تمر
الجزائر بفترة عصيبة، أمنيا واقتصاديا، وتقوم السلطة الجزائرية، منذ شهور، بحملة لحشد التأييد الداخلي لخياراتها لتجاوز هذه المرحلة، المتسمة بمخاطر النار المشتعلة على الحدود مع
ليبيا شرقا ومالي غربا، بالتوازي مع تراجع موارد الخزينة العمومية، وتراجع الحكومة عن تمويل المشروعات الكبرى.
لكن تصريحات مسؤولي الجزائر هذه الأيام، لا تكاد تخرج عن التحذير من مخاطر الإرهاب، في ظل قراءات خبراء أمنيين من أن
تنظيم الدولة المتواجد بليبيا، لن يجد له ملجأ سوى الجزائر في حال تم إقرار التدخل العسكري في هذا البلد.
وأزاحت السلطة بالجزائر، الأولوية الاقتصادية وجعلت صد المخاطر الأمنية في مقدمة انشغالاتها، عملا بعقيدتها "لا اقتصاد بلا أمن".
ويشن وزراء حكومة عبد المالك سلال، حملة لإقناع الجزائريين بضرورة الالتفاف حول سلطتهم لصد المخاطر المحدقة بالبلاد، والصبر على الحكومة، التي أقرت زيادات معتبرة بأسعار المواد الغذائية والوقود والكهرباء، بعد انهيار أسعار النفط وما نتج عنه من عجز بتمويل الخزينة العمومية، التي كانت الحكومة تدعم من خلالها المواد الواسعة الاستهلاك.
بالتوازي مع ذلك، لم يعد الفريق قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الجزائري، إلى مكتبه بوزارة الدفاع منذ أسابيع، وكرس وقته للتنقل بين النواحي العسكرية، لدعوة عساكره وضباطه إلى التأهب ورفع جاهزية الجيش للقتال في حال حدوث أي طارئ.
وقال مصدر من الجيش الجزائري، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء إن "جاهزية الجيش الجزائري على الحدود مع ليبيا (1700 كيلومتر) أقل من حالة حرب بدرجة واحدة، بمفهوم التصنيف العسكري المعتمد بالجزائر في حال المخاطر الأمنية".
وألقى صالح، خطابا ناريا، الأحد، لدى تفقده وحداته القتالية بمحافظة ورقلة، جنوب الجزائر، ووصف خبراء الخطاب بـأنه "خطاب حرب"، ما زالت تداعياته على ألسنة الخبراء.
وقال صالح إن "الاضطرابات الأمنية التي تعيشها المنطقة تنذر بعواقب غير محمودة على أمنها واستقرارها، وهو ما يُملي على أفراد الجيش الوطني الشعبي التحلي بالمزيد من الحرص واليقظة".
ويرى عبد العزيز مجاهد، اللواء المتقاعد من الجيش الجزائري، في تصريح لصحيفة "
عربي21" الثلاثاء، إن "الفريق صالح بخطابه القوي، كان متوجها للجزائريين بدعوته إياهم إلى الاستعداد للحرب، من خلال دعوته ضباطه لرفع الجاهزية القتالية للوحدات العسكرية المرابطة على الحدود مع ليبيا".
وشدد قايد صالح على أن "ما تعيشه منطقتنا في الوقت الراهن من اضطرابات وتفاقمات أمنية غير مسبوقة، ينذر بالتأكيد بعواقب وخيمة وتأثيرات غير محمودة على أمن واستقرار بلدان المنطقة"، معتبرا أن هذا الوضع "يملي علينا في الجيش الوطني الشعبي التحلي بالمزيد من الحرص واليقظة، حتى تبقى الجزائر عصية على أعدائها ومحمية ومصانة من كل مكروه".
ويعتقد رمضان حملات، الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية، أن "خطاب صالح لا يحتاج إلى فك طلاسم، نحن أمام وضع أمني خطير وتهديد صريح لاستقرار البلاد".
وقال حملات في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، إن "الصراع بين الليبيين اشتد ضراوة منذ الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، والأزمة الأمنية بهذا البلد زادت تعقيدا في ظل فشل الضغوط الخارجية على أطراف النزاع بليبيا قصد التوصل لحل سياسي سلمي".
وقتلت قوات الجيش الجزائري، الاثنين، مولود بعيل، المكنى بـ"أبي المنذر"، وهو أمير تنظيم "جماعة حماة السلفية" التي بايعت تنظيم الدولة، شهر حزيران/ يونيو 2015، وذلك بمحافظة تيبازة غربي العاصمة، في عملية نوعية قادتها قوات النخبة التابعة للجيش الجزائري.