ما إن أعلنت الحكومة
العراقية الشروع ببناء سور أمني، يعزل محيط
بغداد من جهة المناطق والأقضية الشمالية والغربية التي يقطنها العرب الُسُنة، بحجة حماية العاصمة من تسلل "الإرهابيين" ومنع وصول السيارات المفخخة إليها، حتى بدأت إجراءات التضييق والتشديد الأمني والمنع عبر الحواجز، خصوصا للأهالي الوافدين من محافظة
صلاح الدين.
وذكر مواطنون محتجزون عند بوابات السيطرات في قضاء الطارمية شمالا؛ أن لواء 22 مشاة في الجيش العراقي، يواصل ولليوم الخامس على التوالي، منعهم من دخول العاصمة دون ذكر سبب واضح.
ووفق ما أكد بعضهم لـ"عربي21"، فإن ضابطا أبلغهم بقرار صادر من جهات عليا من قيادة عمليات بغداد؛ يقضي بعدم مرورهم، "لاحترازات أمنية بحتة"، دون أن يعطيهم الضابط مزيدا من التفاصيل، طالبا منهم المغادرة والعودة إلى صلاح الدين لتجنب صعوبات ومشقة البقاء في العراء.
ووصف جاسم الحمدون، أحد الممنوعين من دخول مدينة بغداد، ما جرى معه، قائلا لـ"عربي21": "واجهت أنا وعائلتي متاعب كبيرة حتى تمكنت بلوغ حواجز حدود بلدة العبايجي العسكرية، ومع وصولنا حل الظلام.. حاولت اجتياز أول الحاجز، لكن أحد عناصر الأمن أوقفني إلى جانب الطريق ضمن طابور طويل من السيارات، وبعدما تأكدوا أننا قادمون من صلاح الدين، رفضوا السماح لنا بالعبور وتركونا لمصيرنا".
وقال الحمدون: "يتعمدون معاملتنا معاملة الغرباء، مصنفين على لائحة الإرهاب"، على حد قوله.
أما الدكتور علاء ياسين، فيقول في حديث خاص مع "عربي21": "لقد منعوني من الدخول". وأشار إلى أنه فوجئ بهذا القرار رغم إبراز هويته التعريفية التي تؤكد أنه يعمل طبيبا، ويعمل منذ قرابة العامين بإحدى مشافي بغداد الحكومية.
وأوضح أن أحد الجنود رفض السماح له بدخول العاصمة، وقال له: "نحن نتعذر. الأمر ليس بأيدينا. الكل تحت سلطة القانون يخضع.. أنت تقطن محافظة صلاح الدين، عد من حيث أتيت، أو ائْتِ بكتاب رسمي من وزير الصحة شخصيا"، وفق ما نقله الدكتور علاء عن الجندي.
وأبدى الطبيب العراقي ندمه على البقاء في العراق بين هؤلاء، ولم يختر الهجرة خارج البلاد؛ لأنه يعامل بشكل يحترم مهنته الإنسانية التي لم تشفع له، على حد قوله.
وأكد الدكتور علاء أن بغداد باتت ممنوعة على العراقيين السُنة، وقال: "لا يريدون احترامنا والتعايش معنا" بحسب وصفه. ويرى أن هذا التصرف يعزز الشعور لدى طيف واسع من السُنة؛ ببداية مرحلة إعلان تقسيم العراق طائفيا.
وفي السياق ذاته، عبر نواب وسياسيون عن محافظة صلاح الدين؛ عن قلقهم البالغ جراء عرقلة قيادة عمليات بغداد دخول سكان صلاح الدين، لافتين إلى أن هذه الممارسات تعد لونا من ألوان التميز العنصري بين أبناء البلد والواحد، بحجة الخوف من اختراق العاصمة من الإرهاب، بحسب قولهم.