يرى
خبراء روس أن
قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب الجزء الرئيسي من القوات العسكرية الروسية بسوريا ابتداء من 15 آذار/ مارس الجاري، هو "تحفيز للمفاوضات الجارية بين الأطراف السورية في جنيف"، ومحاولة موسكو رمي الكرة في ملعب واشنطن التي كانت تتهم موسكو بعدم مساهمتها في عملية التفاوض السلمية.
في هذا الصدد، يرى بوريس دولغوف، الباحث العلمي في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن الهدف الرئيسي من هذا القرار هو دفع عملية التفاوض السورية — السورية.
ويضيف الباحث، بحسب وكالة (سبوتنيك) الروسية: "إن هذه الرسالة، موجهة لأولئك المشاركين في المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة، لحثهم على إيجاد حلول وسط، للبدء بالعملية السياسية في
سوريا".
وأوضح دولغوف أن "الرسالة الثانية موجهة نحو شركاء روسيا الغربيين، وشركائها من دول الخليج، لحثهم على التركيز في سياستهم على عملية السلام وإيجاد حل سياسي".
في حين اعتبر ستانيسلاف إيفانوف، أحد كبار الخبراء في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن قرار بدء سحب القوات الروسية من سوريا، أتى في الوقت المناسب، ذلك لتوافقه مع بدء المفاوضات بين الأطراف السورية.
وألمح إلى أن القوات الجوية الفضائية الروسية، قامت بتنفيذ مهمتها الرئيسية، المتمثلة بخلق ظروف ملائمة لبدء عملية السلام في سوريا، وأردف: "إن الخطوة الروسية أتت بالذات، عشية بدء جولة جديدة من المفاوضات السورية — السورية"، وبعد أن تم فتح الممرات الإنسانية، وانخفاض تدفق اللاجئين من سوريا.
ووصف القرار الروسي بأنه "خطوة من العيار الثقيل"، لذلك ينبغي له أن يلعب دورا إيجابيا.
وكشف الخبير الروسي أن هذه البادرة، تعد إشارة لجميع المشاركين في عملية التفاوض، سواء لحكومة الأسد أو للمعارضة المسلحة والأكراد وغيرهم من الأطراف الصغيرة المشاركة، بأن مصير سوريا بات في أيديهم، وقال: "إن هذه الخطوة، هي إشارة إلى جميع الأطراف المعنية… وهي بادرة حسن نية من قبل روسيا، التي لا تفكر بالبقاء في سوريا إلى الأبد، ولا تسعى لتمديد صلاحيات الأسد بالقوة".
وأوضح الخبير الروسي أن القيادة الروسية أكدت على أنها "تسعى إلى توفير فرصة للسوريين ليقرروا مصير بلدهم بأنفسهم، وأنها ستدعم أي قرار يتم اتخاذه من قبل السوريين بهذا الشأن".
وفي سياق متصل، قال الخبير العسكري الروسي ميخائيل ريابوف، إن "روسيا اتخذت هذه الخطوة لتكثيف مشاركتها في تنظيم عملية السلام في سوريا… ومن أجل تعزيز موقف الأسد، بحيث تتبلور مهمته ليكون بمثابة شخص تنحصر مهمته الرئيسية في ضمان السلام لبلاده، والمحافظة على وحدة أراضيها".
وأضاف أن "الكرة، كما يقال، باتت الآن في ملعب المعارضة والأمريكيين. سنرى كيف سيكون الرد على هذه المبادرة الروسية".
ودعا المسؤولين الروس إلى التصرف بسرعة "كي لا يسبقنا الأمريكيون في اختطاف المبادرة من أيدينا في هذه المسألة".
نسبة الانفراج في المفاوضات المقبلة ضعيفة
أكد بوريس دولغوف أن هناك حاجة إلى المفاوضات السورية-السورية، "لكنها ليست سوى جولة من جولات عدة، ولا ينبغي توقع حدوث انفراج نتيجة لهذه الجولة"، خصوصا إذا لم يكن هنالك "توافق عام في الآراء ضمن صفوف المعارضة ذاتها، وإذا لم تغير هذه المعارضة مطالبها المتمثلة برحيل الرئيس الأسد وغيرها من الشروط والمسبقة المعرقلة لعملية التفاوض"، على حد تعبيره.
وأضاف: "لا يمكن توقع حدوث أي نجاح ممكن ما لم تكن هناك مفاوضات بدون أي شروط مسبقة".
رغم الانسحاب فالحرب على تنظيم الدولة مستمرة
أوضح الخبير العسكري ميخائيل ريابوف أنه سيتم الاحتفاظ بمجموعة معينة من القوات الروسية في سوريا، مما يدل على أن العملية لا تزال مستمرة.
وقال ريابوف: "إنه من الصعب الآن تحديد بأي حجم سيتم خفض هذه المجموعة، من الضروري معرفة حجم المهام الملقاة على عاتقها".
واستطرد: "علاوة على ذلك، فإن مستشارينا سيبقون في الوحدات السورية، والذين يعود الفضل إليهم في الانتصارات التكتيكية التي تحققت، وفي تحسين خدمة الأسلحة والمعدات العسكرية".
ويعتقد الخبير العسكري أن مآل المعارك يعتمد على "مدى المضي قدما في مفاوضات السلام، ومدى ما نحن قادرون (أو غير قادرين) على الاستمرار في التوافق مع الأمريكيين".
ويرى بوريس دولغوف أن السيطرة على الرقة "هي مسألة وقت لا أكثر، نظرا لأن الهجوم عليها يجب أن تشارك فيها عدة قوى"، بما فيها الجيش الحكومي وقوات حماية الشعب الكردية.
جدير بالذكر أن سحب كافة القوات الروسية المتواجدة في سوريا، لن يتم بشكل كامل، بل ستبقى القوات المرابطة في مطار "حميميم" وميناء طرطوس متواجدة في قواعدها، إذ أكد وزير الدفاع، سيرغي شويغو، أن التواجد الروسي في ميناء طرطوس البحري وقاعدة "حميميم" الجوية سيستمر بالعمل كالمعتاد. مؤكدا بأنهما ستكونان محميتين برا وبحرا وجوا، وأن الجزء المتبقي من القوات السورية سيشارك في مراقبة وقف إطلاق النار.