أثار مقطع فيديو لأفراد أمنيين يعتدون على شخص في إحدى ضواحي العاصمة
تونس، ردود فعل غاضبة؛ بسبب ما احتوى عليه المقطع من عنف مادي ولفظي.
ويُظهر التسجيل الذي تداوله نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أحد أفراد الأمن بزيّ مدني، وهو يُمسك بمواطن في العقد الرابع من عمره، يدعى جلال العبيدي، في أحد شوارع ضاحية "ابن سينا" بالعاصمة تونس، حيث استنجد الأول عبر مكالمة هاتفية بشخص اتضح فيما بعد أنه ضابط شرطة.
وبعد وقت قصير؛ قدم الضابط في سيارة، برفقة رجل أمن يرتدي زيّا مدنيا، وانخرط الجميع في تعنيف الكهل، محاولين وضعه بالسيّارة، فيما كانت سيدة تسدد له لكمات من حين لآخر، وتبصق عليه.
عنف وإيقاف
وضجت صفحات موقع "فيسبوك" بعد تداول مقطع الفيديو، بالتعليقات الغاضبة من تصرفات أعوان الأمن، وقدمت زوجة المتضرر مساء الثلاثاء، مداخلة على أثير إذاعة "إي أف أم" روت فيها تفاصيل الحادثة.
وقالت إن زوجها الموظف كان يسير بالطريق، صباح الاثنين الماضي، حيث كادت تدهسه سيارة تقودها امرأة من الجالية التونسية بالخارج، وبجانبها رجل تبين فيما بعد أنه أحد أفراد الأمن، مضيفة أن زوجها عبر عن احتجاجه من طريقة قيادة المرأة للسيارة.
وأضافت أن رجل الأمن المرافق للمرأة، نزل من السيارة، وأمسك بزوجها مسددا له لكمات، قبل أن يستدعي زملاءه الأمنيين، الذين حضروا واعتدوا عليه في الطريق العام وفي السيارة ثم بمركز
الشرطة، قبل أن تتمّ إحالته بحالة إيقاف على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية.
إحساس بالإهانة
وأشارت الزوجة إلى أنه "تمّ الإفراج عن زوجها الذي كشف لوكيل الجمهورية عن الرضوض وآثار
الاعتداء الذي تعرّض له في كامل جسده"، مؤكدة أن زوجها سيقاضي أعوان الأمن.
من جانبه؛ تحدث المتضرر العبيدي مباشرة بعد الإفراج عنه لصحيفة "الصدى" التونسية، قائلا إنه شعر بغبن كبير، مؤكدا أنه "بكى كثيرا من شدة الألم والإحساس بالإهانة في وطنه".
وأضاف: "تم اعتقالي منذ مساء الاثنين الماضي، وكنت أتعرض داخل مركز الأمن للضرب المتواصل، وبشكل مبرح، والعضّ في كامل جسدي (...) أسناني ستسقط بسبب كلّ ذلك (...) لذا أرجو من وزير الداخلية أن يتدخل لإنصافي"، وفق تعبيره.
معاقبة المتورطين
من جانبها، قالت وزارة الداخلية في بيان رسمي لها، الأربعاء، إنه تم اتخاذ الإجراءات والترتيبات القانونية الجاري بها العمل، لافتة إلى أنه تم في الإبان إحالة الملف على أنظار القضاء للبت في القضية مع جميع الأطراف المعنية.
ووصفت منظمة "أطباء ضد الدكتاتورية" ما تعرض له جلال العبيدي بـ"التعنيف والتعذيب الوحشي"، مؤكدة "تكرر ظاهرة الاعتداء على المواطنين الأبرياء بمراكز الشرطة وخارجها من طرف أعوان الأمن، كحادثتي مركز بوحسينة بمحافظة سوسة، والحادثة الأخيرة التي أودت بروح الطفل حمزة أصيل بمدينة النفيضة".
وطالبت المنظمة في بيان لها بـ"معاقبة من سيثبت تورطه في هذه الحادثة، وتكوين لجنة برلمانية تنظر في هذا الاعتداء وما شابهه"، داعية القضاء إلى "التعهد بفتح ملف حوادث
التعذيب والاعتداءات على المواطنين".
التواصل الاجتماعي
وفي سياق متصل، أطلق نشطاء بموقع "فيسبوك" دعوات لوزير الداخلية بمحاسبة الأمنيين، فيما نشرت صفحة فخار "يكسر بعضو" تسجيلات فيديو لنشطاء بتونس ومن الجالية بالخارج، لم تذكر أسماءهم، حيث ندّدوا بما حصل لجلال العبيدي.
وعلقت الناشطة إيمان زنام على الفيديو بقولها: "لنتعلم من هذا الدرس البليغ ولنخجل من أنفسنا يا سادة إن كانت لدينا ذرة إحساس... وقارن بين أضداد لا تقبل المقارنة... ودون قصيدة رثاء في ذوي القلوب الميتة...والهمة المفقودة والكرامة المسلوبة...!".
ونشر الناشط والشاعر الأسعد عامر قصيدة حزينة في شكل تسجيل فيديو بعنوان: "رسالة إعذار إلى التونسي الذي تم الاعتداء عليه".
أما الناشط أنيس عوني فكتب: "لأنه فقير لاحول ولا قوة له يضرب ويهان.. ولأنها غنية تظل فوق القانون..".
وكتب أنيس النفزي: "صحة الطريحة يا مواطن.. صحة الظلم يا بوليس.. صحة البترول يا سراق.. صحة الخراء يا شعب.. دين الدولة الجريمة المنظمة!".
وكتب عيسى بقس، من الجزائر: "والله تحسرت وغاضني راجل إلى ضربه العون وقلبي تحرق عليه من أمس".
وقال نبيل قروي: "لو التحق الرجل المسن الذي وقع الاعتداء عليه البارحة بداعش لن أتفاجأ...لو التحق أبناؤه بداعش سوف يكون خبرا عاديا بالنسبة إلي ...هكذا تصنع الدولة الإرهاب وهكذا يصنع البوليس إرهابيين .. وهكذا تستدرج داعش الشباب .. 90 % من مقاتلي داعش هم ممن أحسوا بظلم الدولة وظلم البوليس".