أن الكثير من النمساويين يقبلون على تأجير بيوتهم مباشرة في حال القناعة بالمستأجر وعائلته".
ويلفت بعض اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا إلى أن الوضع هناك لا يختلف عن الدول الأخرى من ناحية الكفيل، وصعوبة الحصول على سكن، مشيرين إلى وجود عائلات سورية في المدن الكبرى والغربية لم تتمكن من الحصول على مسكن بعد البحث لأكثر من سبعة أشهر، في ما يبدو الوضع أسهل في مدن ألمانيا الشرقية.
ويختلف الوضع بالنسبة للكفالات والسكن في هولندا، فاللاجئ السوري يستطيع الاستئجار بكفالة من البلدية التي تؤمن البيت وتدفع أجرته، ثم تقتصه من الراتب المخصص للاجئ، وفق ما ذكره الصحفي محمد أبازيد لـ"
عربي21".
ويضيف الأبازيد: "اللاجئ في هولندا يحتاج لعدة أشهر للحصول على بيت من البلدية، وخلال تلك الفترة يقطن في الكامبات الجيدة جدا، وبعضها منتجعات سياحية تم استئجارها من قبل منظمة COA".
ويشار إلى أن هناك العديد من الجمعيات الخاصة باللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي، التي تساعدهم على تسيير أوراق اللجوء وتأمين
السكن المؤقت، إلا أن معظمها تقف عاجزة أمام نظام الكفالة، أو أمام البحث عن بيوت للإيجار والاستقرار، بدلا من حالة التخبط لمعظم السوريين الواصلين إلى أوروبا حديثا، ما دفع ببعضهم إلى إلغاء أوراق اللجوء والمطالبة بالعودة إلى تركيا أو الأردن.