في محاولة من الحكومة
المصرية لتهدئة المخاوف بشأن انهيار الجنيه أمام الدولار، وقعت مصر استثمارات بقيمة 9 مليارات دولار مع
السعودية، وذلك في إطار مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها الحكومة في المرحلة الجارية.
وكان العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أصدر توجيهات، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بزيادة استثمارات المملكة في مصر لتتجاوز 8 مليارات دولار.
وتحظى مصر بدعم قوي من السعودية منذ الانقلاب على الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013.
وقدمت السعودية في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ منتصف أذار/مارس الماضي، حزمة مساعدات لمصر بقيمة 4 مليارات دولار.
وسعى طارق عامر، محافظ
البنك المركزي، إلى إثبات عكس الصورة الحقيقية ومخالفة المؤشرات التي تؤكد وجود أزمة بمصر، قائلا إن فكرة هروب الاستثمارات كلام مغرض وغير حقيقي، مشيرا إلى أن مصر أكبر سوق تعطي أرباحا للمستثمرين والمؤسسات الاقتصادية، وأنه لا توجد سوق تعطي ربحية للقطاع الخاص مثلما تفعل مصر.
وتابع عامر: "نسعى لاحتواء الأسعار وندافع عن اقتصاد مصر لأن اقتصادها قوي ولكنها تواجه تحديات، وأي كلمة لن تخيفنا وسننظم الأمور ليستطيع الشعب المصري الاستفادة من المناخ الاقتصادي".
لكن يبدو أن عامر لم يلتفت إلى أن هناك حالة من السخط والغضب سادت بأنحاء الجمهورية بين المواطنين، جراء ارتفاع الأسعار، وما زاد غضبهم تصريحاته التي قال فيها، إن الحكومة تدعم أسعار السلع الأساسية والبنك يوفرها بأسعار الصرف الرسمية حتى تصل للجميع.
وقد تدهور سعر الجنيه المصري بسبب أزمة في موارد النقد الأجنبي جراء انهيار القطاع السياحي وقلة الاستثمارات الأجنبية في ظل اضطرابات أمنية وسياسية تعيشها البلاد.
وكانت قد تصاعدت أزمة نقص الدولار في مصر وارتفع السعر في السوق غير الرسمية السوداء ليتخطى السعر الرسمي بفارق 120 قرشا، حيث بلغ بالسوق الموازية 903 قروش للدولار مقابل 783 قرشا في التعاملات الرسمية.
وتوقع المحللون أن تؤدي أزمة الدولار بمصر إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع المستوردة، رغم المحاولات التي يجريها البنك المركزي للسيطرة على الأزمة.
كما شهدت مصر في الفترة الماضية خللا اقتصاديا، أجبر الحكومة المصرية على وضع مسكنات لاحتواء الأزمة، علاوة على التصريحات الوردية التي خرج بها محافظ البنك المركزي، والتي تضمنت أن الحكومة تدعم أسعار السلع، والبنوك توفر العملة الصعبة بأسعار الصرف الرسمية لتوفير السلع التموينية الأساسية والأدوية.
علاوة على أن الحكومة اتخذت مؤخرا إجراءات اقتصادية قوية، لمعالجة القصور الهيكلي في أوضاع معينة بميزان المدفوعات والموازنة العامة، وهو ما ينعكس إيجابا على أداء الاقتصاد المصري.
يذكر أن أسعار المنتجات بالأسواق المصرية شهدت ارتفاعا ملحوظا في الأيام الأخيرة، بسبب ارتفاع سعر الدولار الأمريكي، حيث تجاوز الـتسع جنيهات، فضلا عن تفاقم شح العملة الصعبة وتراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتحصل مصر على العملة الصعبة من ثلاثة مصادر أساسية هي قناة السويس ـ السياحة ـ تحويلات المصريين بالخارج، علاوة على أنه كانت ترددت أنباء مؤخرا عن هروب المستثمرين من مصر، بسبب شح الدولار بالسوق المصرية.
ناهيك عن أنه خلال الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، لجأت البنوك العاملة في السوق المحلية إلى توظيف السيولة العالية لديها في أدوات الدين الحكومية، أذون وسندات الخزانة، كبديل استثماري آمن لفوائض الأموال في ظل ارتفاع العائد على تلك الأدوات الذي وصل إلى 16%.
وكان هذا البديل الاستثماري أمام البنوك نتيجة تراجع الطلب على الائتمان من قبل الأفراد والشركات نتيجة الحذر الذي سيطر على المستثمرين والترقب الذي ساد بالأسواق نتيجة الاضطرابات الأمنية والسياسية.
وأيضا كان عدد من الخبراء الاقتصاديين قد أكدوا أن الجنيه المصري سيواصل الهبوط أمام الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة، مرجحين استمرار النزيف حتى يصل الدولار إلى 10.25 جنيهات في أيلول/سبتمبر 2016، وذلك وفقا لتقدير عدد من كبرى البنوك العالمية.
ولفت محللون إلى أن مصر لن تستطيع الصمود كثيرا أمام الحاجة الماسة لتخفيض الجنيه، لأن ذلك يهدد تنافسية الصادرات المحلية والقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلا عن الحاجة إلى دعم الاحتياطي الأجنبي الذي فقد أكثر من 50% من قيمته منذ ثورة يناير.