يبدو أن المحاكمات التي أقامتها الحكومة
المصرية ما هي إلا محاكمات صورية، حيث انطلق مؤخرا قطار التسويات المالية الودية مع رموز نظام الرئيس المخلوع، حسنى مبارك، مقابل إسقاط التهم الموجهة لهم والتي غالبا ما جاء مجملها في تحقيق ثروات غير مشروعة.
في اجتماعها الأخير، وافقت حكومة المهندس شريف إسماعيل على طلبات التسوية الودية المقدمة من أربع شخصيات ورجال أعمال.
البداية بـ"حسين سالم"
وبدأت إجراءات التسوية برجل الأعمال المصري، حسين سالم، الهارب في إسبانيا، والذي أعلن أمس، أن الحكومة المصرية قبلت العرض الذي قدمه للتنازل عن أكثر من نصف ثروته مقابل التصالح والعودة إلى مصر.
وقال سالم إنه ينتظر انتهاء الإجراءات والقرار النهائي، منوها إلى أنه تم نقل ملكية الأصول التي يمتلكها إلى الحكومة المصرية، حيث تنازل عن 78% من إجمالي ثروته، ما يساوي 5.7 مليار جنيه مصري، تعادل نحو 730 مليون دولار.
مبارك ونجلاه
وضمت القائمة الأولى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ونجليه علاء وجمال، بالإضافة إلى إقرار تسويتين أخريين، على أن يتم خلال الأيام المقبلة التوقيع على اتفاق التسويات، بعد سداد الأموال المتفق عليها، لإنهاء المنازعات وديا، تمهيدا لإسقاط الدعاوى القضائية.
وترددت أنباء مؤخرا حول التقاء المستشار عادل السعيد، رئيس الجهاز، فريد الديب، محامي مبارك ونجليه، أكثر من مرة، لبحث إمكانية التصالح في القضايا المتهمين فيها، والتي لا تزال محل تحقيق أمام الجهاز للاتفاق على سداد المبالغ محل اتهامهم.
وزراء حكومة نظيف
وتشمل قائمة التصالح التي وضعها الجهاز،
رجال أعمال ومسؤولين آخرين سابقين، بينهم رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق الهارب، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى الأسبق، وزكريا عزمي.
ومن المتوقع أن تبلغ قيمة التسويات التي يسددها قرابة الـ38 من رجال أعمال حكم الرئيس المخلوع ووزرائه ورموز عهده، نحو 110 مليارات جنيه، مقابل التصالح في قضايا الكسب غير المشروع، التي اتهموا فيها بالحصول على أموال تخص الدولة، ولا حق لهم فيها، وذلك وفق أحكام قضائية ابتدائية، أو تحقيقات نيابة الأموال العامة.
والكارثة أن الحكوةمة المصرية لم تلتفت إلى أن مبدأ التصالح في حد ذاته قد يثير جدلا بين مؤيد ومعارض، لأنه في النهاية لا يحاسب المسؤولين سياسيا، بينما يحاسبهم على تربحهم من وظائفهم ومناصبهم التي استغلوها، وتكسبوا منها دون وجه حق..
لكن في النهاية يرى مؤيدو التصالح، أن حبس هؤلاء الرموز لن يفيد الدولة في شيء، في حين أن المبالغ التي سيتم سدادها حال إتمام التصالح قد تفيد الدولة في محنتها الاقتصادية.
وتأتي هذه الرؤية على العكس من الرؤية التي تبناها الإعلام المصري إبان حكم الرئيس محمد مرسي، حيث إنهم كانوا يطالبون بسداد مبالغ أكثر بكثير من الحالية، شريطة عدم إسقاط المحاسبة السياسية، أو المسامحة في أي حق من حقوق الدولة.
رجال مبارك المخلصون
ولعل أبرز من سارعوا للتقدم بطلب لجهاز الكسب غير المشروع للتصالح هو "منير ثابت" شقيق سوزان مبارك، وذلك في القضية رقم 54 لسنة 2012 حصر أموال عامة شرق القاهرة، المتهم فيها بالاستيلاء على ثلاثة مليارات جنيه، نتيجة استغلال نفوذه كصهر للرئيس المخلوع مبارك، ما سهل له التربح من غالبية المناصب التي تولاها.
وضمت قائمة المصالحات "زكريا عزمي"، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، الذي تقدم بطلب للمصالحة في القضية المتهم فيها بالاشتراك مع شقيق زوجته جمال عبدالمنعم حلاوة، بتحقيق كسب غير مشروع بلغ 42 مليونا و598 ألف جنيه، مستغلا نفوذه وعضويته بالبرلمان، وتقلده مناصب قيادية في الحزب الوطني المنحل حينها.
