كتاب عربي 21

بعد زيارة داود أوغلو إلى إيران: هل يأتي الترياق من الترك والعجم؟

1300x600
شكلت زيارة رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو إلى إيران قبل عدة أيام، والمواقف التي أعلنها خلال هذه الزيارة تطورا مهما في العلاقات التركية-الإيرانية، ومؤشرا على إمكانية أن يقوم البلدان بدور مشترك في معالجة الأزمات القائمة في العالم العربي والإسلامي، ولا سيما على صعيد الأزمة السورية والعلاقات السعودية-الإيرانية، وقد أعلن أوغلو بعد لقائه الرئيس الإيراني الدكتور حسن روحاني أن هناك خمس نقاط تم الاتفاق عليها بين إيران وتركيا وهي التالية:

أولا: إظهار إرادة سياسية قوية لحل مسائل المنطقة من قبل الأطراف الإقليميين.

ثانيا: عدم السماح بالتفريط بوحدة سوريا بغض النظر عن شكل الحل في هذا البلد، وهذه النقطة تشكل أرضية مهمة للاتفاق بين البلدين.

ثالثا: دعم وقف إطلاق النار من أجل عدم تخريب الجو السياسي الذي سيتشكل، وأن المفاوضات السياسية ستهيئ الأرضية لوقف نزيف الدم السوري.

رابعا: على صعيد الإدارة السياسية لمستقبل سوريا، فيجب أن لا تكون البنية السياسية في سوريا خاضعة لعرق أو مذهب واحد، بل أن تبدأ مرحلة جديدة يتم فيها تمثيل كافة مكونات الشعب السوري.

خامسا: التعاون بين تركيا وإيران دون شروط أو قيود أو حدود لمواجهة الإرهاب.

وأوضح أوغلو: "ربما كانت لدينا وجهات نظر مختلفة، لكن ليس بمقدورنا تغيير جغرافيتنا أو تاريخنا، ومن الأهمية بمكان لتركيا وإيران إيجاد منظور مشترك ما من اجل إنهاء القتال بين أشقائنا في منطقتنا، ووقف الصراعات العرقية والطائفية وفتح صفحة جديدة في العلاقات".

وبعد هذه الزيارة، والتي جرى خلالها التوقيع على اتفاقيات جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، نقلت وكالة تاس الروسية تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني أشار فيها لاحتمال قيام وفد سياسي إيراني لزيارة السعودية في المرحلة المقبلة.

هذه الأجواء الإيجابية على صعيد العلاقات التركية- الإيرانية وإمكان قيام هذين البلدين بدور أساسي في معالجة الأزمات في المنطقة ولا سيما في سوريا والعراق، وكذلك بشأن التوتر بين إيران والسعودية، يؤكد أن لا خيار للدول العربية والإسلامية إلا البحث عن حلول للأزمات القائمة، وأن التصعيد السياسي والاعلامي واستمرار الخلافات لن يؤدي إلى أية نتيجة، بل إن الاتفاق الروسي – الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار في سوريا سيستمر وهو يحظى برعاية دولية وإقليمية ويلقى قبولا في الأوساط الشعبية السورية بعد المعاناة المستمرة طيلة السنوات الخمس.

والخطورة الكبرى على صعيد التطورات السورية أنه في موازة العمل لتطبيق وقف إطلاق النار في سوريا والعودة للمفاوضات السورية؛ برزت بعض التصريحات الروسية والأمريكية بشأن اعتماد الفيدرالية في سوريا مما قد يمهد للتقسيم في سوريا والعراق وإقامة دولة كردية، وهذا ما يذكرنا باتفاقية سايكس – بيكو بعد الحرب العالمية الأولى، والتي أنهت حلم العرب بإقامة دولة موحدة، رغم تعاونهم مع فرنسا وبريطانيا آنذاك لإنهاء الخلافة العثمانية.

إذن؛ الدول الكبرى تعمل من أجل تحقيق مصالحها، ولو على حساب العرب والمسلمين، ومن هنا أهمية التعاون التركي – الإيراني لمعالجة أزمات المنطقة والتأكيد على وحدة سوريا، والتعاون لإنهاء الصراعات القائمة ومواجهة الإرهاب، ويمكن أن تنضم إلى هذا التعاون دول عربية وإسلامية كبرى مثل باكستان والسعودية ومصر، ومن خلال هذا التعاون تتم معالجة كافة الأزمات والتمهيد لعقد قمة منظمة التعاون الإسلامي في تركيا، في شهر نيسان/ أبريل المقبل، وبذلك تتحول هذه القمة إلى فرصة مهمة لتقديم الحلول لمعالجة الأزمات القائمة.

ومن خلال كل هذه المعطيات؛ فلا مانع أن يأتي الترياق و الحل من الترك والعجم، إذا كانت هذه الحلول لصالح الدول العربية والإسلامية بدل أن يكون العجم والترك سببا لمشاكلنا وخلافاتنا كما يسعى الكثيرون لتظهير ذلك لأسباب تاريخية أو مذهبية.