تساءلت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير عمن يحكم
الجزائر اليوم، ووضعت تحت صورة الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة السؤال الآتي:"هل شاهد أحد منكم هذا الرجل؟".
وتقول المجلة: "تبدو وكأنها لوحة إعلانية تبحث عن شخص ضائع وتقول: رجل عمره 78 عاما على كرسي متحرك، لم يره الناس منذ عامين".
ويشير التقرير إلى أن "هذا هو وصف للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي عانى من ترد في صحته في السنوات الأخيرة، منها جلطتان دماغتيان، قادتا إلى إشاعات عن حدوث انقلاب في القصر".
وتعلق المجلة قائلة: "لا يستطيع بوتفليقة التحدث، ويقال إنه يتواصل مع وزرائه بالكتابة، وهؤلاء يصرون على أنه في حالة عقلية تامة، وأنه يدير الأمور، ولكن عددا من المقربين من الرئيس لا يصدقون هذا، فهم لم يروا الرئيس منذ سنة، وطالبوا بمقابلته، ولكن دون نتيجة، يقولون إنه شخص مفقود، وهم محقون".
ويلفت التقرير إلى أن "السياسة الجزئراية هي في العادة مليئة بالتآمر، فقد سيطرت على البلاد ولعقود مجموعة من عرابي القوة غير المنتخبين، ويعرفون في الجزائر باسم (السلطة)، وهي مجموعة تتكون من رجال أعمال ومن النخبة السياسية والعسكرية، ولكن مع تدهور صحة بوتفليقة يبدو أن هناك صراعا داخل المجموعة حول من سيخلفه" .
وتذكر المجلة أن "الخلاف تمظهر عبر سلسلة من التغييرات في داخل المؤسسة الأمنية، التي قدمت على أنها قرارات من بوتفليقة، منذ إعادة انتخابه عام 2014. وتم التخلص أو إلقاء القبض على عدد من كبار الرموز في الدولة، ومن أهمهم الجنرال محمد (توفيق) مدين، الذي تم تهميشه بعد قيادته للمخابرات العامة لخمسة وعشرين عاما؛ كونه رجلا لديه ملف عن كل شخص، فقد كان مدين صانع الملوك (وهو عدو للمتمردين والإسلاميين)".
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى التغييرات الجديدة؛ "ففي كانون الثاني/ يناير تم حل المخابرات العامة واستبدالها بمديريات جديدة تحت إشراف الرئيس، ويبدو أن التحرك مقصود منه التخلص من الرموز المستقلة، مثل مدين، أو من مجموعة (السلطة). وتركزت قوة جديدة في يد رئيس هيئة الأركان الجزائري أحمد قايد صالح، وفي يد شقيق الرئيس الأصغر سعيد، الذي يعتقد البعض أنه من يتخذ القرارات. ولكن الخبراء يقولون إن سعيدا لا يحظى بدعم الجيش أو الرأي العام".
وتذكّر المجلة قائلة إن "الجزائريين تعودوا على الغموض، فلم يكن يعرف إلا قلة منهم أن الرئيس هواري بومدين كان مريضا حتى توفي في عام 1978. وفي ذلك الوقت نظر بوتفليقة على أنه خليفة محتمل، ولكن الجيش تجاوزه، وبعد عقدين طلبه الجنرالات، ودعموه لتولي المنصب".
ويستدرك التقرير بأن مشكلات اختفاء الرئيس تثير عددا من التعقيدات، منها أن الجزائر تمر بحالة صعبة، رغم أنها تجنبت الثورات التي مرت على العالم العربي بعد عام 2011.
وتورد المجلة أن الحكومة كانت قادرة على شراء السلام في داخل البلاد، عبر تقديم الدعم للمواد الأساسية، وتوفير الإسكان، ورفع رواتب الموظفين، إلا أن تراجع عوائد
النفط يعني عدم قدرة الدولة على مواصلة هذا كله، مشيرة إلى أن الاحتجاجات على زيادة الأسعار والأجور القليلة صارت أمر عاديا، وزادت الاضطرابات في كل من ليبيا وتونس، وصعود الجهاديين فيهما، من مظاهر القلق.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول، إن "تعديل
الدستور، الذي وعدت به الحكومة في أثناء
الربيع العربي وقدم للبرلمان، كان محاولة لاسترضاء الرأي العام، وكان الغرض من التعديل هو تحديد ولاية الرئيس بمرتين، وجعل اللغة البربرية لغة رسمية، وإلا فإن الوضع القائم سيظل قائما. وكان هناك حديث عن استحداث منصب نائب الرئيس لتسهيل عملية الخلافة، وقد رفض هذا، ممن؟ لا أحد يعرف".