نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن تراجع شعبية عبد الفتاح
السيسي في
مصر، خلال الأشهر الأخيرة، لأسباب سياسية واقتصادية. واعتبرت أن مستقبل "العملاق العربي" (مصر) أصبح على المحك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه في حين كان يقف السيسي فوق يخته الفاخر، افتتح في الصيف الماضي فرع قناة السويس، بحضور مجموعة من الشخصيات العالمية، وقد بدت توقعاته لمستقبل مصر واعدةً.
وأشارت الصحيفإلى أنه بعد عام من توليه منصبه، وقع السيسي اتفاقيات للاستثمار بملايين الدولارات مع الحكومات والشركات الأجنبية. كما اعتبر الغرب أن الجيش المصري تمكن من تحقيق الاستقرار في البلاد التي ظلت مضطربة خلال فترة ما بعد الثورة.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن حوادث مثل اختطاف الطائرة يوم الثلاثاء، تشكل جليدا في شتاء حقيقي وأسود للسيسي. وبذلك أصبح مستقبل مصر مرة أخرى مثيرا لكثير من الشكوك. وزيادة عن ذلك، تلاشت شعبية "الزعيم الكاريزمي" دفعة واحدة.
كما مثل يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ نقطة تحول نوعية، عندما تغاضت السلطات المصرية عن مقتل السياح المكسيكيين على أيدي الجيش المصري. وتواصلت هذه الموجة التي أخافت السياح الأجانب، حين تم إسقاط الطائرة الروسية وعلى متنها أكثر من 200 سائح روسي في شبه جزيرة سيناء، وهو ما تسبب في نكسة قوية للقطاع السياحي، الذي يمثل واحدا من أهم ركائز الاقتصاد المصري.
وأوردت الصحيفة أنه للمرة الأولى منذ صعوده الصاروخي، أدلى السيسي بموقف دفاعي، حيث توجه للمصريين قائلا: "لا تستمعوا لشخص غيري، أنا جاد فيما أقول"، كما تحدث عن أنه على استعداد "لبيع" نفسه، مقابل مساعدة بلده.
وأضاف التقرير أنه بعد ساعات من هذا الإعلان التاريخي والغريب، سخر أحد مستخدمي الإنترنت منه بوضعه إعلانا لبيع السيسي على موقع "إي باي"، حيث أشار هذا الإعلان الساخر إلى أن هذا الجنرال "مستخدم من قبل مالكيه (ملوك الخليج)".
وبينت الصحيفة أن العديد من المحللين اعتبروا هذا الخطاب "خاطئا وليس في محلّه". كما أن المؤرخ خالد فهمي، عند مقارنة هذا الخطاب بخطابات الدكتاتور الليبي معمر القذافي، يعتبره مؤشرا ينذر بسقوطه (السيسي) الحتمي في وقت لاحق.
كما قالت الصحيفة إنه من خلال خطاباته، سعى السيسي للرد على الغضب الناجم عن تزايد انتهاكات الشرطة، التي مثلت أحد الدوافع الرئيسية لثورة 2011.
لكن في الفترة الماضية، لم تجرؤ الشرطة على تفريق مظاهرة في وسط العاصمة، من قبل الآلاف من الأطباء المتضامنين مع زملائهم الذين تعرضوا للاعتداء على أمناء شرطة، ولا مئات السكان الغاضبين من حي فقير في القاهرة بسبب مقتل سائق سيارة أجرة برصاص شرطي بسبب خلاف على الأجرة. ومثل كلا الاحتجاجين، خبرا لم تعرفه وسائل الإعلام المصرية منذ انقلاب سنة 2013، لأنه منذ ذلك الحين لم تسمح الحكومة المصرية بمرور أي تحد لسلطتها في الشوارع.
وأضافت الصحيفة أن القمع الوحشي للشرطة لوث علاقة السيسي المتميزة بالاتحاد الأوروبي، حيث أدان البرلمان الأوروبي بشدة التعذيب والقتل الذي تعرض له الباحث الإيطالي، الذي عثر على جثته بعد أسبوع من اختفائه.
وأوردت الصحيفة أن رأي الأغلبية في إيطاليا، يتفق حول أن حادثة مقتل الطالب الإيطالي "ليست حادثا معزولا"، بل هي جزء من نمط من "التعذيب والموت والاختفاء القسري في مراكز الشرطة " في مصر.
ورأت الصحيفة أن هذا يؤكد النظرية القائلة بأن "الرئاسة لا تملك السيطرة الكاملة على بعض أجهزة الدولة".
وزيادة على ذلك، قالت الصحيفة إن السلطة اضطرت، أمام انخفاض عائدات النقد الأجنبي المتأتي من قطاع السياحة وانتهاء سيل الاستثمارات الأجنبية، للتخفيض الحاد في الجنيه مقابل الدولار، بنسبة 13 في المئة.
وأوردت الصحيفة أن هذا القرار سيؤثر بشكل مباشر على تكاليف المعيشة، وهو ما يمكن أن يضاعف الاضطرابات بين السكان، حيث إن حوالي 40 في المئة من المصريين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم.
ونقلت الصحيفة قول المحلل السياسي المصري، مصطفى خليل، إنه "في ظل هذه الظروف، فإنه من المستحيل قياس شعبية السيسي. كما أن الاستطلاعات الحالية ليست شفافة، ولا يمكن الاعتماد عليها، زيادة على ذلك يبدو لي أن شعبيته في طريقها إلى التراجع وستبلغ أدنى مستوياتها".
ويضيف المحلل السياسي أنه "نظرا لبعض الحملات الإعلامية، فإنه لا يبدو واضحا إذا كان الرئيس المصري يملك الدعم الكامل من كل أجهزة الدولة، أي الجيش والمخابرات والداخلية، أم لا".