نشرت صحيفة "سلايت" الفرنسية تقريرا حول إمكانية تقسيم
سوريا وتأسيس نظام فدرالي، كفرضية لإيجاد حل لهذه الحرب المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحرب التي انطلقت منذ أكثر من خمس سنوات، أدّت إلى مقتل أكثر من 500 ألف شخص، وهو ما يعادل 2.5 في المئة من العدد الإجمالي للسوريين قبل بداية الحرب، وأدّت أيضا إلى تهجير أكثر من نصف السكان من منازلهم، ما زاد في تفاقم هذا الوضع الكارثي.
وذكرت الصحيفة أن المفاوضات التي يترأسّها مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، تهدف بالأساس إلى تقسيم سوريا إلى دويلات بين المجموعات المتحاربة، لفض هذا النزاع الجغراسياسي في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن مصير الأسد هو المحور الأساسي للنزاع بين الولايات المتحدة وروسيا، وأيضا بين إيران والمملكة العربية السعودية، اللتين تتنافسان في إطار صراع ديني وجغراسياسي في المنطقة، دون أن نغفل عن ذكر القضايا الاستراتيجية المتراكمة والشائكة التي تشغل تركيا فيما يتعلق بالوضع على حدودها مع سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن إمكانية إعادة بناء كيان وظيفي لسوريا في الوقت الراهن تبدو ضئيلة جدا. ومن المرجّح أنّ الحل الأنسب يتمثل في تقسيم سوريا إلى دويلات؛ لوضع حد للصراع المتواصل منذ سنوات.
وضمانا لنجاح المفاوضات القادمة وإخماد نار الحرب المستعرة في سوريا، ينبغي أن يكون هذا الحل ضمن جدول المحادثات القادمة في جنيف، على الرغم من أن هذا القرار سيلقى معارضة كبيرة من المجتمع الدولي.
واعتبرت الصحيفة أن سوريا تعاني من التصدعات الدينية والعرقية قبل بداية الحرب بكثير، ما أدّى إلى سقوطها السريع في دوامة الفوضى، وإلى خضوعها لابتزاز الأسد الفظيع، الذي وضع مصير بلاده مقابل مصيره.
ورأت الصحيفة أن هذه الفرضية أصبحت على وشك التحقق؛ حيث يتخذ هذا الاتفاق شكل نظام فيدرالي يجمع ثلاث دويلات مقسمة، تمتد الدولة العلوية من العاصمة دمشق إلى الحدود الساحلية الغربية، بينما تتمركز الدولة السنية في الوسط، والدولة الكردية في الشرق.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية تمّ تفكيك العديد من الإمبراطوريات إلى دويلات صغيرة، مثل يوغوسلافيا التي أوشكت على الانهيار بعد وفاة المارشال تيتو، والتي استطاعت الصمود لتصبح نظاما فيدراليا قويا، وكذلك البوسنة بعد اتفاقية دايتون، والعراق التي تُعدّ أسوأ مثال يمكن أن يُحتذى به.
وذكرت الصحيفة أن تداعيات هذا القرار وسلبياته يمكن أن تكون عديدة، لكنه يجب أن ينظر إليها قياسا ومقارنة بالفوائد المحتملة لهذا الحلّ التفاوضي. وبشكل عام، لا يمكن أن نتغافل عن أن معظم التقسيمات تُعمق ظاهرة تهميش الأقليات في العالم.
وتشير الصحيفة إلى أن تقسيم سوريا يتطلب دراسة عميقة لطبيعة التضاريس البشرية فيها، التي تشكّل تحديا حقيقيا؛ لضمان عدم فشل هذا القرار، وعدم حصول أي صراعات طائفية في المستقبل.
وأضافت أنه من المرجح أن قرار تقسيم سوريا سيثير مخاوف بعض الأقليات العرقية والدينية، وكذلك بعض الدول، مثل تركيا التي تخشى نشأة دولة كردية في سوريا.
وذكرت الصحيفة أن أغلب التقسيمات التي تحدث في العالم معقدة نوعا ما؛ لأن معظم الأطراف في الأغلب لا تكون راضية عن أي جانب من جوانب الاتفاق النهائي.
ومن المرجّح أيضا أن يُشكل هذا التقسيم مشكلة للقانون الدولي، الذي ينص على تكوين دول ذات سيادة ووحدة. هذا بالإضافة إلى أن هذا التقسيم من الممكن ألا يلقى ترحيبا من أعضاء مجلس الأمن، مثل بريطانيا العظمى، والصين، وروسيا التي لديها أيضا أقليات تسعى إلى الاستقلال عنها.
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من الانعكاسات السلبية لهذا التقسيم، إلا أنه يظل خيارا مفيدا يفصل الأطراف المتحاربة، ويقلص من الخسائر المترتبة على هذه الحرب المكلفة.
كما أن هذا التقسيم قد يُشجع اللاجئين على ترك المخيمات والرجوع إلى مواطنهم؛ تجنبا للمخاطر التي من الممكن أن يتعرضوا لها. وبالتالي سيتمكن المجتمع الدولي من إنشاء تلك "المناطق الأمنية" التي لطالما وعد بها.
كما قالت الصحيفة إن هذا التقسيم قد يضطر سوريا إلى التخلي عن جزء كبير من أراضيها لصالح السُنّة. لهذا السبب، فإنه من غير المحتمل أن يرحب الأسد بهذا الخيار.
وبالتالي، فإن هذه الفرضية قد تكون خطرا يسمح ببناء نظام فيدرالي خاص بتنظيم الدولة، والذي سيُمكنّه من الحصول على الحكم الذاتي، كما يمكنها أن تسمح أيضا بالخروج من المأزق الحالي، مثلما حدث قبل عشرين عاما في البوسنة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه لمواجهة مخاطر الحرب الأهلية، التي تتسبب يوميا في تزايد أعداد القتلى والمشردين، مع تفاقم حالة الفوضى على أرض الواقع في سوريا، فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار هذه الفرضية، وطرحها على طاولة المفاوضات خلال هذه المرحلة.