جديد سياسة لبنان: من رائحة فمك أُدينك

ويستمر لبنان في تسجيل الظواهر الغريبة في السياسة المحلية، فبعد ترشيح النائب سعد الحريري لمنصب رئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية، الشقيق الروحي للرئيس بشار الأسد الذي يتهمه سعد بقتل أبيه الرئيس رفيق الحريري، وبعد تبني الدكتور سمير جعجع ترشيح عدوه النائب ميشال عون الحليف الجديد بِصفة أبدية للسيد حسن نصر الله، ها هو وئام وهاب، اللسان "المِنشار" لقوى 8 آذار، يزور ميشال معوض نجل النائبة السابقة نائلة معوض (قوى 14 آذار) وخصم فرنجية التقليدي في دائرته الانتخابية، ردا على تناغم فرنجية مع الحريري، وهي زيارة نجحت في استفزاز فريق عمل فرنجية وعبرت عنه "فيرا يمين" بالتندر على وئام وهاب، واستصغار حجم تمثيله الشعبي الذي لا يرقى إلى مستوى الحليف الكامل النمو.

وئام وهاب الذي لطالما أثرى قاموس المصطلحات السياسية والإعلامية اللبنانية بعبارات من حواضر خزانة الأحذية ومحتويات ما تحت الزنار، أدخل مؤخرا معيارا جديدا لتقييم الخصم السياسي وهجائه وهو رائحة الفم.

فبعد أن كال لسليمان فرنجية الاتهامات بالخيانة والسرقة وفرض الخوات وتلويث البيئة، وبأنه صغير لا يرقى إلى مستوى الكبار، وصف مساعِدة فرنجية فيرا يمين بالعجوز القبيحة المتملقة الخائنة، وبأنها صاحبة رائحة الفم الكريه. فانشغلت الأوساط الإعلامية ولا تزال في معرفة كيفية اطلاع وهاب على رائحة فم فيرا، وما علاقة ذلك في الموقف السياسي وفي صراع السباق إلى قصر بعبدا، مقر رئاسة الجمهورية اللبنانية.

ليست المرة الأولى التي يقحم فيها الفم معترك الشجار السياسي في لبنان، فقبل ذلك وفي قاعة البرلمان طلب نائب حزب الله علي عمار من نائب 14 آذار إلياس عطا الله أن يطهر "نيعه" – أي فمه - قبل أن يبدأ بذكر حزب الله على لسانه، وفي البرلمان أيضا وخلال إحدى الجلسات تطور إشكال بين النائبين من تيار "عون" زياد أسود ومن تيار "المستقبل" جمال الجراح إلى التراشق بزجاجات المياه، وذلك بعد توجّه الجراح لأسود بالقول "سد بوزك" – أي فمك - واتهامه بسرقة الكهرباء. وفي حادثة أخرى توجه النائب خالد الضاهر إلى كل من يقترح إرسال نفايات بيروت إلى ريف عكار لطمرها، بالقول: "سد بوزك" وضع الزبالة فيه.

بيد أن الإضافة الأخيرة التي سجلها وئام وهاب، الذي يصل لسانه إلى حيث لا يتخيل الآخرون، هو إدراج رائحة الفم إلى قائمة معايير تقييم الأداء السياسي، فإذا كانت كريهة فهذا يعني أن الأداء منحط وبالتالي فإن الخيانة متلازمة مع الشخصية السياسية، التي تعاني مثلا من التهابات في اللثة أو من فطريات في المعدة تجعل الفم نتِنا خلال ساعات الليل والنهار. فالقاعدة "الوئامية الوهابية" الجديدة تقول: من رائحة فمك أدينك

قاعدة تذكر بقصة الطالبين "باسم" و"رجا" اللذين التقيا في سيارة أجرة تقلهما إلى العاصمة للانتساب إلى الجامعة، وهناك سجل رجا في كلية الحقوق فيما احتار باسم إلى أي كلية ينتسب، فنصحه مدير شؤون الطلبة بأن يتوجه نحو الاختصاصات الحديثة مثل "علم المنطق". سأله الطالب الغبي وما هو علم المنطق، فرد المدير بسؤال: هل تملك عائلتك كلبا؟ رد باسم بالإيجاب. فقال المدير هذا يعني أنكم تملكون منزلا منفردا وليس شقة في بناية، لأنه من غير المنطق أن يعيش الكلب معكم في شقة. أضاف المدير: وهذا يعني أن والدك ثري لأنه يملك منزلا مستقلا في مدينة، والمنطق يحتم أيضا أن والدتك سيدة فاضلة ساعدت أباك على بناء عائلة وثروة. وافق الطالب على التسلسل "الرائع" وسجل في "علم المنطق".

في طريق الإياب صادف باسم في سيارة الأجرة مرة أخرى رجا، فسأله الأخير إلى أي فرع انتسبت، رد باسم: في "علم المنطق". وما هو علم المنطق؟ سأل رجا. فسأله باسم: هل تملك عائلتك كلبا؟ رد رجا بالنفي. فسارعه باسم بالقول: هذا يعني أن أمك سمعتها سيئة.