وتقدم محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، بطلب للتصالح معه في القضية رقم 4597 لسنة 2013 جنايات السيدة زينب، وعقب صدور حكم ضده بإلزامه برد مليار و64 مليون جنيه، بالقضيتين المعروفتين بـ"الحزام الأخضر" وقضية "سوديك".
وتقدم أيضا رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، الهارب خارج مصر، بطلب للتصالح في أربع قضايا، اتهم فيها بالإضرار بالمال العام، والاستيلاء على نصف مليار جنيه تم تهريبها إلى قبرص، بعدما تولى منصبه الوزاري.
وسارع وزير السياحة الأسبق، زهير جرانة، بطلب للتصالح في القضية 2437 لسنة 2011 جنايات الجيزة، المتهم فيها بالتربح وإهدار المال العام، وامتلاك وحدات سكنية وقطع أراض وأموال سائلة ومنقولة بالبورصة والشركات والبنوك، التي تبين حصوله عليها باستغلال نفوذه من خلال عمله وزيرا للسياحة، وتربيح الغير من خلال استغلال منصبه الوزاري.
قائمة رجال الأعمال
إلى ذلك، فقد حرص عمرو النشرتي، رئيس مجلس إدارة شركة المجموعة المصرية العقارية، على التصالح في القضية رقم 3011 لسنة 2004 جنايات العجوزة، المتهم فيها بالاشتراك مع 11 آخرين من مسؤولي بنك قناة السويس بالاستيلاء على مليار جنيه في صورة قروض بدون ضمانات وديون متعثرة، علاوة على أنه تقدم بطلب تصالح في القضية التي تعود أحداثها إلى عام 2004.
وانضم لقائمة المتصالحين وليد توفيق صادق توفيق، أحد أكبر رجال الأعمال بسوق السيارات، والوكيل السابق لسيارات "كيا" في مصر، المتهم في القضية رقم 1224 لسنة 2014 جنايات قصر النيل، حيث إنه متهم فيها بالاستيلاء على مبلغ 11 مليونا و188 ألف جنيه من بنك مصر، نظير حصوله على قرض "بدون ضمانات".
وتقدم طارق عبدالقادر أبو المجد، مدير قطاع العقارات ببنك الإسكندرية، بعدما ثبتت إدانته بموجب حكم قضائي في القضية رقم 10216 لسنة 2013 جنايات عابدين، بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء لصالح الغير على مبلغ يقدر بـ4 ملايين و183 ألفا و35 جنيها، من خلال تزوير محررات رسمية، بطلب لجهاز مكافحة الكسب غير المشروع للتصالح معه.
يشار إلى أن قائمة أسماء الـ38، جاءت كالآتي: زكريا عزمي- 42 مليونا و598 ألف جنيه، وصفوت الشريف- 300 مليون جنيه، ورشيد محمد رشيد- نصف مليار جنيه، ومحمد إبراهيم سليمان- 28 مليون جنيه، بالإضافة إلى وائل سليمان الديب- 128 مليون جنيه، ومحمد السيد علام- 319 مليون جنيه، وعادل محمد السمان- 20 مليونا و562 ألف جنيه، وشوقي عبدالباري عز الدين- 11 مليونا و188 ألف جنيه.
ومن ضمن القائمة أيضا: طارق عبدالقادر أبو المجد- 4 ملايين و183 ألف جنيه، ومجدي محمد مسعد العلايلي- مليون و550 ألف جنيه، وأحمد عبده بدوي- 145 ألف جنيه، وعمرو النشرتي- أكثر من نصف مليار جنيه، وأنس الفقي- 33 مليونا و400 ألف جنيه، وسليمان عامر طعيمة- أكثر من مليار و250 مليون جنيه، وزهير جرانة.
وشملت القائمة أيضا: منير ثابت، ويونس عبدالكافي عثمان، و أحمد عبد الفتاح سيد، وهاني منصور عبدالعزيز، وعلي شعراوي حسين، وخالد أحمد حاسبو، ومصطفى محمود فهمي، وعمرو محمد عبد العزيز، ووليد توفيق صادق توفيق، ووليد أحمد السيد، ومحمد نعيم محمد حسين، وصلاح عبد العزيز محمد عوض، ومحمد عبدالمنعم إبراهيم، ومحمد محمود خيري، وعمرو محمد أحمد عناني، وأحمد سامي محمد، وساهر فخري إسكندر.. بالإضافة إلى: ممدوح سعد محمد القديم، ومدحت محمد حلمي، ومحمد رشاد القرماني، وأحمد هشام كرم الدين، ومحمد فوزي زرد، وشريف خليفة إبراهيم.